الخطبة مواعدة بالنكاح، ولا حرج على كلا الطرفين في فسخها.
وإذا كان الفسخ من جهة المرأة، جاز للخاطب المطالبة بما قدمه من هدايا؛ لأنها ليست هبة محضة حتى يحرم الرجوع فيها، وإنما هي هبة لغرض إتمام الزواج، فإذا فسخت المرأة ولم تتم الزواج كان له الرجوع فيها.
قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (5/ 153): "(وهدية زوج ليست من المهر، نصًّا، فما) أهداه الزوج من هدية (قَبْلَ العقد - إن وعدوه بالعقد، ولم يَفُوا - رجع بها؛ قاله الشيخ) لأنه بذلها في نظير النكاح، ولم يسلّم له، وعُلم منه: أنه إن امتنع هو، لا رجوعَ له" انتهى.
وقال الزركشي في " المنثور في القواعد الفقهية " (3/269) : " إذا خطب امرأة، فأجابته، فحمل إليهم هدية، ثم لم تنكحه= فإنه يرجع عليها بما ساقه إليها؛ لأنه لم يدفعه إلا بناءً على إنكاحه، ولم يحصل " انتهى .
وقال الجمل في "حاشيته على شرح منهج الطلاب" (4/129) : " فيرجع به إن بقي، وببدله عن تلف" انتهى .
وأما غير ذلك، كتكاليف سفره أو ذهابه لزيارة أهل المخطوبة، أو ما أنفقه في حفل الخطبة على المدعوين، أو في حجز القاعة، فلا رجوع فيه؛ لأن المرأة لم تأخذه حتى يرجع عليها به.
ويستفاد هنا مما قاله ابن عقيل الحنبلي رحمه الله: من أن ما دفع لغير المتعاقدين، فإنه لا يرد، إذا تم الفسخ بتراضي العاقدين.
قال ابن رجب الحنبلي، رحمه الله: " فأمَّا إن كانت العطيَّة لغير المتعاقدين بسبب العقد؛ كأجرة الدَّلَّال ونحوها؛ ففي النَّظريات لابن عقيل: (إن فُسِخ البيع بإقالة ونحوها ممَّا يقف على التَّراضي؛ فلا تردُّ الأجرة، وإن فسخ بخيار أو عيب؛ رُدَّت؛ لأنَّ البيع وقع متردِّداً بين اللُّزوم وعدمه) انتهى.
وقياسه في النِّكاح: أنَّه إن فسخ لفقد الكفاءة أو لعيب؛ رُدَّت، وإن فسخ لردَّة أو رضاع أو مخالعة؛ لم تردَّ". انتهى، من "قواعد ابن رجب"(3/ 80 ط ركائز).
والحاصل:
أن ما دفع لحجز القاعة لا تتحمل منه المخطوبة شيئا، إلا إن سبق الاتفاق على أنها تشارك في أجرة القاعة، أو جرى العرف المطرد بذلك؛ لأن المعروف عرفا كالمشروط شرطت، فيلزمها الوفاء حينئذ.
والله أعلم.