حفظ
  • قائمة جديدة
المزيد
    حفظ
    • قائمة جديدة
45616/ذو القعدة/1446 الموافق 14/مايو/2025

ما المراد بـ (الشركاء) المذكورين في سورة الأنعام؟

السؤال: 566117

(وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَٰذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَٰذَا لِشُرَكَائِنَا ۖ فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَائِهِمْ ۗ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)
(وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ ۖ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) الأنعام / 136-137>
ما معنى شركاء في الآيات، هل هم المشركون-، ولماذا جاء التعبير بشركائنا أو شركائهم؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولاً:

قول الله تعالى: (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَٰذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَٰذَا لِشُرَكَائِنَا ۖ فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَائِهِمْ ۗ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) الأنعام/136.

المراد بالشركاء في الآية: الأوثان، بالإجماع.

قال الطبري رحمه الله في تفسيره (9/ 573): " أخبر [جل ثناؤه]: أنهم جعلوا لله من حرثهم وأنعامهم قَسْما مقدرا، فقالوا: هذا لله، وجعلوا مثله لشركائهم، وهم أوثانهم، بإجماع من أهل التأويل عليه، فقالوا: هذا لشركائنا، وإن نصيب شركائهم لا يصل منه إلى الله، بمعنى: لا يصل إلى نصيب الله، وما كان لله وصل إلى نصيب شركائهم" انتهى.

وقد جاء التعبير بلفظ "شركائنا" أو "شركائهم" تبعًا لسياق الخطاب: 

فالمشركون قالوا فيما زعموه: وَهَٰذَا لِشُرَكَائِنَا

فردَّ الله تعالى عليهم ببيان بطلان فعلهم، فقال سبحانه: فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ، وأيضًا قال تعالى: شُرَكَاؤُهُمْ

وفي جميع المواضع في الآية رقم (136) يراد بالشركاء: الأوثان والأصنام التي عبدوها مع الله تعالى.

قال ابن الجوزي رحمه الله في "زاد المسير" (2/81):

"وإنما أضيف الشركاء إليهم، لأنهم هم الذين اختلقوا ذلك وزعموه" انتهى.

روى الطبري في تفسيره (9/ 570) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَوْلُهُ: وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ [الأنعام: 136] الْآيَةَ، " وَذَلِكَ أَنَّ أَعْدَاءَ اللَّهِ كَانُوا إِذَا احْتَرَثُوا حَرْثًا، أَوْ كَانَتْ لَهُمْ ثَمَرَةٌ، جَعَلُوا لِلَّهِ مِنْهَا جُزْءًا، وَلِلْوَثَنِ جُزْءًا، فَمَا كَانَ مِنْ حَرْثٍ أَوْ ثَمَرَةٍ أَوْ شَيْءٍ مِنْ نَصِيبِ الْأَوْثَانِ حَفَظُوهُ، وَأَحْصَوْهُ، فَإِنْ سَقَطَ مِنْهُ شَيْءٌ فِيمَا سُمِّيَ لِلَّهِ، رَدُّوهُ إِلَى مَا جَعَلُوا لِلْوَثَنِ، وَإِنْ سَبَقَهُمُ الْمَاءُ إِلَى الَّذِي جَعَلُوهُ لِلْوَثَنِ، فَسَقَى شَيْئًا، جَعَلُوهُ لِلَّهِ، جَعَلُوا ذَلِكَ لِلْوَثَنِ، وَإِنْ سَقَطَ شَيْءٌ مِنَ الْحَرْثِ وَالثَّمَرَةِ الَّتِي جَعَلُوا لِلَّهِ، فَاخْتَلَطَ بِالَّذِي جَعَلُوا لِلْوَثَنِ، قَالُوا: هَذَا فَقِيرٌ، وَلَمْ يَرُدُّوهُ إِلَى مَا جَعَلُوا لِلَّهِ. وَإِنْ سَبَقَهُمُ الْمَاءُ الَّذِي جَعَلُوا لِلَّهِ، فَسَقَى مَا سُمِّيَ لِلْوَثَنِ تَرَكُوهُ لِلْوَثَنِ. وَكَانُوا يُحَرِّمُونَ مِنْ أَنْعَامِهِمُ: الْبَحِيرَةَ، وَالسَّائِبَةَ، وَالْوَصِيلَةَ، وَالْحَامَ، فَيَجْعَلُونَهُ لِلْأَوْثَانِ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يُحَرِّمُونَهُ لِلَّهِ، فَقَالَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ: وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا [الأنعام: 136] الْآيَةَ " انتهى.

