حفظ
  • قائمة جديدة
المزيد
    حفظ
    • قائمة جديدة
18407/محرم/1447 الموافق 02/يوليو/2025

هل من الضرار تأخير الطلاق حتى يمتلك الزوج الصداق المؤخر؟

السؤال: 550748

إذا نوى الرجل الطلاق، وأخر ذلك الى أن يمتلك المؤخر الذي يجب للزوجة، فهل يعد ذلك من قبيل قول الله تعالى: (وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا) البقرة/ 231؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

أما قول الله عز وجل: (‌وَلَا ‌تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) البقرة/231، فليس المراد به ما ذكر في السؤال، وإنما نزلت الآيات في التحذير من فعل كانوا يفعلونه في الجاهلية، يضارون به النساء؛ فلا هو أمسكها بالمعروف، ولا هو سرحها بإحسان.

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (1/629): "(وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا) قال ابن عباس، ومجاهد، ومسروق، والحسن، وقتادة، والضحاك، والربيع، ومقاتل بن حيان وغير واحد: كان الرجل يطلق المرأة، فإذا قاربت انقضاء العدة راجعها ضرارا، لئلا تذهب إلى غيره، ثم يطلقها فتعتد، فإذا شارفت على انقضاء العدة طلق لتطول عليها العدة، فنهاهم الله عن ذلك". انتهى.

وفي "تفسير الطبري" (4/178): "(وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا) يقول: ولا تراجعوهن إن راجعتموهن في عِدَدِهنَّ، مضارَّةً لهن، لتطولوا عليهن مدة انقضاء عددهن، أو لتأخذوا منهن بعض ما آتيتموهن بطلبهن الخلع منكم لمضارتكم إياهن بإمساككم إياهن، ومراجعتكموهن ضراراً واعتداء" انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله: "لأنهم كانوا في الجاهلية يطلِّق الإنسان زوجته عدة طلقات؛ فإذا قاربت انتهاء العدة، راجع، ثم طلق، فتستأنف العدة؛ فإذا شارفت الانقضاء راجع، ثم طلق؛ فإذا شارفت الانقضاء راجع ثم طلق ... وهكذا؛ فتبقى المرأة معذبة: لا مزوجة، ولا مطلقة؛ فتبقى معلقة؛ فجعل الله الأمر في ثلاث طلقات فقط". "تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة" (3/110).

والحاصل:

أن الآية الكريمة ليست في صورة إمساك الرجل زوجته، وعدم تطليقها، لسبب من الأسباب، حتى وإن كان في نيته أن يطلقها يوما من الدهر؛ ما دام أنه لا يضارها بذلك الإمساك، ولا يؤذيها، ولا يضيق عليها لتفتدي منه؛ فيلجئها إلى الخلع، ونحو ذلك، ليأكل حقها، وهو غير راغب في إمساكها أصلا.

ثانيا:

من صور إضرار الزوج بزوجته: أن يوقع بها ضررا، لا تستحقه شرعا، أو لا يعطيها حقها الواجب، أو يكلفها ما لا يلزمها، أو ما أشبه ذلك من كل ضرر يبيح للمرأة طلب الفراق به من طلاق أو فسخ أو خلع.

قال الدردير رحمه الله: "(ولها) أي للزوجة (التطليق) على الزوج (بالضرر) وهو ما لا يجوز شرعا كهجرها بلا موجب شرعي وضربها كذلك وسبها وسب أبيها، نحو يا بنت الكلب يا بنت الكافر يا بنت الملعون كما يقع كثيرا من رعاع الناس ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق كما هو ظاهر وكوطئها في دبرها لا بمنعها من حمام وفرجة وتأديبها على ترك صلاة أو تسر أو تزوج عليها ومتى شهدت بينة بأصل الضرر فلها اختيار الفراق" انتهى من "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (2/345).

ثالثاً:

مؤخر الصداق دين في ذمة الزوج، لا يحلّ إلا بموت أو فرقة، كما نص عليه الإمام أحمد وغيره من السلف. انظر : "إعلام الموقعين" (3/81). وانظر: فتوى رقم: (145955)، (276826).

لكن إذا عفت المرأة لزوجها عن صداقها، أو عن شيء منه، عن طيب نفس منها؛ فلا حرج عليه في ذلك.

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (7/ 196):

"وإذا عفت المرأة عن صداقها الذي لها على زوجها، أو عن بعضه، أو وهبته له بعد قبضه، وهي جائزة الأمر في مالها: جاز ذلك، وصح. ولا نعلم فيه خلافا ; لقول الله تعالى: (إِلَّا أَن يَعْفُونَ) [البقرة/237] يعني الزوجات".

وإذا لم تعف، ولم يمكنه أن يؤدي لها حقها، فأمسك، وأخر طلاقها إلى حين؛ فلا حرج عليه في ذلك، ما دام يؤدي لها حقها عليه، ويعاشرها بالمعروف. وعسى الله أن يصلح بينهما، ويظلا على نكاحهما.

قال الله تعالى: (وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ ‌فَعَسى ‌أَنْ ‌تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) النساء/19.

قال ابن كثير، رحمه الله في تفسيره (3/45): أي: فعسى أن يكون صبركم مع إمساككم لهن وكراهتهن فيه، خير كثير لكم في الدنيا والآخرة، كما قال ابن عباس في هذه الآية: هو أن يعطف عليها فيرزق منها ولدًا، ويكون في ذلك الولد خير كثير، وفي الحديث الصحيح: " لا يفرك مؤمن مؤمنة؛ إن سخط منها خلقًا رضي منها آخر.

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

خيارات تنسيق النص

خط النص

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android