هل صح حديث عائشة في تقبيلها رأس النبي صلى الله عليه وسلم؟

السؤال: 585434

أسرني أدب أمنا عائشة ورقَّتها الجمَّة مع سيدنا النّبي صلى الله عليه وسلم وهي تقول: "فتَنَحَّيت وجلست ساعةً، ثم قمتُ فقَبَّلت رأسه".

ملخص الجواب

هذا الخبر لا يصح إسناده.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

هذا الخبر رواه ابن ماجه (3859)، قال: حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ الصَّيْدَلَانِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ الْفَزَارِيِّ، عَنْ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الطَّاهِرِ الطَّيِّبِ الْمُبَارَكِ الْأَحَبِّ إِلَيْكَ، الَّذِي إِذَا دُعِيتَ بِهِ أَجَبْتَ، وَإِذَا سُئِلْتَ بِهِ أَعْطَيْتَ، وَإِذَا اسْتُرْحِمْتَ بِهِ رَحِمْتَ، وَإِذَا اسْتُفْرِجَتَ بِهِ فَرَّجْتَ.

قَالَتْ: وَقَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: يَا عَائِشَةُ، هَلْ عَلِمْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ دَلَّنِي عَلَى الِاسْمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ؟ " قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! فَعَلِّمْنِيهِ، قَالَ: إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَكِ يَا عَائِشَةُ، قَالَتْ: فَتَنَحَّيْتُ وَجَلَسْتُ سَاعَةً، ثُمَّ قُمْتُ فَقَبَّلْتُ رَأْسَهُ، ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِيهِ … ).

وإسناد هذا الخبر ضعيف، كما نص على هذا الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (11 / 224).

وقال البوصيري رحمه الله تعالى:

" هذا إسناد فيه مقال … أبو شيبة لم أر من جرحه ولا من وثقه، وباقي رجال الإسناد ثقات " انتهى. "مصباح الزجاجة" (4 / 146).

والظاهر أن أبا شيبة هو عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي، كما سيأتي في الطريق الثاني لهذا الخبر، وعبد الرحمن هذا قد ضُعّف.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

" عبد ‌الرحمن ‌بن ‌إسحق الواسطي أبو شيبة ...: ضعفوه " انتهى. "المغني في الضعفاء" (2 / 375).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" … أبو شيبة الواسطي هو عبد الرحمن ابن إسحاق، تقدموا.

أبو شيبة ‌عن ‌عبد ‌الله ‌ابن ‌عكيم، ‌يحتمل ‌أن ‌يكون أحد هؤلاء، والا فمجهول " انتهى. "تقريب التهذيب" (ص648).

وقول البوصيري: إن باقي رجال الإسناد ثقات، بناء على أن الفَزَارِيِّ، شيخ محمد بن سلمة، هو الراوي الثقة أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري، كما نبه على هذا المزي، حيث قال رحمه الله تعالى:

" حديث: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الطَّاهِرِ الطَّيِّبِ … ) الحديث. ق في الدعاء (9: 6): عن أبي يوسف محمد بن أحمد الصيدلاني الرقِّي، عن محمد بن سلمة، عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري، ‌عن ‌أبي ‌شيبة، عن عبد الله بن عكيم به " انتهى. "تحفة الأشراف" (11 / 465 — 466).

لكن يحتمل جدا أنه محمد بن عبيد اللّه العَرْزَمِيّ الكوفيّ، وقد ضُعّف.

قال ابن عدي رحمه الله تعالى:

" ومحمد ‌بن ‌سلمة ‌الحراني فِي عامة ما يروى: عن مُحَمد بن عُبَيد الله العرزمي يقول: عن الفزاري، فيكني عنه، ولا يسميه، لضعفه. وأحيانا يسميه وينسبه " انتهى. "الكامل في ضعفاء الرجال" (9 / 20).

قال الشيخ ياسر بن فتحي، آل عيد، وفقه الله:

"«وممن جزم أيضًا بأن الفزاري شيخ محمد بن سلمة هو: محمد بن عبيد الله العرزمي: الدارقطني [علل الدارقطني (5/ 283/ 886)، أطراف الغرائب والأفراد (2/ 38/ 3869)].

ومحمد بن عبيد الله العرزمي: متروك، منكر الحديث.

وعليه: فهو حديث منكر.» انتهى، من فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (18/ 303).

وروى هذا الخبر بنحوه محمد بن فضيل الضبي في "الدعاء" (ص162)، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: أَهْدَيْتُ لِعَائِشَةَ جِرَابًا مِنْ قُسْطِ عَنْبَرٍ ، فَدَخَلْتُ بِهِ عَلَيْهَا ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّتَاهُ، هَذَا جِرَابٌ مِنْ قُسْطٍ أَهْدَيْتُهُ لَكِ. قَالَتْ: يَا جَارِيَةُ ، خُذِيهِ مِنْهُ، وَأَعْطِيهِ ذَلِكَ الْبُرْدَ الْأَحْمَرَ، فَقُلْتُ: هَذَا خَيْرٌ مِنَ الَّذِي جِئْتُ بِهِ. فَقَالَتْ: إِنَّكَ لِذَلِكَ أَهْلٌ. فَقُلْتُ: عَلِّمِينِي دُعَاءً سَمِعْتِيهِ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: نَعَمْ، ( دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ، شَعَرْتُ أَنِّي عَلِمْتُ الِاسْمَ الَّذِي دَعَا بِهِ صَاحِبُ سُلَيْمَانَ" . قَالَتْ: فَمَا مَلَكْتُ نَفْسِيَ أَنِ اعْتَنَقْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: عَلِّمْنِيهِ… ).

وهذا إسناد ضعيف، لضعف عبد الرّحمن بن إسحاق، كما سبق في كلام الذهبي رحمه الله تعالى.

وعبيد الله القرشي لا نعلم من المقصود بهذا الاسم.

قال الشيخ ياسر آل عيد:

"«حديث منكر؛ تفرد به عبد الرحمن بن إسحاق أبو شيبة الواسطي به، وهو: ضعيف، منكر الحديث، يروي ما لا يتابع عليه [التهذيب (4/ 231)، راجع الحديثين المتقدمين برقم (756 و 844)].

وشيخه: عبيد الله القرشي: لم أهتد إليه، ووجدت في بعض المصادر بهذا الإسناد لابن فضيل حديثًا آخر، وفيه: ثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن عبد الله بن عبيد القرشي، عن عبد الله بن عكيم، ولم أهتد إليه أيضًا [انظر: ما أخرجه ابن أبي شيبة (7/ 91/ 34431)، والحاكم (2/ 383) (3486 - ط دار المنهاج القويم)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 35)، والبيهقي في الشعب (15/ 120/ 5110 1)] [الإتحاف (8/ 218/ 9245)].

وقد رويت قصة عائشة في اسم الله الأعظم من وجوه أخرى، من مسندها، ومن مسند أنس بن مالك، ولا يصح من ذلك شيء». انتهى، من "فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود" (18/ 304).

والله أعلم.
 

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android