هل ما يصيب غير المسلم هو خير له كما هو حال المؤمن؟

السؤال: 568422

هل يختار الله تعالى الخير لغير المسلم؟ نحن نؤمن أن كل ما يحصل معنا هو خير من عند الله تعالى، وأن الخيرة فيما اختاره الله تعالى، وأن أمرنا كله خير، فهل كل ما يحصل مع غير المسلم هو خير من الله تعالى، أم إن الله تعلى يختار الخير للمؤمن فقط؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

روى مسلم (2999) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيرا له).

وقد دل الحديث على أمور، منها:

أولًا:

أن وجه كون كل ما يقضيه الله تعالى للمؤمن خيرًا، هو أن المؤمن يقع منه التعبد لله تعالى في جميع أحواله، سواء في ذلك السراء والضراء، فيكون مأجورًا في جميع أحواله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فهذا الحديث يعم جميع أقضيته لعبده المؤمن، وأنها خير له إذا صبر على مكروهها، وشكر لمحبوبها"، انتهى من "جامع المسائل" (1/ 165).

وقال رحمه الله تعليقا على الحديث نفسه:

"فمن أعانه على أن أطاعه في الابتلاء؛ كان الابتلاء رحمةً في حقه، بخلاف من خذله فعصاه. ويشهد لهذا: الحديثُ الذي في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (والذي نفسي بيده لا يقضي الله للمؤمن بقضاء إلا كان خيرا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء فشكر كان خيرا له، وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له).

فالمؤمن الذي منَّ الله عليه بالشكر والصبر، يكون جميع القضاء خيرًا له، بخلاف من لم يشكر ولم يصبر"، انتهى من "جامع المسائل" (4/ 284).

وقال رحمه الله أيضًا:

"فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا:

يقول الله سبحانه: ليس الأمر كذلك، ليس إذا ما ابتلاه فأكرمه ونعَّمه يكون ذلك إكرامًا مطلقًا، وليس إذا ما قدَر عليه رزقَه يكون ذلك إهانةً؛ بل هو ابتلاءٌ في الموضعين، وهو الاختبار والامتحان، فإنْ شكَر اللهَ على الرخاءِ وصبرَ على الشدةِ؛ كان كلُّ واحدٍ من الحالين خيرًا له، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرًا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء فشكر؛ كان خيرا له، وإن أصابته ضراء فصبر؛ كان خيرا له)، وإن لم يشكر ولم يصبر؛ كان كل واحدٍ من الحالين شرًّا له"، انتهى من "قاعدة في المحبة" (ص 156).

فيتبيَّن بذلك: أن قضاء الله يكون كله خيرًا للمؤمن، على شرط أن يصبر المؤمنُ في الضرَّاء، ويشكر في السرَّاء، فإن لم يفعل؛ كان شرًّا لا خيرًا.

ثانيًا:

قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ولا يكون ذلك إلا للمؤمن): دلَّ على أن الكافر ليس كذلك، وذلك بأنَّ الكافر لا أجر له، لا على شكرٍ ولا على صبرٍ؛ هذا إن قدر أنه شكر، أو صبر. فالكافر إن أصابته سراء: لم يشكر الله تعالى شكرًا ينفعُه ويثابُ عليه، وكذلك إن أصابته ضراء لم يصبر صبرًا يثاب عليه، لأنه فاقد لشرط قبول أعمال الإيمان، وهو التوحيد المنافي للكفر والشرك.

وينظر للفائدة جواب السؤالين: (310759)، و(320613).

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android