هل يجوز أن يقال: توكلت على بركه الله؟

السؤال: 567716

ما حكم قول توكلت على بركه الله؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

المشروع أن يقول المسلم: (توكلت على الله)، كما قال شعيب وموسى عليهما السلام ومن معهما من المؤمنين: عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا، كما في سورتي: [الأعراف-89]، و[يونس-85].

ومن قال بلسانه: (توكلت على الله) فهو إنما يخبر عما في قلبه من الاعتماد على الله تعالى، واللجوء إليه، لتحصيل المنافع ودفع المضار، في جميع أموره.

قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: "حقيقة التوكل: هو صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلها، وكِلَةُ الأمور كلِّها إليه، وتحقيق الإيمان بأنه: لا يعطي، ولا يمنع، ولا يضر، ولا ينفع؛ سواه"، انتهى من "جامع العلوم والحكم" (2/ 497).

ثانيًا:

التوكل لا يكون إلا على الله وحده، وذلك لأنه عمل قلبيٌّ خالص، واختصاص التوكل بالله وحده، يستفاد من أخْذِ قوله تعالى: وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا، مع قوله تعالى: وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فأمرَ أن يُتخَذ وكيلًا، ونهَى أن يُتخَذ من دونه وكيلًا، لأن المخلوق لا يستقل بجميع حاجات العبد، والوكالة الجائزة أن يوكَّل الإنسانُ في فعلٍ يقدر عليه، فيحصل للموكِّل بذلك بعضُ مطلوبه، فأمَّا مطالبه كلُّها؛ فلا يقدر عليها إلا الله، وذلك الذي يوكله لا يفعل شيئًا إلا بمشيئة الله عز وجل وقدرتِه، فليس له أن يتوكَّل عليه وإن وكله، بل يعتمد على الله في تيسير ما وكَّله فيه"، انتهى من "جامع الرسائل" (1/ 89).

ويقول ابن تيمية أيضًا: "إنَّ المتوكل يطلب ما رجاه من حصول المنفعة ودفع المضرة، والتوكل لا يجوز إلا على الله، كما قال تعالى: وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ..."، انتهى من "مجموع الفتاوي" (8/ 164).

وقال ابن القيم رحمه الله: "إنما الشأن في توحيد الإلهية الذي: دعت إليه الرسل، وأنزلت به الكتب، وتميَّز به أولياء الله من أعدائه، وهو: ألا يعبد إلا الله، ولا يحب سواه، ولا يتوكل على غيره"، انتهى من "المدارج" (1/ 235).

وقال أيضًا: "من خصائص الإلهية السجود، فمن سجد لغيره فقد شبه المخلوق به، ومنها: التوكل، فمن توكل على غيره فقد شبهه به"، انتهى من "الجواب الكافي" (ص 315).

وينظر للفائدة جواب السؤال: (546790).

ثالثًا:

قول القائل: (توكلت على بركة الله)، لم يتبين لنا معنًى صالحًا له، فإن التوكل إنما يصح على الله تعالى وحده، لأنه القادر على أن يخلق الخير والرزق ويوجدهما، وهو القادر على أن يحجز الضرَّ ويمنعه، فهو تعالى القادر على الضر والنفع، والعطاء والمنع.

وأما البركة فهي: الخير، والنماء، والزيادة، انظر "لسان العرب" (10/ 395).

فالبركة إنما يخلقها الله تعالى ويوجدها، فهي أمور مخلوقة لله تعالى، وما كان كذلك فليس هو مما يُتوكل عليه، فالبركة لا تُوجِد خيرًا ولا تمنع شرًا، وإنما يصح التوكل على الخالق سبحانه وحده، كما سبق شرحه.

فالصواب تجنُّب هذا اللفظ، فأقل ما فيه أنه من التقعر بالكلام، وهو مذموم، لا سيما في الكلمات والمعاني الشرعية المتعبد بها، كالتوكل.

وما أحسن أن يعوِّد الإنسان لسانه على كلمة (توكلت على الله)، يبتغي بذلك الأجر، لا سيما وهي الأشهر على ألسنة العباد إلى اليوم والحمد لله، الخاصة منهم والعامة، وهي سنةَ الأنبياء وأتباعهم والصالحين.

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android