قال الله تعالى: حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* وَقَالُوا۟ لِجُلُودِهِمۡ لِمَ شَهِدتُّمۡ عَلَیۡنَاۖ .... فصلت/ 20-٢١.
وإنما اقتصروا في توجيه الملامة على جلودهم -والله أعلم- لأنها حاوية لجميع الحواس والجوارح؛ فكان ملامُهم للجلود، ملاما لكل الحواس التي شهدت عليهم.
قال ابن عاشور رحمه الله :
"وشهادة الجلود؛ لأن الجلد يحوي جميع الجسد لتكون شهادة الجلود عليهم شهادة على أنفسها، فيظهر استحقاقها للحرق بالنار لبقية الأجساد، دون اقتصار على حرق موضع السمع والبصر. ولذلك اقتصروا في توجيه الملامة على جلودهم؛ لأنها حاوية لجميع الحواس والجوارح" انتهى من "التحرير والتنوير" (24/267).
وقال الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله:
«قال اللهُ تعالى: وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا ولم يَقُلْ: لأبصارِهِم؛ لأنَّ شَهادَةَ الجُلودِ أَعْظَمُ وأعَمُّ». انتهى، من "تفسير العثيمين: فصلت" (ص120).
وقيل: إنما خص الجلود، لأن شهادتها أعجب من شهادة غيرها.
قال نور الدين الإيجي: "وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ)، خص الجلود بالسؤال لأن الشهادة منها أعجب إذ ليس شأنها الإدراك بخلاف السمع والبصر». انتهى، من "تفسير الإيجي جامع البيان في تفسير القرآن" (4/ 41).
وينظر أيضا للفائدة: "تفسير الألوسي: روح المعاني" (12/ 367)، "فتح البيان في مقاصد القرآن"، لصديق حسن خان (12/ 241).
والله أعلم.