ثانياً:

قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ)ُ الأنعام/137.

الشركاء: هنا الشياطين.

والتقدير: وكذلك زَيّن شركاءُ المشركين، لكثير منهم: قتل أولادهم..

عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ [الأنعام: 137] : شَيَاطِينُهُمْ يَأْمُرُونَهُمْ أَنْ يَئِدُوا أَوْلَادَهُمْ خِيفَةَ الْعَيْلَةِ رواه الطبري في تفسيره (9/ 575)، وسنده صحيح. كما في الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور (2/275).

قال سفيان الثوري عن مجاهد (ت161هـ) رحمهما الله : "إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به" "تفسير الطبري"، المقدمة (1/85).

وعلى ذلك: يكون "شركاء" فاعلاً لفعل (زَيّن)، بفتح الزاي، كما في قراءة الجمهور.

قال ابن الجوزي رحمه الله في "زاد المسير" (2/81):

"وللمفسرين في المراد بشركائهم أربعة أقوال: أحدها: أنهم الشياطين، قاله الحسن، ومجاهد، والسدِّي. والثاني: شركاؤهم في الشرك، قاله قتادة. والثالث: قوم كانوا يخدمون الاوثان، قاله الفراء، والزجاج. والرابع: أنهم الغُواة من الناس، ذكره الماوردي. وإنما أضيف الشركاء إليهم، لأنهم هم الذين اختلقوا ذلك وزعموه.

وفي الذي زيَّنوه لهم من قتل أولادهم قولان: أحدهما: أنه وأدْ البنات أحياءً خيفة الفقر، قاله مجاهد. والثاني: أنه كان يحلف أحدهم أنه إن ولد له كذا وكذا غلاماً أن ينحر أحدهم، كما حلف عبد المطلب في نحر عبد الله، قاله ابن السائب، ومقاتل" انتهى.

وقد رجح ابن جرير الطبري رحمه الله أن معنى الشركاء في الآية : الشياطين.

قال رحمه الله في تفسيره (9/ 574):

"(كَذَلِكَ زَيَّنَ لَكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ) [الأنعام/ 137] مِنَ الشَّيَاطِينِ، فَحَسَّنُوا لَهُمْ وَأْدَ الْبَنَاتِ، (لِيُرْدُوهُمْ) [الأنعام/ 137] يَقُولُ: لِيُهْلِكُوهُمْ، (وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ) [الأنعام/ 137] ، فَعَلُوا ذَلِكَ بِهِمْ لِيَخْلِطُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ فَيَلْتَبِسَ، فَيَضِلُّوا وَيَهْلِكُوا بِفِعْلِهِمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِمُ اللَّهُ. وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ لَا يَفْعَلُوا مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ مِنْ قَتْلِهِمْ لَمْ يَفْعَلُوهُ، بِأَنْ كَانَ يَهْدِيهِمْ لِلْحَقِّ وَيُوَفِّقُهُمْ لِلسَّدَادِ، فَكَانُوا لَا يَقْتُلُونَهُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ خَذَلَهُمْ عَنِ الرَّشَادِ فَقَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ وَأَطَاعُوا الشَّيَاطِينَ الَّتِي أَغْوَتْهُمْ" انتهى.

واكتفى به ابن كثير رحمه الله في تفسيره (3/ 345)، دون ذكر غيره من الأقوال.

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

خيارات تنسيق النص

خط النص

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android