اذا استنصح في الخِطبة فهل يجوز له ذكر عيوب الخاطب أو المخطوبة تفصيلا؟

السؤال: 583175

أنا شاب أعجبت بفتاة، وأفكر في الزواج بها مستقبلاً إن شاء الله إذا تيسرت ظروفي، سألت عنها شخصًا أثق به، فقال لي: "أنصحك تبتعد"، لكنه رفض أن يذكر السبب، وهو شخص ثقة، ولم يفضحها، وأنا كذلك لا أنوي فضحها أو الإساءة إليها.
سؤالي هو:
1. هل يجوز لي شرعًا أن أطلب منه معرفة السبب أو الذنب إن كان هناك ما يمنع الزواج؟
2. وإذا أخبرني بشيء، فهل يُعد ذلك من الغيبة أو الفضح المحرم أو الفضول المحرم؟
3. وهل يجوز في مثل هذه الحالة أن يُخبر الشخص السائل ـ إذا كان ثقة ولا يفضح، وأنا على يقين من ذلك ـ بسبب يمنع الزواج، كعيب مؤثر أو ماضٍ له أثر على صلاحية الزواج، مع بقاء النية الطيبة وعدم قصد التشهير؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

من طُلبت منه النصيحة في خطبة فتاة، فعَلم منها ما يدعو إلى تركها، من نقص في دينها، أو عيب في خَلقها أو خُلقها: وجب عليه النصح، والتحذير من خطبتها. ويكتفي بالإجمال، فيقول: إنها لا تصلح لك، أو لا خير لك فيها، ونحو هذا، وينبغي أن يكتفي المستنصح بهذه النصيحة المجملة، ما دام ثقة يرجو له الخير، ويعلم ما يُحذَر من الصفات والأخلاق، وما لا يُحذر.

سئل الإمام أحمد - رضي الله عنه - عن الرجل ‌يُسأل ‌عن ‌الرجل ‌يُخطب ‌إليه، ‌فيسأل عنه، فيكون رجل سوء، فيخبره مثل ما "أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال لفاطمة: معاوية عائل، وأبو جهم عصاه على عاتقه"، يكون غيبة إن أخبره؟

قال: المستشار مؤتمن يخبره بما فيه، وهو أظهر، ولكن يقول: ما أرضاه لك، ونحو هذا أحسن" انتهى من "غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب" (1/ 107).

وقال النووي رحمه الله فيما يباح من الغيبة: "ومنها: ما استشارك إنسان في مصاهرته، أو مشاركته، أو إيداعه، أو الإِيداع عنده، أو معاملته بغير ذلك= وجب عليك أن تذكر له ما تَعلمه منه على جهة النصيحة.

فإن حصل الغرض بمجرّد قولك: لا تصلحُ لك معاملتُه، أو مصاهرُته، أو لا تفعلْ هذا، أو نحو ذلك= لم تجز الزيادةُ بذكر المساوئ.

وإن لم يحصل الغرض إلا بالتصريح بعينه، فاذكره بصريحه" انتهى من "الأذكار"، ص341

وقال ابن الملقن رحمه الله: "ومن ‌استشير ‌في ‌خاطب ذكر مساويه بصدق، أي إذا لم يندفع بدون ذلك؛ بذلا للنصيحة، فإن اندفع بدون تعيينها، كقوله: لا خير لك فيه ونحوه؛ فإنه لا يحل تعيينها" انتهى من "عجالة المحتاج" (3/1188).

لكن قد لا تحصل الثقة بكلام الناصح، أو يُخشى أن يكون أساء التقدير، أو اعتمد على شائعة لم تثبت، أو لديه ورعٌ زائد يحمله على التحذير، فحينئذ لا حرج في طلب التعيين، أو أن يقال له: أخشى أن يكون الأمر لا يستدعي الترك، أو أن تكون قد اعتمدت على شائعة لم تتحقق منها، فإن أصر على الإجمال، وفُهم من الحال أنه لا يبالغ، ولا يتعنت، فينبغي الاكتفاء بذلك؛ إذ لا حاجة للتفصيل.

ويدل على جواز التعيين عند الحاجة: حديث فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رضي الله عنها، قالت: " إِنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ، فَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُكْنَى ، وَلَا نَفَقَةً ، قَالَتْ : قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي ) ، فَآذَنْتُهُ ، فَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ ، وَأَبُو جَهْم ٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْد ٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَرَجُلٌ تَرِبٌ، لَا مَالَ لَهُ، وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَرَجُلٌ ضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ، وَلَكِنْ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ )...،قَالَتْ : فَتَزَوَّجْتُهُ ، فَاغْتَبَطْتُ" رواه مسلم (1480).

قال المازري رحمه الله: " وقال صلى الله عليه وسلم فيمن استشير في نكاحه: "إنه صعلوك" وقال في الآخر: "إنه لا يضع عصاه عن عاتقه" ولم ير ذلك غيبة؛ لما كان مستشارا في النكاح ودعت الضرورة إليه" انتهى من "المعلم بفوائد مسلم" (1/ 272).

والظاهر أن الداعي لذلك كونه صلى الله عليه وسلم سيشير عليها بأسامة، وهو مولى، وهي قرشية، وكان أسود شديد السواد، ولهذا لما أشار عليها به كرهته، كما جاء عند مسلم، ثم قبلت الزواج منه، واغتبطت به.

فهذا المقام قد يستدعي أن تذكر العيوب بالتعيين، في بعض الأحيان، لزيادة طمأنينة النفس بترك فلان، والزواج من فلان.

والحاصل: أن الأصل أن يكتفي الناصح بالإجمال، ولا يحل له التعيين إن كفى الإجمال.

وأن يكتفي المستنصح بذلك، ما لم تدع الحاجة إلى طلب التعيين.

والله أعلم.
 

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android