أولا:
لا حرج في مشاركة البنك في شراء شقة، مع وعدك له بشراء حصته بالثمن الذي تتفقان عليه وقت الشراء، ويدخل هذا فيما يسمى بالشركة المتناقصة، سواء تواعدتما على شراء الحصة كاملة، أو على شرائها على أجزاء في مدد معينة.
فيجوز بعد شرائكما الشقة، أن يبيعك البنك حصته بالتقسيط بربح، ويشترط خلو هذا العقد من شرط محرم، كشرط غرامة على التأخير في السداد، أو شرط تعليق الملكية على السداد، ويجوز اشتراط حظر البيع إلى تمام السداد.
وينظر: جواب السؤال رقم: (69877)، ورقم: (388394).
ثانيا:
لا يجوز التعهد بشراء حصة البنك بمجموع ما تكلفه البنك عند الشراء؛ لما في ذلك من ضمان رأس مال الشريك، وهو ممنوع في الشركة؛ إذ الأصل أن يكون حصة كل منهما عُرضة للربح والخسارة.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن الشركة المتناقصة:
" 5. المشاركة المتناقصة مشروعة، إذا التُزم فيها بالأحكام العامة للشركات، وروعيت فيها الضوابط الآتية:
أ - عدم التعهد بشراء أحد الطرفين حصة الطرف الآخر بمثل قيمة الحصة عند إنشاء الشركة؛ لما في ذلك من ضمان الشريك حصة شريكه، بل ينبغي أن يتم تحديد ثمن بيع الحصة بالقيمة السوقية يوم البيع، أو بما يتم الاتفاق عليه عند البيع" انتهى.
وينظر نص القرار كاملا في جواب السؤال رقم: (150113).
وجاء في "المعايير الشرعية" ص205 : " يمتنع الاتفاق بين المؤسسة والعميل على المشاركة في مشروع، أو صفقة محددة، مع وعد أحدهما للآخر بشراء حصته بالمرابحة الحالة أو المؤجلة في وقت لاحق.
أما إذا وعد أحد الشريكين الآخر بشراء حصته بالقيمة السوقية للبيع، أو بقيمة يتفقان عليها في حينه [=يعني: في حين البيع]: فلا مانع من ذلك بعقد شراء جديد، سواء أكان الشراء بثمن حال أم مؤجل".
وجا فيها ص226: " مستند منع الوعد من شريك لشريكه بشراء حصته بالمرابحة؛ أن ذلك يؤول إلى ضمان الشريك لحصة شريكه، وإلى الربا" انتهى.
وعليه؛ فلا يجوز أن تتعهد بشراء حصة البنك بما اشتراها به، أو بما تكلفته، وإنما تعد بشرائها بالقيمة السوقية عند البيع، أو بما تتفقان عليه عند إبرام العقد.
وكون الزمن بين الشراء المشترك، وبيع الحصة يسيرا، لا يبيح التعهد بشراء الحصة بثمنها أو بما كلفته؛ لأن ضمان صحة الشريك ممنوع مطلقا، طال الزمن أو قصر، وهو مفسد للشركة في قول كثير من الفقهاء.
وينظر: جواب السؤال رقم: (255878).
ثالثا:
يجب أن يتم قبض الشقة قبل بيع البنك حصته لك، وذلك بتفريغها، وقبض مفتاحها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام: (إِذَا اشْتَرَيْتَ بيعاً فَلا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ) رواه أحمد (15316) وصححه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند.
وروى الدارقطني (2829) عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: ابْتَعْتُ زَيْتًا بِالسُّوقِ فَقَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ فَأَرْبَحَنِي حَتَّى رَضِيتُ. قَالَ: فَلَمَّا أَخَذْتُ بِيَدِهِ لِأَضْرِبَ عَلَيْهَا، أَخَذَنِي بِذِرَاعِي رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي فَأَمْسَكَ يَدَيَّ، فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ: لَا تَبِعْهُ حَتَّى تَحُوزَهُ إِلَى بَيْتِكَ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ذَلِكَ.
ولا فرق في ذلك بين كون السلعة طعاما أو مكيلا أو موزونا أو غيره، على الراجح؛ لأنه قوله (مبيعا) نكرة في سياق الشرط فتعم.
وهذا مذهب الشافعية، والظاهرية، ورواية عن أحمد، وهو قول محمد بن الحسن، وزفر من الحنفية، ويروى عن ابن عباس، وجابر بن عبد الله، وهو المفتى به عندنا.
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (9/ 264): " مذهبنا: أنه لا يجوز بيع المبيع قبل قبضه، عقارا كان أو منقولا، لا بإذن البائع ولا بغير إذنه، لا قبل أداء الثمن ولا بعده" انتهى.
فعليك أن تؤخر الشراء حتى تقبضا الشقة، بقبض مفتاحها، فإن حصل ذلك في مجلس الشراء المشترك، فلا حرج أن يبيعك البنك حصته في هذا المجلس.
رابعا:
مصاريف التسجيل في العقد المشترك يتحملها الشركاء على قدر حصصهم، فلو كانت حصتك من الشقة هي الخمس، فإنك تدفع خمس المصاريف أي 20% ، إضافة إلى ثمن حصتك.
وعلى هذا، فلا نرى مانعا من شرائك الشقة بهذه الطريقة، إذا تم تعديل صيغة الوعد، وخلا عقد بيع حصة البنك لك من شرط محرم.
والله أعلم.