أولا:
هذا الحديث له شُهرة مستفيضة.
قال الحاكم رحمه الله تعالى: " والحديث المشهور المستفيض بذلك: قوله صلى الله عليه وسلم: ( نَضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا حَتَّى يُؤَدِّيهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا ) الحديث " انتهى. "معرفة علوم الحديث" (ص 172).
بل عده بعض أهل العلم من متواتر الأخبار، وقد تغني هذه الشهرة عن مزيد التدقيق في أسانيده، فله طرق كثيرة عن جماعات من الصحابة رضوان الله عليهم.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" وهو حديث مشهور، خُرِّجَ في السنن، أو بعضها من حديث: ابن مسعود، وزيد بن ثابت، وجبير بن مطعم.
وصححه ابن حبان، والحاكم، وذكر أبو القاسم بن منده في تذكرته: رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أربعة وعشرون صحابيا، ثم سرد أسماءهم، وقد تتبعت طرقه، فوقع لي أكثرها، وزيادة ستة، فأقتصر هنا على القوي منها " انتهى. "موافقة الخبر الخبر في تخريج أحاديث المختصر" (1 / 363).
وفي هذه الطرق الصحيح وغيره.
قال المنذري رحمه الله تعالى:
"وقد روي هذا الحديث أيضا عن ابن مسعود، ومعاذ بن جبل، والنعمان بن بشير، وجبير بن مطعم، وأبي الدّرداء، وأبي قرصافة جندرة بن خيشنة، وغيرهم من الصّحابة رضي الله عنهم.
وبعض أسانيدهم صحيح " انتهى. "الترغيب والترهيب" (1 / 23).
ومن أشهر طرق الحديث وأصحها، التي أخرجها أصحاب السنن وغيرهم؛ حديث عبد الله بن مسعود، وحديث زيد بن ثابت:
أمّا حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
فرواه الإمام أحمد (7 / 221 )، والترمذي (2657)، وابن ماجه (232)، وابن حبان "الاحسان" (1 / 268)، وغيرهم من طرق عدة: عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ: نَضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا شَيْئًا فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ.
وقال الترمذي رحمه الله تعالى:
" هذا حديث حسن صحيح، وقد رواه عبد الملك بن عمير عن عبد الرّحمن بن عبد الله " انتهى.
ورواه أبو نعيم في "الحلية" من هذا الطريق، ثم قال رحمه الله تعالى:
" رواه عن سماك عدة ... صحيح ثابت" انتهى. "حلية الأولياء" (7 / 331).
وسماك بن حرب: تكلّم فيه. قال الذهبي رحمه الله تعالى:
"سماك بن حرب أبو المغيرة الذهلي أحد علماء الكوفة ...
قلت: هو ثقة ساء حفظه، قال صالح جزرة: يضعّف. وقال ابن المبارك: ضعيف الحديث. وكان شعبة يضعّفه، وقوّاه جماعة " انتهى. "الكاشف" (1 / 465).
لكنه لم ينفرد بهذا الخبر، فقد تابعه عبد الملك بن عمير، كما سبق في كلام الإمام الترمذي.
وحديث عبد الملك هذا رواه: الشافعي في "الرسالة (ص 401)، والترمذي (2658)، والحميدي (1 / 200): عَنْ سُفْيَان، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: نَضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا وَبَلَّغَهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ....
وصححه الحافظ ابن حجر في "موافقة الخبر الخبر" (1 / 364).
لكن كلا الطريقين مدارهما على عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وقد تكلّم في سماعه من أبيه.
قال العلائي رحمه الله تعالى:
" وقال فيه الترمذي حديث حسن صحيح، وكذلك صححه غيره أيضا، وقد اختلف في سماع عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود من أبيه، فالصحيح أنه سمع منه دون أخيه أبي عبيدة، قاله الإمام البخاري وغيره " انتهى. "جامع التحصيل" (ص 53 — 54).
وعبد الرحمن قد توبع أيضا في هذا الخبر عن ابن مسعود رضي الله عنه.
فرواه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (1 / 181)، والخطيب في "شرف أصحاب الحديث" (ص18): عن أَبي يَعْلَى أَحْمَد بْن عَلِيٍّ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ الْمَفْلُوجُ، حدثنا عُبَيْدَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَحَفِظَهَا وَأَدَّاهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ.
ثم قال الخطيب: " حدثني من سمع عبد الغني بن سعيد المصري الحافظ، يقول: أصح حديث يروى في هذا الباب حديث عبيدة بن الأسود هذا " انتهى.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" أخرجه عبد الغني بن سعيد في كتاب "أدب المحدث" عن يعقوب بن مسدد، عن أبي يعلي، كما أخرجناه، وقال: تذاكرت أنا وأبو الحسن الدارقطني طرق هذا الحديث، فقال: هذا أصح شيء روي فيه. انتهى.
