أولاً:
يشرع للمرء أن يتمضمض ويستنشق عند الوضوء وجوبا أو استحبابا على ما هو متقرر من خلاف بين أهل العلم، وينظر الفتوى: (153791) لبيان ما نرجحه في الموقع من وجوبهما.
فإذا أتم الإنسان المضمضة، ثم أكل في أثناء الوضوء شيئًا يسيرًا، لا ينقطع بسببه الموالاة في الوضوء: فإن ذلك لا يقدح في صحة الوضوء.
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أكل كتف شاة، ثم صلى فلم يتوضأ" رواه البخاري (204) ومسلم (354).
وعن جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ: أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ، فَدُعِيَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَأَلْقَى السِّكِّينَ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ" رواه البخاري (205) ومسلم (355).
فدل على عدم تأثير الأكل على صحة الوضوء.
ولكن يستحب له المضمضة لما ثبت من حديث ابن عباس "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم شَرِبَ لَبَنًا ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ ، فَتَمَضْمَضَ ، وَقَالَ:إِنَّ لَهُ دَسَمًا" رواه مسلم (358).
قال النووي رحمه الله:
"فيه استحباب المضمضة مِنْ شُرْب اللبن.
قال العلماء وكذلك غيره من المأكول والمشروب: تستحب له المضمضة، ولئلا تبقى منه بقايا يبتلعها في حال الصلاة، ولتنقطع لزوجته ودسمه، ويتطهر فمه" انتهى من "شرح النووي على مسلم" (4/ 46).
فحديث الأكل من كتف الشاة لبيان الجواز، وحديث المضمضة من اللبن لبيان الاستحباب.
وعلى ذلك، فمن أكل أثناء وضوئه، وبعد ما تمضمض في أوله، شيئا تبقى منه بقايا في فمه، فيستحب له أن يتمضمض مرة ثانية، لإزالة ما بقي في فمه من آثار الطعام.
ويستثنى من ذلك أكل لحم الجزور فإنّ أكله أثناء الوضوء أو بعده ناقض للوضوء على القول الراجح. وينظر الفتوى: (7103).
ثانياً:
أما شرب الماء أو غيره أثناء الوضوء: فلا يؤثر على صحة الوضوء، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن يتجنب الإنسان دخول الماء إلى الجوف عند الوضوء، حال الصيام، فدل على أنّه في غير حال الصيام لا يؤثر.
لقول النبي صلى الله عليه وسلم للَقِيطِ بْنِ صَبِرَة رضي الله عنه: أَسْبِغْ الْوُضُوءَ ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الأَصَابِعِ ، وَبَالِغْ فِي الاسْتِنْشَاقِ إِلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا رواه أبو داود (142) وصححه الألباني.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
"هل يجوز شرب الماء أثناء الوضوء؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز أن يشرب الإنسان الماء أثناء الوضوء. لكن إذا كان مكان الماء بعيداً بحيث تنقطع الموالاة إذا ذهب ليشرب، فإنه ينتظر حتى ينتهي من وضوئه، ثم يذهب ويشرب" انتهى من "فتاوى نور على الدرب للعثيمين" (7/ 2 بترقيم الشاملة).
ثالثا:
أما قراءة القرآن عاريا فسبق جوابه في السؤال رقم (521589)
والله أعلم.