إذا بعت الأرض فقد خرجت عن ملك وانتقلت إلى ملك المشتري وصارت في ضمانه، فربحها له، وخسارتها عليه، ولا حق لك في شيء من ربح الأرض لو ارتفع سعرها.
وقد روى أحمد (24224) وأبو داود (3508) والنسائي (4490) والترمذي (1285) وابن ماجه (2243) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ). والحديث حسنه الألباني ومحققو المسند.
ومعناه أن " ما يتحصل من عوائد ونماء وزيادات: إنما يحل لمن يتحمل تبعة التلف والهلاك والتعيّب.
وقد استخلص الفقهاء من هذا الحديث القاعدة الفقهية المشهورة " الغُنم بالغُرم "" انتهى من "قرارات مجمع الفقه الإسلامي"، ص 243، ترقيم الشاملة.
فربح الأرض لصاحبها، وكما أنه معرض للربح، فهو معرض للخسارة، أرأيت لو خسر أرضه، هل كنت ستعطيه شيئا؟!
فهذا الشرط باطل، ينافي مقتضى العقد، من انتقال ملكية الأرض للمشتري وكون ربحها له وخسارتها عليه.
واختلف في صحة العقد، والراجح صحته، وهو مذهب الإمام أحمد، فيبطل الشرط ويصح العقد.
قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (3/ 193): "النوع (الثاني) من الشروط الفاسدة: (شَرَطَ في العقد ما ينافي مقتضاه؛ نحو أن يشترط أن لا خسارة عليه، أو) شرط أنه (متى نفق المبيع وإلا رده، أو) يشترط البائع على المشتري (أن لا يبيع) المبيعَ (ولا يهبه، ولا يعتقه) أي: لا يفعل واحدًا من هذه؛ فالواو بمعنى أو. (أو) شرط البائعُ (إن أعتق) المشتري المبيعَ، (فالولاء له)؛ أي للبائع، (أو يشترط) البائعُ على المشتري (أن يفعل ذلك، أو وقف المبيع= فهذا) الشرط (لا يبطل البيع)، لحديث عائشة قالت جاءتني بريرة فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواق، في كل عام أوقية فأعينيني فقلت: إن أحب أهلك أن أعدها لهم، ويكون ولاؤك لي، فعلت. فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم، فأبوا عليها. فجاءت من عندهم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس فقالت: إني عرضت ذلك عليهم، فأبوا إلا أن يكون لهم الولاء. فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرت عائشة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: خذيها، واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق. ففعلت عائشة. ثم قام النبي - صلى الله عليه وسلم - في الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد؛ ما بالُ رجالٍ يشترطون شروطا ليست في كتاب الله؟ ما كان من شرط ليس في كتاب الله، فهو باطل؛ وإن كان مائة شرط؛ قضاء الله أحق، ودين الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق متفق عليه.
فأبطل الشرط ولم يبطل العقد" انتهى.
والحاصل:
أن هذا الشرط باطل، لكن يصح البيع، ولا سلطان لك على المشتري في أرضه، ربحتْ أو خسرت.
والله أعلم.