وأخرجه أبو جعفر العقيلي، عن عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل وجعفر بن محمد الغريابي؛ كلاهما عن عبد اللَّه بن محمد بن سالم، ورجال إسناده كلهم كوفيون موثقون، وليس فيه رجحان على ما قبله، إلا ما في الذي قبله من الاختلاف في سماع -إسناد- عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن مسعود من أبيه، وفي إنضمام الطريقين ما يقوي الحكم بصحته عن ابن مسعود. اللَّه أعلم " انتهى. "موافقة الخبر الخبر" (1 / 365).
تنبيه: قوله: " سماع -إسناد- ": كذا وقع في النسخة المطبوعة، وكأن كلمة "إسناد" مقحمة.
ورواه أبو نعيم من حديث مرة عن ابن مسعود. وهذا في "أخبار أصبهان" (2 / 51): حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا عمر بن أحمد بن إسحاق الأهوازي، حدثنا عبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي، عن محمد بن طلحة، عن زبيد، عن مرة، عن عبد الله بن مسعود، قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد: مسجد الخيف، فقال: ( نَضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ مقالتي هذه فحفظها ... ) الحديث.
فالحاصل؛ أن حديث ابن مسعود رضي الله عنه صحيح، كما سبق في كلام أهل العلم، وطرقه يقوي بعضها بعضا.
وأما حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه:
فرواه الإمام أحمد في "المسند" (35 / 467)، وأبو داود (3660)، والترمذي (2656)، والنسائي في "السنن الكبرى" (5 / 363)، وابن حبان "الاحسان" (1 / 270)، وغيرهم: عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ بن عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ الرحمن بن أبان بن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: نَضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ غَيْرَهُ، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ.
وقال الترمذي: " حديث زيد بن ثابت حديث حسن " انتهى.
وصحح إسناده البيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى" (1 / 105 — 106).
وصححه الحافظ ابن حجر في "موافقة الخبر الخبر" (1 / 368).
وانظر للفائدة: "مسند أحمد"، ط الرسالة، حواشي التحقيق (7/221-224).
ثانيا:
هذا الحديث حث فيه النبي صلى الله عليه وسلم على تبليغ سنته، ودعا للمبلغين بالنضارة.
والنَّضَارَة: الحسن والبهاء والبهجة.
قال الخطابي رحمه الله تعالى:
" قوله: ( نَضَّرَ اللهُ )، معناه: الدعاء له بالنضارة: وهي النعمة والبهجة. يقال بتخفيف الضاد [=نَضَر]، وتثقيلها [=نَضَّرَ]، وأجودهما التخفيف " انتهى. "معالم السنن" (4 / 187).
وهذه النضارة يحتمل أن تكون بنضارة الوجه والحال في الدنيا، ويحتمل أن تكون في الآخرة بدخول الجنة؛ لأن أهلها هم أصحاب الوجوه الناضرة.
قال الرامهرمزي رحمه الله تعالى:
" قوله صلى الله عليه وسلم: ( نَضَّرَ اللهُ امْرَأً ) … يحتمل معناه وجهين:
أحدهما: يكون في معنى: ألبسه الله النَّضرة، وهي الحُسْن وخُلوص اللّون، فيكون تقديره: جمّله الله وزيّنه.
والوجه الثاني: أن يكون في معنى: أوصله الله إلى نَضرة الجنّة، وهي نعمتها وغضارتها؛ قال الله عز وجل: تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ، وقال: وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا " انتهى. "المحدث الفاصل" (ص 136).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" وفي هذا دعاء منه لمن بلغ حديثه، وإن لم يكن فقيها. ودعاء لمن بلغه، وإن كان المستمع أفقه من المبلغ؛ لما أعطي المبلغون من النضرة؛ ولهذا قال سفيان بن عيينة: لا تجد أحدا من أهل الحديث إلا وفي وجهه نضرة؛ لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم " انتهى. "مجموع الفتاوى" (1 / 11).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" نضر الله: يعني حسنه؛ لأن نضر بالضاد من الحسن، ومنه قوله تعالى: ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ).
( نَاضِرَةٌ ): يعني حسنة.
( إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ): يعني تنظر بالعين إلى الله عز وجل، جعلنا الله وإياكم منهم.
وكذلك أيضا قال الله تبارك وتعالى: ( فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا ) أي حسنا وسرورا، حسنا في الوجوه وسرورا في القلوب.
هنا يقول: ( نَضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا )، يعني مقالا، فأداه كما سمعه، والمراد بذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للإنسان، إذا سمع حديثًا عن رسول الله، فبلغه كما سمعه؛ أن يحسن الله تعالى وجهه يوم القيامة" انتهى. "شرح رياض الصالحين" (5 / 447).
