أولا:
يشترط في بيع المرابحة ألا يبيع البنك السلعة حتى يقبضها؛ لقول النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحكيم بن حزام: إِذَا اشْتَرَيْتَ بِيعاً فَلا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ رواه أحمد (15316) وقال شعيب الأرنؤوط: صحيح لغيره.
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ ابْتَاعَ طَعَاماً فَلا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ رواه البخاري (2132)، ومسلم (1525)، وزاد: قال ابن عباس: "وأحسب كل شيء مثله".
أي لا فرق بين الطعام وغيره في ذلك.
وأخرج الدارقطني وأبو داود (3499) عن زيد بن ثابت "أن النبي صلى الله عليه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم".
والحديث حسنه الألباني في "صحيح أبي داود".
وقبض كل شيء بحسبه، فقبض العقار: بتخليته، وأخذ مفتاحه.
هذا هو القول الراجح في المسألة، وهو مذهب الشافعية.
ثانيا:
اتفق الفقهاء على اشتراط قبض الطعام قبل بيعه.
قال ابن المنذر رحمه الله: " أجمع أهل العلم على أن من اشترى طعاما فليس له أن يبيعه حتى يستوفيه " انتهى نقلا عن "المغني" (4/ 88).
وأما غير الطعام، ، فاختلفوا فيه على أقوال:
1-أنه لا يجوز بيعه قبل قبضه، وهو مذهب الشافعية، والظاهرية، ورواية عن أحمد، وهو قول محمد بن الحسن، وزفر من الحنفية، ويروى عن ابن عباس، وجابر بن عبد الله، وهو المفتى به عندنا.
قال النووي في "المجموع" (9/ 264): " مذهبنا: أنه لا يجوز بيع المبيع قبل قبضه، عقارا كان أو منقولا، لا بإذن البائع ولا بغير إذنه، لا قبل أداء الثمن ولا بعده" انتهى.
2-وذهب المالكية إلى أنه لا يشترط القبض في غير الطعام.
3- وذهب الحنابلة إلى اشترط القبض في المكيل والموزون والمعدود والمذروع، مما يَحتاج إلى توفية.
4-وذهب الحنفية إلى اشتراط القبض في غير العقار.
وينظر: "البحر الرائق" (5/ 332)، "بدائع الصنائع" (5/ 180)، "التاج والإكليل" (4/ 482)، "الذخيرة" (5/ 132)، "حاشية الدسوقي" (3/ 151)، "المجموع" (9/ 264)، "مغني المحتاج" (2/ 68)، "الإنصاف" (4/ 332)، "كشاف القناع" (3/ 241)، "الموسوعة الفقهية" (9/ 123).
وعلى هذا؛ فقبض العقار ليس شرطا عند الجمهور، من الحنفية والمالكية والحنابلة، خلافا للشافعية.
ومذهب الشافعية هو الراجح لقوة دليله.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ولأن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: يا رسول الله إن لي بيوعاً، فما يحل لي منها وما يحرم؟ فقال: إذا ابتعت شيئاً فلا تبعه حتى تقبضه، وشيئاً نكرة في سياق الشرط ،فتكون للعموم.
ويؤيد ذلك تفقه ابن عباس رضي الله عنهما، لما قال حينما ذكر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن بيع الطعام حتى يقبض: ولا أحسب كل شيء إلا مثله [رواه البخاري 2135 ومسلم 1525].
وهذا القياس من ابن عباس رضي الله عنهما: قد دل عليه النص صريحاً، ولعل ابن عباس رضي الله عنهما لم يسمع هذا الحديث من النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكذلك حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، فالصحيح أن كل شيء لا يُباع حتى يُقبض" انتهى من "الشرح الممتع" (8/ 371).
ثالثا:
الظاهر أن البنك الذي باعك يعتمد مذهب من لا يشترط القبض في العقار، ولهذا لم يحرص على أخذ مفتاح الشقة قبل بيعها.
ونظرا للخلاف المتقدم، فلا حرج عليك في شراء الشقة بهذه الطريقة.
والله أعلم.