0 / 0
87408/شوال/1446 الموافق 06/أبريل/2025

ما هي حدود إخبار أحد الخاطبين بعيوب الآخر؟

السؤال: 553797

أريد أن أعرف حدود إخبار الخاطب عن عيوب مخطوبته، فإذا سألني أحد الاخوة عن فتاة يريد خطبتها، وهي لم تكن ذات خلق جيد، كانت تكلم الرجال على الإنترنت، ولكنها ملتزمة بالفروض الخمسة، فهل أخبره بهذا أم لا؟ وما حكم خطبة فتاة محجبة ولكن ترتدي البناطيل، ولكن ملتزمة بالصلوات الخمس ودينها؟
والسؤال الأهم أريد أن أعرف الأشياء التي إذا عرفتها عن المخطوبة أو الخاطب أخبر بها من يسأل عنهما؟ وما الأشياء التي إذا عرفتها لا أخبر بها؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولاً:

يجوز للمرء إذا استشاره أحد عن حال الخاطب أو المخطوبة، لغرض معرفة حالهما من حيث الديانة والأخلاق وما يتعلق بالعشرة الزوجية، وكان السائل جادا في أمر هذه الخطبة: أن يخبره عنما يتعلق بهذا الأمر، ويخبر عن حالتها القائمة، ولا يتعرض لما قد يكون مضى من أمرهما فالعبرة بالحال القائم، وما يتعلق بما هو من أسباب القبول والرفض للخاطب أو المخطوبة، من حيث الديانة والأخلاق وحسن العشرة، والقدرة على تحمل مسؤوليات الزواج ونحوه.

وهذا من باب التناصح وليس من الغيبة في شيء، وقد ذكر أهل العلم أن هذا مما يستثنى من الغيبة، وأنه من واجب المناصحة بين المسلمين.

ويكون ذلك الخبر خاصا بالخاطب أو المخطوبة، أو من يتوكل عنهما في ذلك، ولا يتعداه إلى من لا علاقة له بالأمر.

وقد استشارت فاطمة بنت قيس النبي صلى الله عليه وسلم عن الذين تقدموا لخطبتها، فبيّن لها النبي صلى الله عليه وسلم حالهم.

فعن فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ، قالت: " إِنَّه خَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ ، وَأَبُو جَهْم ٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْد ٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَرَجُلٌ تَرِبٌ، لَا مَالَ لَهُ، وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَرَجُلٌ ضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ، وَلَكِنْ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ...، قَالَتْ : فَتَزَوَّجْتُهُ ، فَاغْتَبَطْتُ" رواه مسلم (1480).

وينبغي ألا تتجاوز هذه النصيحةُ، الحدَّ الذي تحصل به المصلحة، فلو أمكن أن يقول كلاماً عاما، يؤدي الغرض؛ فلا يُفصل في عيوب المسؤول عنه.

فإذا قال: إنّ الخاطب لا يصلح لكم، أو ليس على التمام في أخلاقه ونحوه: كفى.

وإن كان لا يتأدى الغرض ولا تحصل المصلحة إلا بالتفصيل؛ فليفصل ما يُحتاج إليه في هذا المقام.

"سئل الإمام أحمد رحمه الله، عن الرجل ‌يُسأل ‌عن ‌الرجل ‌يخطب ‌إليه، ‌فيسأل عنه، فيكون رجل سوء؛ فيخبره مثل ما "أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال لفاطمة: معاوية عائل، وأبو جهم عصاه على عاتقه" ، يكون غيبة إن أخبره؟

قال: المستشار مؤتمن؛ يخبره بما فيه، وهو أظهر، ولكن يقول ما أرضاه لك ونحو هذا أحسن" انتهى من "غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب" (1/ 107).

قال ابن الملقن رحمه الله:

"ومن ‌استشير ‌في ‌خاطب: ذكر مساويه بصدق، أي إذا لم يندفع بدون ذلك، بذلا للنصيحة، فإن اندفع بدون تعيينها، كقوله لا خير لك فيه ونحوه؛ فإنه لا يحل تعيينها" انتهى من "عجالة المحتاج" (3/ 1188).