وقال الشيخ عبد المحسن العباد:
" ويكون المراد بالنضارة بالحديث: جمَّله الله وزينه، بما يظهر على وجهه من البهاء والحسن، وأوصله الله إلى نضرة الجنة ونعيمها، وكذا النضرة من حيث الجاه والقدر.
ويكون اختلاف الأقوال في ذلك، وتفسير الحديث ببعض هذه المعاني: من قبيل اختلاف التنوع، وليس من قبيل اختلاف التضاد " انتهى. "دارسة حديث: ( نَضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي )" (ص 174).
وهذا الدعاء يلحق من جمع هذه الشروط الأربعة: وهو أن يسمع السنة، ويضبط سماعها، ثم يحفظها إلى وقت الأداء والتبليغ، ثم تبليغها كما سُمعت من غير تبديل.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" فمن قام بهذه المراتب الأربع [ وهي: سماعَ الحديث، ثم وعيه، ثم حفظه، ثم تبليغه]: دخل تحت هذه الدعوة النبويّة المتضمّنة لجمال الظاهر والباطن، فإنّ النّضرةَ هي البهجة والحسن الذي يُكْساه الوجهُ، من آثار الإيمان، وابتهاج الباطن به، وفرح القلب وسروره والتذاذه به، فتظهر هذه البهجة والسرور والفرحة: نضارةً على الوجه.
ولهذا يجمع سبحانه بين السّرور والنّضرة، كما في قوله تعالى: فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا ؛ فالنّضرة في وجوههم، والسرور في قلوبهم.
فالنعيم وطيب القلب يظهر نضارة في الوجه، كما قال تعالى: تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ.
والمقصود أنّ هذه النّضرة في وجه من سمع سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووعاها، وحفظها، وبلّغها، هي أثر تلك الحلاوة والبهجة والسرور الذي في قلبه وباطنه" انتهى. "مفتاح دار السعادة" (1 / 197).
وقوله صلى الله عليه وسلم: فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ )، و ( فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ.
يدل على أن مبلغ السنة إلى غيره: لا يشترط فيه أن يكون فقيها، فقد يبلغ السنة إلى غيره، ويكون هذا المبلَّغ أفهم وأفقه لها.
قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
" ودل على أنه قد يحمل الفقهَ غيرُ فقيه، يكون له حافظا، ولا يكون فيه فقيها " انتهى. "الرسالة" (ص403).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" ورب للتقليل، وقد ترد للتكثير، ومبلَّغ بفتح اللام، وأوعى نعت له، والذي يتعلق به رب محذوف وتقديره يوجد أو يكون ... والمراد: رب مبلغ عني أوعى - أي: أفهم - لما أقول من سامع مني. وصرح بذلك أبو القاسم بن منده في روايته من طريق هوذة، عن ابن عون، ولفظه: ( فَإِنَّهُ عَسَى أَنْ يَكُونَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَشْهَدْ أَوْعَى لِمَا أَقُولُ مِنْ بَعْضِ مَنْ شَهِدَ ) " انتهى. "فتح الباري" (1 / 158).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" ( فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ )؛ لأنه ربما يكون الإنسان يسمع الحديث ويبلغه، ويكون المبلَّغ أوعى من السامع، يعني أفقه وأفهم وأشد عملا من الإنسان الذي سمعه وأداه، وهذا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم معلوم؛ تجد مثلا من العلماء من هو راوية يروي الحديث، يحفظه ويؤديه، لكنه لا يعرف معناه، فيبلغه إلى شخص آخر من العلماء يعرف المعنى ويفهمه، ويستنتج من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم أحكاما كثيرة، فينفع الناس، وقد سبق أن مثل الأول كمثل الأرض التي أمسكت الماء، فرويَ الناسُ وارتووا، لكنها لا تنبت، وأما الأرض الرياض التي أنبتت، هم الفقهاء الذين عرفوا الأحاديث وفقهوها، واستنتجوا منها الأحكام الشرعية " انتهى. "شرح رياض الصالحين" (5 / 447).
الخلاصة:
هذا الحديث مشهور صحيح.
وفيه فضل تبليغ سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم دعا لمن سمع كلامه ووعاه وبلّغه بالنّضرة، وهي البهجة ونضارة الوجه وتحسينه ...
ولو لم يكن في فضل العلم إلا هذا وحده لكفى به شرفا؛ فإنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم دعا لمن سمع كلامه، ووعاه، وحفظه، وبلّغه " انتهى. "مفتاح دار السعادة" (1 / 195 — 196).
ولمزيد الفائدة حول أسانيد هذا الحديث وفوائد متنه يحسن مطالعة رسالة الشيخ عبد المحسن العباد جزاه الله خيرا التي بعنوان: "دارسة حديث: نَضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي، رواية ودراية".
والله أعلم.