ما حكم الاتفاق على تثبيت سعر صرف العملة لمدة معينة مع دفع عربون؟

السؤال: 594888

أنا أعمل في التجارة، وأجري تحويلات خارجية ثمن البضاعة التي أقوم بشرائها بشكل دوري، كنا في السابق نجري التحويل عن طريق البنك بناء على سعر الصرف لدى البنك في يوم التحويل، أو سعر خاص من الإدارة، من جديد تواصل معنا البنك بخصوص نوع جديد من العقود المختصة بتحويل الأموال للخارج، وعرض علينا حجز المبلغ الذي سنقوم بتحويله خلال ال5 شهور القادمة على سبيل المثال على سعر صرف ثابت خلال هذه المدة، فمثلاً إذا كان سعر الصرف اليوم 2.44 درهم، فإن البنك يعرض علينا سعر 2.43 درهم ثابت في حال تراوح سعر الصرف خلال هذه الفترة بين 2.42 و 2.44، أما في حال حصل انخفاض كبير ليصل إلى 2.38 أو أقل مثلاً فإن البنك يضمن لنا المبلغ المحجوز على سعر 2.40، على أن نقوم بإجراء تحويلة بالمبلغ الذي أريده من قيمة المبلغ الكلية في بداية كل شهر حسب الاتفاق، فهل هذا النوع من العقد والمعاملة المالية حلال أم حرام؟ يرجى العلم أن البنك في حال إمضاء هذا العقد يطلب وضع عربون 10% من قيمة المبلغ المحجوز.

ملخص الجواب

لا يجوز الاتفاق مع البنك على الصرف المؤجل، سواء كان ذلك عقد أو مواعدة ملزمة، وسواء صاحبه دفع عربون أم لا

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

الصرف هو بيع النقود أو العملات بعضها ببعض، ويشترط له في حال اختلاف العملة: التقابض في المجلس.

ويشترط له في حال اتحاد العملة: التساوي، والتقابل في المجلس.

والأصل في ذلك: روى مسلم (1587) عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ).

جاء في قرار " مجمع الفقه الإسلامي " التابع لمنظمة " المؤتمر الإسلامي " ما نصه:

"بخصوص أحكام العملات الورقية: أنها نقود اعتبارية، فيها صفة الثمنية كاملة، ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة، من حيث أحكام الربا والزكاة والسلم وسائر أحكامهما" انتهى من "مجلة المجمع" (العدد الثالث ج 3 ص 1650، والعدد الخامس ج 3 ص 1609).

وعلى هذا؛ فلا يجوز عقد الصرف المؤجل، لأنه ربا محرم، سواء أخذ البنك منك عربونا أم لا.

وكذلك لا تجوز المواعدة الملزمة على الصرف بسعر معين، بأن يقول البنك: إنه يلتزم بسعر الصرف خلال مدة معينة؛ لأن المواعدة الملزمة لها حكم العقد.

فسواء كان الاتفاق بينكما على "عقد" صرف مؤجل، كالاتفاق على مبادلة مبلغ قدره كذا، على سعر كذا، خلال مدة معينة، أو كان الاتفاق على "مواعدة" ملزمة، بأن يقال: سيتم الصرف بيننا على سعر كذا، خلال مدة معينة؛ فكل ذلك محرم.

روى البخاري (2060) عن البَرَاء بْن عَازِبٍ، وَزَيْد بْن أَرْقَمَ قَالاَ: كُنَّا تَاجِرَيْنِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّرْفِ، فَقَالَ: (إِنْ كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَلاَ بَأْسَ، وَإِنْ كَانَ نَسَاءً فَلاَ يَصْلُحُ).

وروى مسلم (1589) عن أبي المنهال. قال: "بَاعَ شَرِيكٌ لي وَرِقًا (أي فضة) بنَسِيئَةٍ إلى المَوْسِمِ، أَوْ إلى الحَجِّ، فَجَاءَ إلَيَّ فأخْبَرَنِي، فَقُلتُ: هذا أَمْرٌ لا يَصْلُحُ، قالَ: قدْ بعْتُهُ في السُّوقِ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذلكَ عَلَيَّ أَحَدٌ، فأتَيْتُ البَرَاءَ بنَ عَازِبٍ، فَسَأَلْتُهُ، فَقالَ: قَدِمَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ المَدِينَةَ وَنَحْنُ نَبِيعُ هذا البَيْعَ، فَقالَ: ما كانَ يَدًا بيَدٍ فلا بَأْسَ به، وَما كانَ نَسِيئَةً فَهو رِبًا، وَائْتِ زَيْدَ بنَ أَرْقَمَ، فإنَّه أَعْظَمُ تِجَارَةً مِنِّي، فأتَيْتُهُ فَسَأَلْتُهُ، فَقالَ: مِثْلَ ذلك".

قال ابن المنذر رحمه الله: "وأجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن المتصارفين إذا افترقا قبل أن يتقابضا، أن الصرف فاسد" انتهى من "الإشراف على مذاهب العلماء"

.(6/ 61)

وقال ابن قدامة رحمه الله: " الصرف: بيع الأثمان بعضها ببعض. والقبض في المجلس شرط لصحته بغير خلاف" انتهى من "المغني" (4/ 41).

وجاء في قرار المجمع بشأن تجارة العملة:

"ثانيا: لا يجوز شرعا البيع الآجل للعملات، ولا تجوز المواعدة على الصرف فيها. وهذا بدلالة الكتاب والسنة وإجماع الأمة" انتهى من "مجلة المجمع" (العدد الحادي عشر ج 1، ص 431).

والحاصل:

أنه لا يجوز الاتفاق مع البنك على الصرف المؤجل، سواء كان ذلك عقد أو مواعدة ملزمة، وسواء صاحبه دفع عربون أم لا، فحيث تأخر البدلان أو أحدهما عن مجلس الاتفاق، كان ذلك ربا.

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android