هل ما ورد بخصوص عين الحياة في قصة الخضر صحيح؟

السؤال: 567347

أسأل عن هذه الزيادة في حديث موسى مع الخضر في حديث البخاري رقم (4727): قَالَ سُفْيَانُ وَفِي حَدِيثِ غَيْرِ عَمْرٍو قَالَ- (وَفِي أَصْلِ الصَّخْرَةِ عَيْنٌ يُقَالُ لَهَا الْحَيَاةُ لاَ يُصِيبُ مِنْ مَائِهَا شَيْءٌ إِلاَّ حَيِيَ، فَأَصَابَ الْحُوتَ مِنْ مَاءِ تِلْكَ الْعَيْنِ، قَالَ فَتَحَرَّكَ، وَانْسَلَّ مِنَ الْمِكْتَلِ، فَدَخَلَ الْبَحْرَ).
هل تصح؟! وما هذا السند عن غير عمرو الذي أشار إليه سفيان؟
في النفس من هذه العبارة شيء؛ حيث إن عين الحياة هذه مذكورة في أكثر العقائد الوثنية، تمنح الخلود لشارب مائها، وتزعم الصوفية أن الخضر شرب منها، ولهذا ما زال حيا.

ملخص الجواب

هذه الزيادة عن عين الحياة لم تثبت من كلام النبي صلى الله عليه وسلم

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

حديث الخضر مع موسى عليهما السلام، أصله متفق عليه.

رواه البخاري في مواضع من "الصحيح" (122)، (3401)، (4725)، (4727)، و مسلم (2380): عن سُفْيَان ابْنِ عُيَيْنَةَ، حدَّثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: أخبَرَني سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قالَ: قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ نَوْفًا الْبِكَالِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى صَاحِبَ ‌الْخَضِرِ لَيْسَ هو مُوسَى صَاحِبَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ، حدَّثني أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فذكر حديث قصة موسى مع الخضر عليهما السلام.

والمتفق على صحته من أمر الحوت، أنه: ( اضْطَرَبَ الْحُوتُ فِي الْمِكْتَلِ فَخَرَجَ منه فَسَقَطَ فِي الْبَحْرِ، فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ).

وأما ما ورد عند البخاري (4727): ( قالَ سُفْيَانُ: وَفِي حَدِيثِ غَيْرِ عَمْرٍو قالَ: وَفِي أَصْلِ الصَّخْرَةِ عَيْنٌ يُقالُ لَهَا الْحَيَاةُ، لَا يُصِيبُ مِنْ مَائِهَا شَيْءٌ إِلَّا حَيِيَ، فَأَصَابَ الْحُوتَ ‌مِنْ ‌مَاءِ ‌تِلْكَ ‌الْعَيْنِ، قالَ: فَتَحَرَّكَ وَانْسَلَّ مِنَ الْمِكْتَلِ فَدَخَلَ الْبَحْرَ ).

فهذه اللفظة وجودها في وسط الخبر لا تعني أن البخاري يصححها، وإنما ساق البخاري الحديث كما سمعه، والزيادة التي تلحقه إنما تعرف صحتها بصحة إسنادها، وسفيان ابن عيينة لم يذكره سندها.

وقد وردت هذه اللفظة عند الترمذي أيضا (3149)، لكن أشار إليها سفيان بصيغة الشك: ( قَالَ سُفْيَانُ: ‌يَزْعُمُ ‌نَاسٌ ‌أَنَّ ‌تِلْكَ ‌الصَّخْرَةَ ‌عِنْدَهَا ‌عَيْنُ ‌الْحَيَاةِ، وَلَا يُصِيبُ مَاؤُهَا مَيِّتًا إِلَّا عَاشَ ).

فلم يذكر لها سفيان إسنادا، ويحتمل أن تكون من أخبار أهل الكتاب التي كان بعض المفسرين من السلف يذكرونها، على العادة، وإن كانوا لا يثبتون بها علما.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" وهذه الزيادة التي ذكر سفيان أنها في حديث غير عمرو، قد أخرجها ابن مردويه: من رواية إبراهيم بن يسار، عن سفيان، مدرجة في حديث عمرو، ولفظه: ( حتى انتهينا إلى الصخرة فقال موسى عندها - أي نام - قال: وكان عند الصخرة عين ماء يقال لها: عين الحياة لا يصيب من ذلك الماء ميت إلا عاش، فقطرت من ذلك الماء على الحوت قطرة، فعاش، وخرج من المكتل فسقط في البحر ).

وأظن أن ابن عيينة أخذ ذلك عن قتادة، فقد أخرج ابن أبي حاتم من طريقه قال: ( فأتى على عين في البحر يقال لها عين الحياة، فلما أصاب تلك العين رد الله روح الحوت إليه ).

وقد أنكر الداودي فيما حكاه ابن التين هذه الزيادة فقال: لا أرى هذا يثبت، فإن كان محفوظا فهو من خلق الله وقدرته.

قال: لكن في دخول الحوت العين، دلالة على أنه كان حيي قبل دخوله، فلو كان كما في هذا الخبر، لم يحتج إلى العين. قال: والله قادر على أن يحييه بغير العين " انتهى. "فتح الباري" (8 / 415).

الخلاصة:

هذه الزيادة عن عين الحياة لم تثبت من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يصح التشبث بها لاثبات حياة الخضر عليه السلام.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" وتمسّك من قال بتعميره [أي الخضر] بقصة ‌عين ‌الحياة، واستندوا إلى ما وقع من ذكرها في "صحيح البخاري"، و "جامع الترمذي"، لكن لم يثبت ذلك مرفوعاً، فليحرّر " انتهى. "الإصابة في تمييز الصحابة" (3 / 244).

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android