ما حكم اشتراط البائع تأجير السيارة التي باعها ليستوفي باقي ثمنها؟

السؤال: 602338

عرض علي شخص شراء سيارة بقيمة ٦٠٠٠، وأن أدفع مبلغ ٤٠٠٠ دفعة أولى، وأن يتم بعدها إيجار السيارة بمبلغ ١٠٠٠ ريال لمدة شهرين، لإتمام قسط السيارة، بعد فترة اكتشفت أن الشخص لم يقم بشراء السيارة من الأساس، وأخذ المال لنفسه، وبعد فترة أنا طلبت منه بيع السيارة، فعرض علي أن يشتريها مني بمبلغ ٨٠٠٠، وأنا لا أعلم هل هو فعلا اشترى السيارة أم لا، فهل إذا أخذت منه المبلغ، فهل هذا يعتبر ربا؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

اتفاقك مع صاحبك على أن يبيع لك سيارة، وأن تدفع جزءا من ثمنها، ثم تؤجر السيارة مدة شهرين لإتمام القسط، يحتمل أمرين:

1-أن يكون التأجير له، وهو الظاهر من السؤال، وهذا من اشتراط الإجارة في البيع، والجمهور على منعه:

قال ابن قدامة رحمه الله: " أن يشترط عقدا في عقد، نحو أن يبيعه شيئا، بشرط أن يبيعه شيئا آخر، أو يشتري منه، أو يؤجره، أو يزوجه، أو يسلفه، أو يصرف له الثمن أو غيره:

فهذا شرط فاسد يفسد به البيع، سواء اشترطه البائع أو المشتري" انتهى من "المغني"  (4/309) .

وفي "الموسوعة الفقهية" (9/ 271): " أن يشترط في البيع بيعا آخر ويحدد المبيع والثمن، كأن يقول: بعتك داري هذه بألف، على أن تبيعني دارك بألف وخمسمائة، أو على أن تشتري مني داري الأخرى بألف وخمسمائة.

وقد صرح الحنفية والشافعية والحنابلة بأن هذا من البيعتين في بيعة، المنهي عنه.

وهو عند الحنفية والشافعية أيضا من باب البيع والشرط المنهي عنه في السنة النبوية" انتهى.

وذهب المالكية، وأحمد في رواية: إلى جواز ذلك. واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وكثير من المعاصرين.

وأجابوا عن حديث النهي عن بيعتين في بيعة: بأن المراد به بيعُ العينة.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " فالقول الصحيح: أنه إذا شرط عقدا في البيع: فإن الشرط صحيح، والبيع صحيح؛ إلا في مسألتين ...

الأولى: إذا شرط قرضا ينتفع به، فهنا لا يحل؛ لأنه قرض جر نفعا، فيكون ربا.

الثانية: أن يكون حيلة على الربا " انتهى مختصرا من "الشرح الممتع" (8/ 239).

وينظر في تفصيل كلام الفقهاء، واختلافهم في اشتراط عقد معاوضة، كالإجارة، في عقد معاوضة أيضا، كالبيع: "العقود المالية المركبة"، د. عبد الله العمراني، ص 98- 116

وممن ذهب إلى الجواز: الدكتور عبد الله بن موسى العمار في بحثه: "إجارة العين لمن باعها"، والدكتور نزيه حماد في بحثه " تأجير العين المشتراة لمن باعها صراحةً وضمناً"، والدكتور الصديق الضرير، والدكتور حسين حامد حسان.

2-أن يكون التأجير لغير البائع، ويكون المقصود: أن البائع سيتوكل عنك في تأجير السيارة شهرين، ليوفر لك بقية الثمن، وهذا لا حرج فيه.

3-وثمة احتمال في أصل المسألة، وهو أن هذا الشخص لن يبيعك سيارة، وإنما أراد أن يتوكل عنك في شراء سيارة لك، وتأجيرها، وهذا لا حرج فيه أيضا.

وتبين بهذا أن الصور الثلاث لا حرج فيها.

ثانيا:

إذا تبين لك أن الشخص لم يشتر سيارةً من أصله؛ فإنه يكون في ذمته لك 4000 ، ولا يجوز ولا يصح أن يشتري منك السيارة ب 8000؛ لأنه لا وجود لهذه السيارة، وحقيقة المعاملة أنه أخذ 4000 ويريد أن يردها 8000 ، وهذا ربا صريح.

وهذه الحيلة القبيحة على الربا؛ هي شر من الربا المجرد، ولو أنه رد الدين الذي في ذمته بأكثر، دون شرط، لفظي، أو عرفي، أو مواطأة عليه = لجاز؛ لما روى البخاري (2390) ومسلم (1601) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا تَقَاضَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَغْلَظَ لَهُ فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ: (دَعُوهُ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا، وَاشْتَرُوا لَهُ بَعِيرًا فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ). وَقَالُوا: لاَ نَجِدُ إِلَّا أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ، قَالَ: (اشْتَرُوهُ، فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ، فَإِنَّ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً).

وإذا كنت لا تعلم هل اشترى سيارة أم لا، على ما جاء في آخر سؤالك؛ فلا يجوز لك بيعها له، وكيف تبيع ما لا تعلم أنك تملكه؟ فإياك وأن تضعف نفسك أمام الحرام، أو يسول لك الشيطان ما لا يحله الله لك. فشرط صحة البيع أن تكون السلعة مملوكة للبائع حقيقة، عند وقت بيعه لها.

فسواء كان الاتفاق في الأصل على أن يبيعك سيارة، أو أن يتوكل عنك في شراء سيارة، فما لم تتحقق من وجود السيارة فعليا: فلا يجوز لك أن تبيعها له ولا لغيره، وليس لك إلا المطالبة بمالك.

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android