ما حكم التعامل بنظام الدفع السريع؟

السؤال: 605617

أنا مقيم في أمريكا، ولدي شركة نقل للبضائع، أغلب المصانع التي أنقل لها البضائع لا تسدد لي أجور النقل إلا بعد شهر، وهذا يكلفني الكثير من المال من أجور السائقين، والديزل، والخ من المصاريف المتعلقة في مجال النقل، بعد البحث والتشاور مع الأصدقاء، علمت أن هناك طريقتان تسرع التسديد لي، وهما:
الطريقة الأولى:
تسمى بالدفع السريع من نفس المصنع الذي أنقل له البضاعة، مثال: تكون تكلفة النقل $١٠٠٠ في حال سدد المبلغ بعد شهر، ولكن لو طلبت منه التسريع في التسديد، يقول لي: أدفع لك بعد ٥ أيام $٩٧٠، يقطع $٣٠ كنسبة.
الطريقة الثانية:
توجد شركات طرف ثالث لا علاقة لهم بالمصنع، أتعاقد معهم على ان يدفعوا لي مبالغ النقل بدل عن المصانع الذين أنقل لهم البضائع، ويكون الدفع بعد يوم أو يومين مقابل نسبة مئوية تتراوح مابين ٣-٥ ٪؜ .
علما بأني موافق في كلتا الحالتين، ولا مشكلة لدي في تعجيل الدفع لي، إن كان من المصنع نفسه، أو شركة طرف ثالث، فما الحكم الشرعي في الحالتين الأولى والثانية؟

ملخص الجواب

يجوز التعامل مع المصنع بطريقة الدفع السريع إذا تم الاتفاق على ذلك ابتداء، أو كانت الأجرة مؤجلة ثم طلبت أو طلب المصنع التعجيل مع الخصم، ولا يجوز التعامل مع طرف ثالث ليسدد لك المال.

موضوعات ذات صلة

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

ما يسمى بطريقة الدفع السريع من المصنع، فيه تفصيل:

1- أن يكون أمامك خيارين: الدفع السريع، أو الدفع الآجل لمدة شهر، فتختار الدفع السريع.

فإن تم الاتفاق على اختيار الدفع السريع، وأنك ستأخذ 970$ فلا حرج في ذلك.

2-أن لا يكون أمامك خيار الدفع السريع، وإنما تتعاقد على الدفع الآجل وهو الدفع بعد شهر، وأنك ستأخذ 1000$، ثم يقول المصنع بعد ذلك: إن أردت تعجيل الدين (الأجرة) فاقبل 970$، فهذا محل خلاف بين الفقهاء، وهي مسألة: ضع وتعجل، أي أنقص من الدين وتعجل في أخذه، ومعلوم أن الأجرة تثبت من العقد، وتكون دينا في ذمة المستأجر.

والجمهور على تحريم ضع وتعجل.

وأجازها ابن عباس وزيد بن ثابت رضي الله عنهم، وهو أحد القولين للشافعي وأحمد، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وابن عابدين من فقهاء الحنفية، وأفتت به اللجنة الدائمة للإفتاء، وصدر به قرار مجمع الفقه الإسلامي؛ بشرط ألا يُتفق على هذا عند العقد، بل يتم الاتفاق على ذلك بعد العقد، فإذا تعاقدت على ألف مؤجلة، ثم قال المصنع، أو قلت للمصنع، بعد يوم أو أيام: إن أردت التعجيل فخذ 970$ ، فهو جائز .

وينظر في بيان الخلاف في المسألة: جواب السؤال رقم: (13945).

ثانيا:

لا يجوز التعاقد مع طرف ثالث على أن يسدد لك أنقص من المال مقابل التعجيل، ثم يتولى هو تحصيل الأجرة في وقتها؛ لأن هذا من بيع الدين النقدي بنقد أقل، وهذا محرم لما فيه من ربا الفضل والنسيئة، فهو نقد بنقد مع التأجيل والتفاضل.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشان بيع الدين:

"أولا: أنه لا يجوز بيع الدين المؤجل من غير المدين، بنقد معجل، من جنسه أو من غير جنسه؛ لإفضائه إلى الربا، كما لا يجوز بيعه بنقد مؤجل من جنسه أو غير جنسه؛ لأنه من بيع الكالئ بالكالئ المنهي عنه شرعاً" انتهى من "مجلة المجمع" (العدد الحادي عشر ج 1، ص 53).

وبهذا يُعلم أن شركات الوساطة القائمة على تعجيل سداد الديون عملها محرم، لقيامها على الربا، وهو شراء الدين النقدي بنقد أقل.

والدين النقدي لا يجوز شراؤه بنقد أقل أو مساو؛ لوجود التأخير، ومبادلة النقد بنقد يشترط لصحتها التقابض في نفس المجلس.

فإن كانا من عملة واحدة اشترط أيضا: التساوي.

وإن اختلفت العملة: فلا حرج في التفاضل، مع وجوب التقابض في المجلس.

والأصل في ذلك: ما روى مسلم (1587) عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ).

وروى مسلم (1588) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا).

والنقود لها ما للذهب والفضة من الأحكام.

جاء في قرار " مجمع الفقه الإسلامي " التابع لمنظمة " المؤتمر الإسلامي " ما نصه:

"بخصوص أحكام العملات الورقية: أنها نقود اعتبارية، فيها صفة الثمنية كاملة، ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة، من حيث أحكام الربا والزكاة والسلم وسائر أحكامهما" انتهى من "مجلة المجمع" (العدد الثالث ج 3 ص 1650، والعدد الخامس ج 3 ص 1609).

والحاصل:

جواز التعامل مع المصنع بطريقة الدفع السريع، إذا تم الاتفاق على طريقة الدفع ابتداء، أو كانت الأجرة مؤجلة، ثم طلبت أو طلب المصنع التعجيل مع الخصم.

ولا يجوز التعامل مع طرف ثالث يعجل بالسداد.

والله أعلم.
 

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android