إذا كان على الإنسان دين أو أقساط بالجنيه، فلا يجوز الاتفاق على أنها ستسدد بعملة أخرى؛ لأن ذلك صرف مؤجل، وهو ربا، مهما كان سعر صرف العملة.
فلا يجوز أن تقول: إن الأقساط اليوم تساوي كذا من الدولارات، وستردها دولارات أو جنيهات تعادل هذه الدولارات، فكل ذلك ربا؛ لما فيه تأجيل الصرف.
والأصل في ذلك: حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) رواه مسلم (1587).
والعملات والنقود لها ما للذهب والفضة من الأحكام، فيجب التقابض عند مبادلة بعضها ببعض.
ومبادلة العملات يسمى الصرف، ولا يجوز التأجيل في الصرف، بأن يكون في ذمتك جنيهات، وتقول: سأعطيك دولارات، ولو بعد دقائق، فهذا صرف على ما في الذمة مع تأخر القبض، فهو ربا.
لكن يجوز في المجلس أن تحضر دولارات عما في ذمتك، من غير اتفاق سابق، فتدفعها لصاحبك برضاه، بشرط أن يكون الصرف بسعر وقت السداد؛ لما روى أحمد (6239)، وأبو داود (3354)، والنسائي (4582)، والترمذي (1242)، وابن ماجه (2262) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ [أي مؤجلا] وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال (لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ). والحديث صححه بعض العلماء كالنووي، وأحمد شاكر، وصححه آخرون من قول ابن عمر، لا من قول النبي صلى الله عليه وسلم منهم الحافظ ابن حجر والألباني. وانظر: "إرواء الغليل" (5/ 173).
قال ابن قدامة رحمه الله: "ويجوز اقتضاء أحد النقدين من الآخر، ويكون صرفا بعين وذمة، في قول أكثر أهل العلم" انتهى من "المغني" (4/ 37).
واحتج بحديث ابن عمر.
والحاصل:
أن ما تريد القيام به محرم؛ لما فيه من الصرف المؤجل، حتى لو فرض ثبات الجنيه أمام الدولار، وأن البائع سيعود ويأخذ نفس القدر من الجنيهات مستقبلا.
وعليك السعي لسداد ما عليك في وقته، وإن سمح البائع بالتأجيل فقد أحسن.
والله أعلم.