ما حكم الاتفاق على إعلان المهر أكثر من المتفق عليه بينهم؟

السؤال: 597979

هل يجوز لنا كتابة قيمة المهر أكثر من المتفق عليه؛ بحجة أن لا تخجل المرأة بين أقاربها؟ وإذا كان هذا جائزا، فهل يكون المهر شرعا هو المتفق عليه، أم المكتوب والمعلن للناس؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

إذا اتفق الزوج والمرأة ووليها على مهر في السر، وأظهروا غيره في العلانية، فاختلف الفقهاء فيما يعتبر مهرا على أقوال:

الأول: أنه يعمل بما اتفقا عليه في السر، وهو مذهب الحنفية والمالكية.

الثاني: أنه يعمل بما في العقد، وهو مذهب الشافعية.

الثالث: يؤخذ بالأزيد منهما، وهو مذهب الحنابلة.

جاء في "الموسوعة الفقهية" (39/ 203): "قال الحنفية: إذا اتفق المتعاقدان سرا على مهر قبل العقد، ثم تعاقدا علنا على مهر أكثر منه من جنسه:

فإن اتفقا على أن المذكور في العقد للسمعة والرياء، فالواجب هو مهر السر...

وقال المالكية: إذا اتفق الزوجان على صداق بينهما في السر، وأظهرا في العلانية صداقا يخالفه قدرا أو صفة أو جنسا: فإن المعول عليه والمعتبر ما اتفقا عليه في السر، سواء كان شهود السر هم شهود العلانية أو غيرهم...

وقال الشافعية: لو توافق الولي والزوج أو الزوجة إذا كانت بالغة، على مهر كان سرا كمائة، وأعلنوا زيادة كمائتين: فالمذهب وجوب ما عُقِد به، اعتبارا بالعقد؛ لأن الصداق يجب به، سواء كان العقد بالأقل أم بالأكثر.

وقال الحنابلة: إذا كرر العقد على صداقين، سر وعلانية، بأن عقد سرا على صداق، وعلانية على صداق آخر: أخذ بالزائد؛ سواء كان صداق السر أو العلانية للحوق، الزيادة بالصداق بعد العقد" انتهى.

وينظر: "بدائع الصنائع" (2/ 287)، "حاشية الدسوقي" (2/ 313)، "مغني المحتاج" (4/ 378)، "المغني" (7/ 261)، "كشاف القناع" (5/ 155).

والأظهر هو ما ذهب إليه الحنفية والمالكية؛ لأن الزيادة اتفق الطرفان على عدم استحقاقها، وأنها إنما قيلت أو كتبت تجمّلا ورياء، والمسلمون على شروطهم.

ثانيا:

لم نقف على حكم هذا التصرف، لكن الفقهاء يذكرون باعثه، وهو التجمّل أو الرياء والسمعة، ومعلوم أن هذا مذموم؛ لأنه من تشبّع الإنسان بما لم يُعطَ، وقد جاء النص في تشبع المرأة ودعواها أن زوجها أعطاها ما لم يعطها، كما روى البخاري (5219) ومسلم (2130) عَنْ أَسْمَاءَ قالت: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنَّ لِي ضَرَّةً فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ أَتَشَبَّعَ مِنْ مَالِ زَوْجِي بِمَا لَمْ يُعْطِنِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ، كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ).

قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (14/ 110): " قال العلماء: معناه المُتَكَثِّر بما ليس عنده، بأن يظهر أن عنده، ما ليس عنده، يتكثر بذلك عند الناس، ويتزين بالباطل: فهو مذموم، كما يُذم من لبس ثوبي زور.

قال أبو عبيد وآخرون: هو الذي يلبس ثياب أهل الزهد والعبادة والورع، ومقصوده أن يظهر للناس أنه متصف بتلك الصفة، ويظهر من التخشع والزهد أكثر مما في قلبه، فهذه ثياب زور ورياء.

وقيل: هو كمن لبس ثوبين لغيره، وأوهم أنهما له.

وقيل: هو من يلبس قميصا واحدا، ويصل بكميه كمين آخرين، فيظهر أن عليه قميصين.

وحكى الخطابي قولا آخر أن المراد هنا بالثوب: الحالة، والمذهب، والعرب تكني بالثوب عن حال لابسه، ومعناه أنه كالكاذب، القائل مالم يكن.

وقولا آخر: أن المراد الرجل الذي تُطلب منه شهادة زور، فيلبس ثوبين يتجمّل بهما، فلا ترد شهادته لحسن هيئته، والله أعلم" انتهى.

فإن كانت المرأة تظهر مهرا زائدا افتخارا وترفعا، فهذا داخل في الذم.

وإن كان الزوج فقيرا، ولم يقدم مهر أمثالها مما لا إسراف فيه، فأرادوا ستره، وعدم إخجال الزوجة أمام أقاربها، فهذا مقصد حسن.

ثالثا:

لا ننصح أن يكتب في العقد غير المهر الحقيقي؛ لما يُخشى من المطالبة به مستقبلا بدافع خصومة ونحوها، إلا إذا حصل الزوج على وثيقة تبرئه من الزيادة وتمنع مطالبته بها.

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android