لم يتضح لنا ما وجه الصعوبة في قراءتك للفاتحة خلف الإمام. هل هو لسرعة الإمام في الصلاة بحيث لا تدرك أن تتمها خلفه في الصلاة السرية؟ أم تقصد في الجهرية والسرية؟
وأيّاً كان الأمر، فحل مشكلتك ببيان ما يلي:
أولاً:
ذهب جمهور أهل العلم إلى استحباب قراءة المأموم للفاتحة في السرية والجهرية كما سيأتي بيانه، وذهب الشافعية وبعض المحققين من أهل العلم إلى وجوبها في السرية والجهرية.
وقد سبق بيان أن الراجح من أقوال أهل العلم وجوب قراءة المأموم الفاتحة خلف الإمام في الجهرية والسرية. انظر الفتوى: (10995)، و(26746).
ثانيا:
لا ننصحك بترك صلاة الجماعة في المسجد للسبب الذي ذكرت في سؤالك؛ إلا أن يكون هناك مسجد آخر يطمئن في صلاته، وتستطيع معه إقامة الأركان والواجبات على الوجه الأكمل.
وذلك أن صلاة الجماعة واجبة، وفضلها عظيم، فاحرص عليها ولا تفرط بها لأي سبب من الأسباب. وقد سبق بيان وجوبها في الفتوى: (8918).
أما بالنسبة لصلاتك خلف الإمام الذي لا يسعك معه قراءة الفاتحة لسرعته في الصلاة:
فالنصيحة أن تتلطف في القول معه، وتكلمه في أنك تحب أن تصلي الجماعة معه، لكن لو تمهل في قراءته بعض الشيء لئلا يشق عليك، ونحو ذلك من لين القول.
فإن لم يستجب فالزم الصلاة معهم، وحاول أن تتعجل في قراءتك حتى تدرك معه الركوع.
فإن أمكنك ذلك، فالحمد لله، وإن لم يمكن فلا بأس أن تتأخر عنه قليلا لتكمل الفاتحة.
وإن كان هذا التأخر سوف يسبب لك إشكالاً مع جماعة المسجد، فنرجو ألا يكون عليك حرج في أن تكتفي بما تقدر عليه من الفاتحة، وتركع معه، ويسقط عنك ما بقي؛ لما قرره شيخ الإسلام وغيره من أن واجبات الصلاة تسقط عند التعذر؛ وهذا -إن شاء الله- منها.
على أنّ مذهب الجمهور أن قراءة المأموم خلف الإمام في السرية مستحبة.
قال ابن عبد البر رحمه الله:
«وأما المأموم: فالإمام يحمل عنه القراءة؛ لإجماعهم على أنه إذا أدركه راكعا أنه يكبر ويركع، ولا يقرأ شيئا.
ولا ينبغي لأحد أن يدع القراءة خلف إمامه في صلاة السر الظهر والعصر، والثالثة من المغرب والأخريين من العشاء.
فإن فعل، فقد أساءـ ولا شيء عليه عند مالك وأصحابه.
وأما إذا جهر الإمام فلا قراءة بفاتحة الكتاب، ولا بغيرها قال الله» انتهى من "الكافي في فقه أهل المدينة" (1/ 201).
وقال الخرقي رحمه الله:
والاستحباب أن يقرأ في سكتات الإمام، وفيما لا يجهر فيه.
فإن لم يفعل، فصلاته تامة؛ لأن من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة" انتهى من "مختصر الخرقي" (ص24).
وقال ابن قدامة رحمه الله:
"الاستحباب، أن يقرأ في سكتات الإمام، وفيما لا يجهر فيه. هذا قول كثير من أهل العلم" انتهى من "المغني" (2/ 265).
ثالثا:
إذا تقرر ما سبق من أنّ مذهب جمهور أهل العلم أن قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة السرية مستحبة، وأنّ من لم يستطع إكمال الفاتحة خلف الإمام لعدم إدراك كل وقتها أو لغيره من الأسباب فصلاته صحيحة، حتى عند من يرى وجوبها انظر الفتوى: (177605)= فلا ينبغي أن تترك الجماعة من أجل عدم القدرة على إتمام الفاتحة خلف الإمام، وسدد وقارب.
لكن إن وجدت إماما آخر تدرك معه الجماعة، ويمكنك أن تقرأ بالفاتحة خلفه، دون مشقة، ولا نقص شيء من متابعتك لإمامك: فافعل.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (272366).
وفقك الله وزادك هدى وتقى.
والله أعلم.