ذهب جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية إلى أن الجمعة لا تصلى إلا بعد زوال الشمس ، وذهب الحنابلة إلى جواز صلاتها قبل الزوال .
راجع : "الأم" (1/223) – "المجموع" (4/377-381) – "الإنصاف" (2/375-376) -
"الموسوعة الفقهية" (27/197-198)
والأوْلى أن تصلى بعد الزوال ، فإن اضطرت الجماعة أن تصليها قبل الزوال بنحو ساعة فلا حرج عليهم .
فقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
هل تجوز صلاة الجمعة قبل الزوال بساعة - لضرورة دخول العمل في فرنسا - مع العلم أننا إذا لم نصلها قبل الدخول إلى العمل وذلك قبل الزوال بساعة لم نصل الجمعة ، فهل للضرورة إباحة ؟
فأجابوا :
"في تحديد أول وقت صلاة الجمعة خلاف بين العلماء ، فذهب أكثر الفقهاء إلى أن أول وقتها هو أول وقت الظهر وهو زوال الشمس ، فلا تجوز صلاتها قبل الزوال بكثير ولا قليل ، ولا تجزئ ؛ لقول سلمة بن الأكوع رضي الله عنه : (كنا نجمع مع النبي صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس ، ثم نرجع نتبع الفيء) رواه البخاري ومسلم . ولقول أنس رضي الله عنه :
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة حين تميل الشمس) رواه البخاري . وقال جماعة : لا يجوز قبل السادسة أو الخامسة .
وذهب الإمام أحمد بن حنبل وجماعة إلى أن أول وقتها هو أول وقت صلاة العيد ، أما الزوال فهو أول وقت وجوب السعي إليها ، واستدلوا لجواز صلاتها قبل الزوال بقول جابر رضي الله عنه : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي - يعني الجمعة - ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها حين تزول الشمس) رواه مسلم . ولقول سلمة بن الأكوع رضي الله عنه : (كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان فيء) رواه أبو داود .
ويجمع بين الأحاديث : بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصليها بعد الزوال أكثر الأحيان ، ويصليها قبل الزوال قريبا منه أحيانا .
وعلى هذا ، فالأولى أن تصلى بعد الزوال رعاية للأكثر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وخروجا من الخلاف ، وهذا مما يدل على أن المسألة اجتهادية ، وأن فيها سعة ، فمن صلى قبل الزوال قريبا منه فصلاته صحيحة إن شاء الله ، ولا سيما مع العذر ، كالعذر الذي ذكره السائل " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (8 / 216-217) .
وسئل الشيخ ابن جبرين :
نحن طلاب الملحقية السعودية في الولايات المتحدة نقدم صلاة الجمعة قبل دخول الوقت بساعة حيث إن الوقت يدخل في الساعة (الواحدة والربع) ونحن نصلي الساعة (الثانية عشر والربع) وذلك بسبب أن نسبة من الطلاب عندهم محاضرات في نفس الوقت ولا يتمكنون من أداء الصلاة إلا في هذا الوقت المبكر ، إن كان هذا جائزا لهؤلاء فإن بعض الطلاب ممن ليس عندهم محاضرات يصلون في الوقت المبكر معهم وذلك لوجود مسجد واحد فقط ، هل تجوز صلاتهم ؟
فأجاب الشيخ حفظه الله :
" ذهب كثير من العلماء إلى أن وقت صلاة الجمعة يبدأ من أول وقت صلاة العيد أي بعد خروج وقت النهي ويستمر إلى دخول وقت العصر ، ولكن يستحبون أن يصلوها بعد الزوال أي بعد دخول وقت الظهر ؛ لأنها بدل على الظهر وهو الوقت المعتاد من عهد النبوة وعهد الخلفاء الراشدين ، لكن قد ورد ما يدل على أن بعض الصحابة كانوا يقدمونها قبل الزوال ، وحيث إن هناك عذر انشغال في الوقت المحدد لها ، فنقول : لا بأس في أدائها قبل الزوال ولو بساعة أو نحوها ؛ لأن ذلك جائز عند كثير من العلماء ولوجود المسوغ لهذا التقديم . فعلى هذا لا مانع من صلاتهم جميعا في الوقت المذكور ولو كان العذر لبعضهم دون بعض . والله أعلم" انتهى .
انتهى من موقع الشيخ ابن جبرين رحمه الله .
وسئل الشيخ ابن عثيمين :
هناك بعض الخطباء يدخلون إلى المسجد يوم الجمعة ويشرعون في الخطبة قبل الوقت وربما أقيمت الصلاة ولم يحن وقت الزوال فما صحة ذلك ؟
فأجاب :
"هذه المسألة – أي : الشروع في الخطبة والصلاة يوم الجمعة قبل الزوال - فيها خلاف بين العلماء ، فمنهم من قال : إنها لا تجوز حتى تزول الشمس ، ومنهم من قال : إنها تجوز ، والصحيح أنها تجوز قبل الزوال بساعة أو نصف ساعة أو ما قارب ذلك" انتهى .
"لقاء الباب المفتوح" (16 / 19) .
يتبين مما سبق أن صلاة الجمعة إذا أديت قبل الزوال بنحو ساعة فهي صحيحة .
أما إقامة جمعتين في مسجد واحد ، الواحدة بعد الأخرى ، فينظر جواب السؤال (587158)
والله أعلم .