أولاً:
صفة وضع اليدين عند السجود.
السنة في صفة وضع اليدين في السجود: أن يستقبل بيديه القبلة مضمومة الأصابع، ويجافي ذراعيه عن الأرض، ويجعلهما حذو منكبيه، أو حذو أذنيه.
ففي حديث أبي حميد الساعدي في وصفه صلاة النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثم سجَدَ، فأمكَنَ أنفَه وجبهتَه، ونحَّى يدَيْهِ عن جَنبَيْهِ، ووضَع كفَّيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ ... الحديث" رواه أبو داود (734) وصححه الألباني.
وفي حديث وائل بن حُجْرٍ قال في وصفه صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: ".. ثم سجَدَ، ووضَع وجهَه بين كفَّيْهِ" رواه أبو داود (723) وصححه الألباني.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وعلى هذا، يكون موضع اليدين على حذاء المنكبين، وإن شاء قدَّمهما وجعَلهما على حذاءِ الجبهة، أو فُروع الأذنين؛ لأن كلَّ هذا مما جاءت به السنَّةُ" انتهى من "الشرح الممتع" (3/122).
وعند ابن خزيمة (642) من حديث وائل بن حجر، أن النبي صلى الله عليه وسلم" كان إذا سجد ضم أصابعه".
وعند البيهقي (2736) من حديث البراء بن عازب قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد، فوضع يديه بالأرض؛ استقبل بكفيه وأصابعه القبلة" صححهما الألباني في "أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" (2/ 726).
قال النووي رحمه الله:
والسنة أن يضم أصابع يديه، ويبسطها إلى جهة القبلة، ويضع كفيه حذو منكبيه، ويعتمد على راحتيه، ويرفع ذراعيه ويكره بسطهما وافتراشهما انتهى من "المجموع شرح المهذب" (3/ 431).
وقال ابنُ قُدامة: (ويُستَحَبُّ أن يضع راحتيه على الأرض، مبسوطتينِ، مضمومتيِ الأصابِعِ بعضها إلى بعض، مستقبِلًا بهما القِبلة، ويضعهما حَذْوَ منكبيه" انتهى من "المغني" لابن قدامة (2/ 201).
ثانياً:
صفة وضع اليدين في الجلوس بين السجدتين.
اختلف العلماء أهل العلم في صفة وضع اليدين في الجلوس بين السجدتين؛ لأنه لم يرد شيء صريح في السنة في صفة وضع اليدين عند الاعتدال.
فمذهب المالكية والشافعي.: أنه يستحب أن يضع يديه قريبًا من ركبتيه منشورة أصابعه، مضمومة إلى القبلة،
وقال الحنفية والحنابلة: يبسط يديه على فخذيه، مضمومتي الأصابع.
وهو قريب من مذهب المالكية والشافعية. انظر: "الجامع في أحكام صفة الصلاة للدبيان" (4/425).
قال النووي رحمه الله:
ويستحب أن يضع يديه على فخذيه، قريبا من ركبتيه، منشورتي الأصابع، وموجهة إلى القبلة انتهى من "المجموع شرح المهذب" (3/ 437).
وقال ابن مفلح رحمه الله:
ويفتح أصابعه نحو القبلة، ويبسط يديه على فخذيه، مضمومة الأصابع انتهى من "الفروع وتصحيح الفروع" (2/ 205).
وذهب بعض أهل العلم إلى أن صفة وضع اليدين في الجلوس بين السجدتين، كوضعها حال التشهد، وهو اختيار ابن القيم والشيخ ابن عثيمين.
وقد سبق بيانه مفصلاً بأدلته في الفتوى: (121658)، و(107626) فيرجع إليها.
ثالثاً: صفة وضع اليدين في التشهد.
ثبت في السنة في صفة، وضع اليدين في التشهد: أن يضع كفَّه اليمنى على فخذهِ وركبته اليمنى، ويبسط كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى، ويقبض أصابع كفه اليمنى كلها، ويضع إبهامه على إصبعه الوسطى، أو يُحلَّق بهما حلقةً، ويشير بإصبعه السبابة إلى القِبلة، ويحركها يدعو بها من أول التشهد إلى آخره.
فعن عبد الله بن الزبير قال: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَعَدَ يَدْعُو وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، وَوَضَعَ إِبْهَامَهُ عَلَى إِصْبَعِهِ الْوُسْطَى، وَيُلْقِمُ كَفَّهُ الْيُسْرَى رُكْبَتَهُ" رواه مسلم (579).
وعن عبد اللَّه بن عمر: " أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا جَلَسَ فِي الصَّلَاة وَضَعَ يَده الْيُمْنَى عَلَى رُكْبَته الْيُمْنَى، وَعَقَدَ ثَلَاثَة وَخَمْسِينَ، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ " .رواه مسلم (580).
وعن وائل بن حُجْرٍ في وصفه لصلاة النبي صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم قال: "... ثُمَّ قَعَدَ وَافْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَوَضَعَ كَفَّهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ وَرُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، وَجَعَلَ حَدَّ مِرْفَقِهِ الْأَيْمَنِ عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ قَبَضَ اثْنَتَيْنِ مِنْ أَصَابِعِهِ، وَحَلَّقَ حَلْقَةً ثُمَّ رَفَعَ أُصْبُعَهُ" رواه النسائي (1268).
وقد اتفق الأئمة الأربعة على الإشارة بالسبابة في التشهد، واختلفوا بعد ذلك في تحريكها، أو عدم تحريكها على أقوال:
"الأول: التحريك طيلة التشهد، وهو مذهب المالكية، ووجه مرجوح عند الشافعية.
الثاني: الإشارة بلا تحريك، على خلاف بينهم هل يشير بها دائمًا، أو يشير في موضع خاص من التشهد، ومطلق الإشارة في النصوص لا يقتضي التحريك.
فقال الحنفية: يرفع السبابة إذا بلغ الشهادة في التشهد، فيرفعها عند نفي الألوهية بقوله: (لا إله) ويضعها عند الإثبات، أي إثبات الألوهية بقوله: (إلا الله) ليكون الرفع إشارة إلى النفي، والوضع إلى الإثبات.
وقال المالكية: السنة تحريكها دائمًا في جميع التشهد، اختاره ابن القاسم، ونص عليه خليل في مختصره، ورجحه ابن رشد، وهو المعتمد في المذهب، وقول عند الحنابلة.
وقال الشافعية: يرفع السبابة مع إمالتها قليلًا لئلا تخرج عن سمت القبلة عند بلوغ همزة كلمة الإثبات (إلا الله)، ولا يضعها ولا يحركها إلى آخر التشهد، وهو الذي قطع به جمهورهم، فلو حركها كره ذلك، ولم تبطل صلاته؛ لأنه عمل قليل.
وقيل: يحرم تحريكها، فإن فعل بطلت صلاته، وهو وجه في مذهب الشافعية.
وقيل: يستحب تحريكها، وهو وجه في مذهب الشافعية، قال البيهقي: يحتمل أن يكون المراد بالتحريك الإشارة بها، لا تكرار تحريكها.
وقال الحنابلة: يشير بها عند ذكر الله تعالى فقط، ولا يحرك إصبعه حال الإشارة، وهو الصحيح من المذهب" انتهى مختصرا من الجامع في أحكام صفة الصلاة للدبيان (4/ 560).
وينظر الفتوى: (7570)، و(275034) ففيهما تفصيل نافع.
وينظر للفائدة: (535837)، (521181)
والله أعلم.