ثانياً:

أما خطبة الفتاة التي تحافظ على صلاتها وأمور دينها ولكنها تخرج بالبنطلون، فلا شك أنّ هذا مما عمت به البلوى في كثير من بلاد المسلمين، بسبب المفهوم الخاطئ للحجاب، فالثياب يجب سترها بالجلباب عند الخروج لأنها من الزينة التي أمر الله بتغطيتها في صدر آية النور وبدأ بالأمر بها قبل الأمر بالخمار ، لأنه القصد من الحجاب وَلَا يُبْدِينَ ‌زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ ‌زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ النور/ 31.

وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم المرأة التي لا جلباب لها وتريد الخروج لصلاة العيد أن تلبسها أختها من جلبابها، مما يدل على أن تغطية الملابس بالجلباب -العباءة- واجب وليس اختيارا. ويجب أن لا يكون الجلباب زينة بنفسه .

فعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: " أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي يَوْمِ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ: فَقُلْنَا: أَرَأَيْتَ إِحْدَاهُنَّ لَا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ؟ قَالَ: فَلْتُلْبِسْهَا ‌أُخْتُهَا ‌مِنْ ‌جِلْبَابِهَا رواه مسلم (1307).

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

"الجلباب مثل العباءة، فدل ذلك على أن المرأة لا تخرج كما يخرج الرجال، بل لابد لها من شيء تتجلبب به حتى تستر بذلك عورتها، وهذا أحد الأدلة على وجوب احتجاب المرأة، وأنه لا يمكن أن تكون بارزة كما يبرز الرجال" انتهى من "فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام" (2/ 399).

وجاء الأمر بالجلباب صريحا في آية الأحزاب.

قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ ‌يُدْنِينَ ‌عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ الأحزاب/59.

قال البغوي رحمه الله:

"جَمْعُ الْجِلْبَابِ، وَهُوَ الْمُلَاءَةُ الَّتِي تَشْتَمِلُ بِهَا الْمَرْأَةُ فَوْقَ الدِّرْعِ وَالْخِمَارِ" انتهى من "تفسير البغوي" (6/ 376).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

"(جلابيبهن) جمع جلباب وهي الملاءة، وهي تشبه العباءة عندنا...، وهذا يدل على أنه لا بد أن تخرج المرأة بما يسترها، ولا يبين حجم جسمها" انتهى من "تفسير العثيمين: الأحزاب" (ص486).

فكيف إذا كان هذا اللباس هو البنطلون الذي يصف مفاتن الجسم غالبا، ويعتبر زينة تحرص الفتيات أن يجعلنه متناسقا مع ما تلبسه من بلوزة ونحوها. ولا شك أن هذا ليس حجابا شرعيا.

فمن كان هذا حالها فتنصح، ويبين لها حقيقة الحجاب الشرعي، ووجوب أن تستر المرأة ثيابها بالجلباب وجوبا، وأنّ هذا من ستر الزينة التي أمر الله بسترها.

فإن استجابت للنصح، مع ما عندها من الخير وإقامة الصلاة وحسن الخلق فلا مانع من خطبتها.

ومتى رأى الخاطب منها قبولا، أو علم ذلك من حالها، فلا بأس أن يصبر عليها، ويترفق بها، حتى تترك ما هي عليه من ذلك، وتلبس الجلباب الشرعي.
وإن امتنعت عن ذلك، وأصرت على خروجها بتلك الحال، فلا ننصح بخطبتها.

وفي الحريصات على الستر والصيانة، والالتزام بالحجاب الستر: غنية للخاطب، وهن كثيرات، بحمد الله.

والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
ما هي حدود إخبار أحد الخاطبين بعيوب الآخر؟ - الإسلام سؤال وجواب