أولا:
تقدم في جواب السؤال رقم: (308122) أن مرض ثنائي القطب bipolar disorder يؤدي إلى:
1 - حالة من الاكتئاب، فيها خمول مرضي زائد، يعيق النشاطات الحياتية الأساسية.
2 - حالة من الهوس، فيها نشاط مرضي زائد.
كما ذكرنا بعض أعراضه، وطرق علاجه في جواب السؤال رقم: (268960).
ثانيا:
كل أمر ينفّر أحد الزوجين من الآخر، ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة، فإنه عيب يجب بيانه، ويجب الخيار مع كتمانه.
قال ابن القيم رحمه الله: " والقياس: أن كل عيب ينفر الزوج الآخر منه، ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة: يوجب الخيار " انتهى من "زاد المعاد" (5/ 166).
وعليه؛ فإن كنت قد عوفيتِ من هذا المرض، بحيث لم يبق عرض من أعراضه، ولا تناول للدواء، فإنك لا تخبرين به.
وإن بقي شيء من أعراضه كالهوس الخفيف، أو كنت ملازمة للدواء، فيلزمك الإخبار؛ لما يترتب على الكتمان، ثم اطلاع الزوج على العرض ومعرفته بأصل المرض، أو اطلاعه على ملازمتك للدواء، من حدوث النفرة، واعتقاد أنه حصل له الغش والخداع، فلا يقبل الرجل حينئذ أن يقال له: لم نخبرك لأنه لم يبق إلا أثر يسير، بل سيقول: كان يجب إخباري ليكون القرار لي.
لا سيما إن كان طلاقك له علاقة بهذا المرض، فإن هذا يؤكد عليك وجوب الإخبار بالمرض.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (19/ 15): " س: لي أختان إحداهما كانت مريضة نفسيا، والآن بخير والحمد لله، ولكنها لا تستطيع ترك الدواء أو الإغفال عنه، بمعنى أوضح تعيش به إلى ما شاء الله، والثانية مريضة بمرض الروماتيزم، ولذلك فهي تتداوى بحقنه كل شهر، كما نصح الأطباء لوقف سير المرض بالجسم، وتأخذها حتى سن 35 سنة، هل لو تقدم لخطبتهما أحد للزواج لا بد من معرفة هذا المرض أو ذاك؟ وإن لم نفعل فهل علينا ذنب ويعتبر ذلك غشا يفسخ به العقد؟ أفيدونا أفادكم الله.
ج: يجب أن يبين للخاطب ما في المخطوبة من مرض وعيب إذا لم يعلم، ليكون على بينة من أمره؛ لقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: من غشنا فليس منا .
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.
فاستعيني بالله تعالى، وأخبري الخاطب بما منَّ الله عليك من الشفاء، وأنه لم يبق إلا أثر يسير، واعلمي أن الأمور تجري بقدر الله تعالى، فما قدره لك من رزق سيأتيك، ولا يطلب الرزق إلا بالحلال، كما روى مسلم (2663) عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهُمَّ أَمْتِعْنِي بِزَوْجِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِأَبِي أَبِي سُفْيَانَ، وَبِأَخِي مُعَاوِيَةَ قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ سَأَلْتِ اللهَ لِآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ، وَأَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ، وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ، لَنْ يُعَجِّلَ شَيْئًا قَبْلَ حِلِّهِ، أَوْ يُؤَخِّرَ شَيْئًا عَنْ حِلِّهِ، وَلَوْ كُنْتِ سَأَلْتِ اللهَ أَنْ يُعِيذَكِ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ، أَوْ عَذَابٍ فِي الْقَبْرِ، كَانَ خَيْرًا وَأَفْضَلَ.
وقال صلى الله عليه وسلم: (إن رُوح القدس نفث في رُوعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنّ أحدَكم استبطاءُ الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا يُنال ما عنده إلا بطاعته) رواه أبو نعيم في الحلية، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" برقم: (2085).
والله أعلم.