179

إذا فاته قراءة الفاتحة خلف الإمام لتخلفه عنه بعذر ماذا يفعل؟

السؤال: 608720

كنتُ أُصلي صلاة العصر خلف الإمام، وعندما جلسنا للتشهد الأول، لم نسمع الإمام يُكبِّر للنهوض منه، فظننّا أنه لا يزال جالساً، ولكنه كان قد قام، فلما كبَّر الإمام للركوع، قمنا من التشهد الأول، وعندها أدركتُ وقوع الخطأ، فركعتُ للحاق بالإمام لأني كنت متأخراً عنه، ولم أُتم قراءة الفاتحة بسبب هذا الإشكال، مع أنه كان ينبغي عليَّ إتمامها؛ لأن التأخر كان بعذر مقبول، أليس كذلك؟ لذلك، أتيتُ بالركعة الناقصة بعد أن سلَّم الإمام، وكذلك، بدلاً من أن يقوم الإمام للركعة الرابعة، جلس للتشهد الأخير في الركعة الثالثة، كنتُ قد قمتُ بالفعل للركعة الرابعة، فرجعتُ للجلوس لأتابع الإمام في التشهد، سجد الإمام سجود السهو ثم سلَّم، أما أنا فبقيت في صلاتي لإتمامها، لأنه كانت لا تزال تتبقى عليَّ ركعة.

ملخص الجواب

الفاتحة واجبة على المـأموم في الصلاة السرية والجهرية، فإن لم يأت بها في ركعة، لزمه الإتيان بركعة بعد سلام الإمام، فإن لم يفعل بطلت صلاته.

موضوعات ذات صلة

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

إذا قام الإمام للثالثة ولم يسمع المأموم تكبيره، ثم سمع تكبيره للركوع، فعلى المأموم أن يكبر قائما للثالثة ثم يقرأ الفاتحة، ثم يركع، ولا يضره تخلفه عن الإمام؛ لأنه معذور.

وهذا على القول بوجوب قراءة الفاتحة على المأموم، وهو مذهب الشافعية، وجماعة من المحققين، وهو الراجح.

وأما على القول بسنية الفاتحة وهو مذهب الجمهور في الصلاة السرية والجهرية، فيلزم المأموم أن يكبر قائما للثالثة ثم يركع، كما حصل منك.

وينظر: جواب السؤال رقم: (567373).

ثانيا:

إن كنت تعمل بوجوب الفاتحة على المأموم، ولم تـأت بها، فقد فاتتك ركعة، تأتي بها بعد سلام الإمام.

قال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (1/ 506) عن تخلف المأموم عن الإمام بركنين:

"(وإن كان) عذر (بأن أسرع) الإمام (قراءته) مثلا، أو كان المأموم بطيء القراءة، لعجز لا لوسوسة، (وركع قبل إتمام المأموم الفاتحة)، ولو اشتغل بإتمامها لاعتدل الإمام وسجد قبله: (فقيل يتبعه) لتعذر الموافقة، (وتسقط البقية) للعذر، فأشبه المسبوق. وعلى هذا لو تخلف كان متخلفا بغير عذر.

(والصحيح): لا يتبعه بل (يتمها)، وجوبا، (ويسعى خلفه) أي الإمام على نظم صلاة نفسه، (ما لم يُسْبَقْ بأكثرَ من ثلاثة أركان)، بل بثلاثة فما دونها، (مقصودةٍ) في نفسها، (وهي الطويلة)، أخذا من صلاته - صلى الله عليه وسلم – بعُسفان، فلا يعد منها القصير، وهو الاعتدال والجلوس بين السجدتين، كما مر في سجود السهو أنهما قصيران، وإن قال الرافعي في الشرح الصغير، والمصنف في التحقيق: إن الركن القصير مقصود، فيسعى خلفه، إذا فرغ من قراءته قبل فراغ الإمام من السجدة الثانية، أو مع فراغه منها، بأن ابتدأ الرفع، اعتبارا ببقية الركعة.

