الخميس 9 شوّال 1445 - 18 ابريل 2024
العربية

هل يؤمر من طلق في الحيض أن يطلق بعد مراجعة الزوجة أم يخير بين الأمساك أو الطلاق؟

294438

تاريخ النشر : 18-11-2018

المشاهدات : 16455

السؤال

عندي استفسار بموضوع الطلاق البدعي ، وأرجو إجابتي عليه ، في الرواية المتفق عليها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خير ابن عمر بعد مراجعة زوجته بين أن يمسك أو أن يطلق ( إن شاء أمسك ، وإن شاء طلق) في طهر قبل أن يمس ، وفي رواية لمسلم قال : ( مره فليراجعها ، ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا ) ، ولم يقل الرسول إن شاء أمسك ، وإن شاء طلق ، فهل معنى ذلك أنه يجب عليه أن يطلقها . أم إنه مخير بين الإمساك والطلاق ، كما في الرواية المتفق عليها ؟

الجواب

الحمد لله.

حديث ابن عمر رضي الله عنه روي بألفاظ عدة، منها ما رواه البخاري (5251) ، ومسلم (1471) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: " أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ ، عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:   مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ ، فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ  .

ورواه مسلم بألفاظ أخرى قريبة:

  مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ يُطَلِّقُ بَعْدُ، أَوْ يُمْسِكُ  .

 مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى مُسْتَقْبَلَةً سِوَى حَيْضَتِهَا الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا، فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا مِنْ حَيْضَتِهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، فَذَلِكَ الطَّلَاقُ لِلْعِدَّةِ كَمَا أَمَرَ اللهُ  .

  مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيَدَعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى، فَإِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَهَا، أَوْ يُمْسِكْهَا، فَإِنَّهَا الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ .

 مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ  .

وهذه الروايات فيها تخيير المطلق في الحيض ، بعد أن يراجع زوجته : أن يطلقها ، أو يمسكها.

وجاءت الرواية بلفظ الأمر بالطلاق دون تخيير، وهي محمولة على الاختصار، ولهذا لم يذكر فيها الحيضة الثانية والطهر الثاني.

ولا نعلم قائلا بوجوب الطلاق عليه.

روى مسلم (1471) عنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: " سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ امْرَأَتِهِ الَّتِي طَلَّقَ ، فَقَالَ: طَلَّقْتُهَا وَهِيَ حَائِضٌ ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:  مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا،، فَإِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْهَا لِطُهْرِهَا .

ولمسلم أيضا :  مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ إِذَا طَهُرَتْ، فَلْيُطَلِّقْهَا  .

وله:  مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا، أَوْ حَامِلًا .

والرواية المطولة فيها أنه لا يطلق في الطهر الذي بعد الحيضة التي طلق فيها، بل حتى تحيض حيضة أخرى، ثم تطهر الطهر الثاني:  مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ .

وإلى هذا ذهب الجمهور.

قال ابن بطال رحمه الله : " وذهب مالك، وأبو يوسف، والشافعى، إلى ما رواه نافع، عن ابن عمر، فقالوا: من طلق امرأته حائضًا أنه يراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء طلق قبل أن يمس، وإن شاء أمسك.

وذهب أبو حنيفة وأكثر أهل العراق إلى ما رواه يونس بن جبير، وسعيد بن جبير، عن ابن عمر فى هذا الحديث، قالوا: يراجعها، فإذا طهرت طلقها إن شاء، وإلى هذا ذهب المزنى.

وقالوا: إنما أمر المطلق فى الحيض بالمراجعة ؛ لأن طلاقه ذلك أخطأ فيه السنة ؛ أمر بمراجعتها ليخرجها من أسباب الخطأ، ثم يتركها حتى تطهر من تلك الحيضة، ثم يطلقها إن شاء طلاقًا صوابًا، ولم يروا للحيضة الثانية بعد ذلك معنى.

وأما مالك، وأبو يوسف، والشافعى، فقالوا: للطهر الثاني والحيضة الثانية معان صحيحة، منها أنه لما طلق فى الموضع الذى نُهي عنه، أمر بمراجعتها ليوقع الطلاق على سنته، ولا يطول فى العدة على امرأته، فلو أبيح له أن يطلقها إذا طهرت من تلك الحيضة ، كانت في معنى المطلقة قبل البناء ؛ لا عدة عليها، ولابد لها أن تبني على عدتها الأولى، فأراد الله على لسان نبيه أن يقطع حكم الطلاق الأول بالوطء؛ لئلا يراجعها على نية الفراق، حتى يعتقد إمساكها ولو طهرًا واحدًا، فإذا وطئها فى طهر لم يتهيأ له أن يطلقها فيه؛ لأنه قد نُهي أن يطلقها فى طهر قد مسها فيه، حتى تحيض بعده ثم تطهر، فإذا طلقها بعد ذلك استأنفت عدتها من ذلك الوقت ولم تبن.

وقالوا: إن الطهر الثاني جعل للإصلاح الذى قال الله تعالى: (وبعولتهن أحق بردهن فى ذلك إن أرادوا إصلاحًا) [البقرة: 228] ؛ لأن حق المرتجع ألا يرتجع رجعة ضرار؛ لقوله تعالى: (ولا تمسكوهن ضرارًا لتعتدوا) [البقرة: 231] .

قالوا: فالطهر الأول فيه الإصلاح بالوطء، ولا تعلم صحة المراجعة إلا بالوطء؛ لأنه المبتغى بالنكاح والمراجعة فى الأغلب، فكان ذلك الطهر مرادًا للوطء الذى تستيقن به المراجعة.

فإذا مسها ، لم يكن له سبيل إلى طلاقها فى طهر قد مسها فيه للنهى عن ذلك، ولإجماعهم على أنه لو فعل ذلك كان مطلقًا لغير العدة .

فقيل له: دعها حتى تحيض أخرى ثم تطهر، ثم تطلق إن شئت قبل أن تمس.

وقد جاء هذا المعنى منصوصًا عن ابن عمر من حديث قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الرحيم، قال: حدثنا معن بن عبد الرحمن الواسطى، قال: حدثنا عبد الحميد ابن جعفر، قال: حدثنى نافع، عن ابن عمر، أنه طلق امرأته وهى فى دمها حائض، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يراجعها، فإذا طهرت مسها ، حتى إذا طهرت أخرى، فإن شاء طلقها، وإن شاء أمسكها.

قالوا: ولو أبيح له أن يطلقها بعد الطهر من تلك الحيضة ، كان قد أمر أن يراجعها ليطلقها، فأشبه النكاح إلى أجل، أو نكاح المتعة، فلم يجعل له ذلك حتى يطأ.

وقال أبو عبد الله بن أبى صفرة: إنما أجبر ابن عمر على الرجعة؛ لأنه طلق فى الحيضة، والحيضة لا يعتد بها، ولم يبح له التطليق فى أول طهر؛ لأن فيه تستكمل الرجعة، ففرعها له لاستكمال الرجعة بالوطء إن شاء، ثم لم يبح له بعد الوطء الطلاق؛ لأنه شرط ألا يطلقها إلا فى طهر لم يمسها فيه لتكون الحيضة التى قبل الطلاق للمبالغة فى براءة الرحم" انتهى من "شرح صحيح البخاري" (7/ 378).

والحاصل :

أن من طلق في الحيض، فإنه يؤمر بإرجاع زوجته إليه، وإمساكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء طلق أو أمسك.

وانظر للفائدة: جواب السؤال رقم : (262134) .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب