الحمد لله.
يشترط للمسح على الخف أو الجورب شروط منها : لبسهما على طهارة ؛ لحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه لما أراد أن ينزع خفي النبي صلى الله عليه وسلم ليغسل قدميه في الوضوء ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( دَعْهُمَا ، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ ، فَمَسَحَ
عَلَيْهِمَا ) رواه البخاري (206) ومسلم (274) .
وإذا كان الحال ما ذكرت من مسحك على الجوربين وقد لبستهما على غير طهارة ، جهلا منك بوجوب ذلك ، فلا يلزمك القضاء في قول جماعة من أهل العلم ، وإن أمكنك القضاء فهو أولى وأحوط .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وعلى هذا ؛ لو ترك الطهارة الواجبة لعدم بلوغ النص ، مثل : أن يأكل لحم الإبل ولا يتوضأ ثم يبلغه النص ويتبين له وجوب الوضوء ، أو يصلي في أعطان الإبل ثم يبلغه ويتبين له النص : فهل عليه إعادة ما مضى ؟ فيه قولان هما روايتان عن أحمد .
ونظيره : أن يمس ذَكَره ويصلى ، ثم يتبين له وجوب الوضوء من مس الذكر .
والصحيح في جميع هذه المسائل : عدم وجوب الإعادة ؛ لأن الله عفا عن الخطأ والنسيان ؛ ولأنه قال : (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) ، فمن لم يبلغه أمر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شيءٍ معيَّنٍ : لم يثبت حكم وجوبه عليه ، ولهذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر وعمَّاراً لما أجْنبا فلم يصلِّ عمر وصلَّى عمار بالتمرغ أن يعيد واحد منهما ، وكذلك لم يأمر أبا ذر بالإعادة لما كان يجنب ويمكث أياماً لا يصلي ، وكذلك لم يأمر مَن أكل من الصحابة حتى يتبين له الحبل الأبيض من الحبل الأسود بالقضاء ، كما لم يأمر مَن صلى إلى بيت المقدس قبل بلوغ النسخ لهم بالقضاء .
ومن هذا الباب : المستحاضة إذا مكثت مدة لا تصلي لاعتقادها عدم وجوب الصلاة عليها ، ففي وجوب القضاء عليها قولان ، أحدهما : لا إعادة عليها - كما نقل عن مالك وغيره - ؛ لأن المستحاضة التي قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : ( إني حضت حيضةً شديدةً كبيرةً منكرةً منعتني الصلاة والصيام ) أمرها بما يجب في المستقبل ، ولم يأمرها بقضاء صلاة الماضي " انتهى من "مجموع الفتاوى" (21/101) .
والواجب على المسلم أن يتعلم ما تتوقف عليه صحة عبادته ومعاملته ، فهذا من العلم المفروض عليه ، وتركه إثم ومعصية ، ولهذا فالأحوط لك هو قضاء تلك الصلوات كما سبق
. وإذا جهلت عدد الصلوات ، فصل ما يغلب على ظنك أنه العدد المطلوب .
وإذا كنت تركت الصلاة والصوم زمنا بعد بلوغك ، فالواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى ، ولا يلزمك قضاء ما فات ، وعليك أن تكثر من نوافل الصيام والصلاة .
ونسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك .
والله أعلم .
تعليق