 (فإن سُبِق بأكثرَ) من الثلاثةِ، بأن لم يفرغ من الفاتحة إلا والإمام قائم عن السجود، أو جالس للتشهد: (فقيل يفارقه) بالنية، لتعذر الموافقة.

(والأصح): لا تلزمه المفارقة، بل (يتبعه فيما هو فيه، ثم يتدارك بعد سلام الإمام) ما فاته، كالمسبوق؛ لما في مراعاة نظم صلاته في هذه الحالة من المخالفة الفاحشة" انتهى.

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "مأموم نسي قراءة الفاتحة في إحدى الصلوات السرية، فهل عليه بعد سلام إمامه أن يأتي بركعة، أم تكفي قراءة الإمام؟

فأجاب رحمه الله تعالى: القول الراجح أن قراءة الفاتحة واجبة على المأموم، وبناء عليه فإذا نسي المأموم أن يقرأ الفاتحة في إحدى الركعات، فإن هذه الركعة تلغى، ويأتي بدلها بركعة بعد سلام إمامه.

فإذا أدرك الإمامَ في أول ركعة، ونسي أن يقرأ الفاتحة في هذه الركعة مثلاً، فإنه إذا سلم الإمام، يجب عليه أن يأتي بركعة بدلاً عن الركعة التي ترك فيها قراءة الفاتحة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)، ولقوله: (كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج فهي خداج فهي خداج)، يعني فاسدة.

وإنما لم نقل ببطلان الصلاة كلها: لأنه كان ناسياً، ولو تعمد أن يدع قراءة الفاتحة، فإن صلاته تكون باطلة" انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (8/ 2).

فإذا لم تُتم الفاتحة، لزمك التدارك بعد سلام الإمام، فتأتي بركعة.

ثالثا:

قد فهم من سؤالك أن الإمام سلم عن ثلاث، وهذا لا يصح، وكان على المأمومين التسبيح له عند جلوسه بعد الثالثة، فإن أصر على جلوسه لزمهم مفارقته، ثم ينبهونه بعد الصلاة ليستدرك، ويأتي بالركعة، إن لم يكن قد طال الفصل، ولا يغني سجوده للسهو عن الركعة.

وقد أخطأت برجوعك من قيام الرابعة لتجلس معه؛ لأن الإمام لا يتابَع على خطئه بترك ركنٍ، أو زيادته.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" إذا تيقن المأموم أن إمامه قد نقص ، وسبح به ولم يرجع ، فإن الواجب عليه مفارقته في هذه الحال .
وفي المسألة التي عرضها السائل ، وهو أن الإمام جلس ليتشهد التشهد الأخير ويسلم ، فسبح به هذا المأموم فلم يقم ؛ فإن على المأموم أن يفارقه ، ويقوم ولا يجلس معه ، ثم يأتي بركعته، فإذا أتى بركعته فلا شيء عليه .
ولا يجوز أن يتابع الإمام في هذه الحال ؛ لأنه صار يعتقد أن صلاة الإمام باطلة بسبب نقصانه الركعة " انتهى من " فتاوى نور على الدرب " لابن عثيمين.

وإن كان الإمام قد تنبه إلى أنه ترك ركعة، ثم قام بعد جلوسه للتشهد، وأتم صلاته، ثم سجد للسهو: فلا شيء عليه، وصلاته وصلاة من خلفه صحيحة.

رابعا:

إن كنت بعد سلام الإمام أتيت بركعتين، ركعة عن التي لم تقرأ فيها الفاتحة، والركعة الرابعة التي تركها الإمام، إذا صح أنه ترك ركعة: صحت صلاتك.

وإن كنت أتيت بركعة واحدة، ولم تعد تلك الركعة التي لم تقرأ فيها الفاتحة، فصلاتك صحيحة عند من لا يرى وجوب قراءة الفاتحة على المأموم، ولا تصح صلاتك عند من يرى وجوب قراءة الفاتحة، فيلزمك إعادة الصلاة، إذا كنت تعمل بهذا القول.

والله أعلم

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android