أولا:
إذا تم البيع، وتفرق المتبايعان عن المجلس، فقد لزم البيع؛ لما روى البخاري (2112) ومسلم (1531) عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، وَكَانَا جَمِيعًا).
وهذا ما لم يوجد عيب أو غبن، أو خيار شرط للمشتري، فإن وجد شيء من ذلك فله الخيار.
ومن اشترت قميصا، واستلمته وعاينته، ثم أرادت إرجاعه لأنه ليس على مقاس من تريد إهداءه إليها، فلا خيار لها؛ لأنه لا عيب ولا غبن، ولم تشترط مدة.
ثانيا:
لا يلزمك فسخ البيع، لكن تستحب الإقالة، خاصة إذا لم يكن عليك ضرر في ذلك؛ لما روى أبو داود (3460) وابن ماجه (2199) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
قال البهوتي رحمه الله في كشاف القناع (3/ 248): "(والإقالة للنادم مشروعة): أي مستحبة؛ لحديث أبي هريرة مرفوعا: من أقال مسلما أقال الله عثرته يوم القيامة رواه ابن ماجه ورواه أبو داود، وليس فيه ذكر يوم القيامة.
(وهي) أي الإقالة (فسخ) للعقد، لا بيع؛ لأنها عبارة عن الرفع والإزالة، يقال: أقال الله عثرتك، أي أزالها" انتهى.
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: "بعت سيارتي على أحد الأشخاص وتم الاتفاق على قيمتها، ولكنه أعطاني مبلغ ستمائة ريال على أن تبقى السيارة لدي حتى يدفع باقي الثمن، وبعد حوالي نصف شهر جاءني طالبا فسخ البيع وإعادة الفلوس التي دفعها إلى مسبقا إليه، فرفضت ذلك فهل يحق له المطالبة بها، وماذا يلزمني الآن؟
فأجاب: إذا أجبته إلى طلبه ورددت عليه نقوده فهو أفضل، ولك عند الله أجر عظيم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أقال مسلما بيعته أقال الله عثرته"" انتهى من فتاوى ابن باز (19/ 62).
والحاصل: أن لك التمسك بالبيع وعدم فسخه، ولو أقلتها من ذلك، أو غيرت لها المقاس، إن طلبت ذلك: فهو أفضل، وهو مستحب في حقك.
والله أعلم