147

هل له فسخ البيع إذا تبين له أن الثمن مبالغ فيه؟

السؤال: 588259

اشتريت ذهبا سوار ٢.٢٦ غرام، ولم يوضح البائع عند الشراء كم أضاف زيادة على سعر الذهب كمصنعية، ثم بعد إتمام العقد، ورجوعي بيومين راجعت الفاتورة، ووجدت أنه أضاف مصنعية مبالغ فيها على السوار أضاف ٨٥ دينار مصنعية، وهو موضح على الفاتورة، والآن أريد أن أراجعه لاسترجاع ما يمكن استرجاعه من نقود المصنعية، فهل لي ذلك؟
مع العلم إنه لم ينطق بالمصنعية، بل اكتفى بكتابتها على الفاتورة، ونحن لم نسأل عنها؛ لأن المحل كان قد عرف عن نفسه في الماضي أنه الأقل مصنعية، لكن يبدو أنه حاليا ليس كذلك.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

يشترط لصحة البيع: العلم بالمبيع، والعلم بالثمن؛ لأن الجهالة غرر، والغرر منهي عنه.

وقد روى مسلم (1513) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ) .

قال في "الروض المربع"، ص 309: "الشرط السادس أن يكون المبيع معلوما عند المتعاقدين؛ لأن جهالة المبيع غرر ومعرفة المبيع إما (برؤية) له أو لبعضه الدال عليه مقارنة أو متقدمة بزمن لا يتغير فيه المبيع ظاهرا، ويلحق بذلك ما عرف بلمسه أو شمه أو ذوقه (أو صفة) تكفي في السلم، فتقوم مقام الرؤية في بيع ما يجوز السلم فيه خاصة...

(و) الشرط السابع: أن يكون الثمن معلوما للمتعاقدين أيضا كما تقدم؛ لأنه أحد العوضين فاشترط العلم به كالمبيع" انتهى.

وحيث كان الذهب معلوما، والثمن معلوما، فإن البيع صحيح، ولا عبرة بكون الثمن مركبا من أمرين: سعر جرام الذهب، والمصنعية، وأنك لم تعلمي قدر المصنعية، فحيث علمتِ الثمن إجمالا فإن البيع صحيح، ولا حق لك في الفسخ إلا عند حصول الغبن.

ثانيا:

إذا وُجِد غبنٌ [أي: خداع] في الثمن، فللمشتري الخيار بين فسخ البيع أو إمضائه.

والغبن المعتبر يُرجع فيه إلى عادة التجار، عند جمهور العلماء .

وفي "الموسوعة الفقهية" (20/ 150): " والمراد بالغبن الفاحش عند الحنفية، والمالكية في الراجح، والحنابلة في قولٍ: أن العبرة في تقدير الغبن على عادة التجار. وإن اختلفت عباراتهم فإنها كلها تؤدي إلى هذا المعنى.

وإنما كانت العبرة بتقويم المقوّمين، لأنهم هم الذين يُرجع إليهم في العيوب، ونحوها من الأمور التي تقتضي الخبرة في المعاملات.

والقول الثاني، لكل من المالكية والحنابلة: أن المعتبر في الغبن: الثلث.

والقول الثالث للمالكية: ما زاد على الثلث" انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " إذا اشترى سلعة بـ (2500) ريال، وهي لا تساوي إلا (1500) ريال، فإن كان البائع يعلم أن السعر (1500) ريال، ولكنه وجد هذا الرجل الغريب الذي لا يعرف الأسعار وباعها عليه بـ (2500)، فإنه آثم ولا يحل له ذلك، وإذا علم المشتري بهذا فله الخيار، وهذا يسمى خيار الغبن؛ لأن (1000) من (2500) كثير.

وأما لو كان الغبن يسيراً كـ (10%)، فهذا لا يضر، ولا يزال الناس يتغابون بمثله.

أما إذا كان البائع لا يعلم، مثل: أن تكون هذه السلعة بـ (2500)، ونزل السعر، والبائع لا يدري بنزوله: فالبائع غير آثم، لكن حق المشتري باقٍ، وله الخيار؛ لأنه مغبون" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (56/ 14).

وجمهور الفقهاء على حصر خيار الغبن في صور معدودة، يحصل فيها التغرير من الطرف الآخر، كتلقي الركبان، والنجش، والمسترسل الذي يقول: أبيعك بما يشتري الناس وهو لا يدري، فهؤلاء هم الذين لهم الخيار، وأما غير هؤلاء فلا خيار لهم عند الجمهور.

وذهب المالكية في قولٍ: إلى أن خيار الغبن يثبت لكل من غُبن، إذا كان يجهل القيمة، وقيده بعضهم بالثلث.

قال القاضي عبد الوهاب في عيون المسائل ص 399: " إذا ظهر في البيع غبن كثير، نُظر: فإن كان من أهل النظر والبصيرة بتلك السلعة، وأسعارها في وقت البيع: لم يثبت الفسخ.

وإن كانا، أو أحدهما، جاهلًا بتقلّب السعر وتغيره عند العقد، وتفاوت الغبن فيما عقد عليه، ثبت له الفسخ.

ومن أصحابنا من اعتبر الثلث في القيمة.

ولم يحدّ مالك فيه حدًّا، إِلَّا في وجه: [إذا خرج] عن تغابن النَّاس في مثل تلك السلعة " انتهى، وينظر: "شرح ابن بطال" للبخاري (246).

وقال الدسوقي: " وقال المتيطي: قال بعض البغداديين: إن زاد المشتري في المبيع على قيمته الثلث فأكثر، فسخ البيع، وكذلك إن باع بنقصان الثلث من قيمته فأعلى، إذا كان جاهلا بما صنع، وقام قبل مجاوزة العام، وبهذا أفتى المازري وابن عرفة والبرزلي وابن لُب، ومشى عليه ابن عاصم في متن التحفة حيث قال:

ومن بغبنٍ في مبيع قاما**** فشرطه أن لا يجُوز العاما

وأن يكون جاهلا بما صنع**** والغبن للثلث فما زاد وقع

وعند ذا يفسخ بالأحكام**** وليس للعارف من قيام اهـ.

قلت: والعمل به مستمر عندنا بفاس اهـ. بن" انتهى من "الشرح الكبير" (3/ 140).

وعلى هذا؛ فلو كان الثمن -الإجمالي- زائدا بقدر معتبر على ما يتبايع الناس به، فلك خيار الفسخ، وإلا فلا.

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android