400

المقصود بقراءة آخر آيتين من سورة البقرة ومتى تكون وكيف؟

السؤال: 549336

حديث: (من قرأ آخر آيتين من سورة البقرة في ليلة كفتاه) هل يقصد به قراءتها في الصلاة أم خارج الصلاة فقط؟

ملخص الجواب

يعمل بالحديث على إطلاقه فيتلوهما المسلم متى شاء من الليل سواء في صلاة أو خارجها.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

روى البخاري (5009)، ومسلم (807): عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ: عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ).

والحديث لم يقيد القراءة بحال الصلاة، أو غيرها؛ وإنما غاية ما فيه أن تقع هذه القراءة في "الليل".

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" لكن ما قيد في الليل، فهو في الليل، كآية الكرسي ... وكذلك الآيتان آخر سورة البقرة ... أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن من قرأهما في ‌ليلة ‌كفتاه " انتهى "فتاوى نور على الدرب" (12 / 205).

والليل يبدأ بغروب الشمس.

وقال الشيخ عبد المحسن العباد:

" قوله: ( فِي لَيْلَةٍ ) لا يوجد تحديد، والليلة كما هو معلوم تبدأ بالغروب وتنتهي بطلوع الفجر " انتهى "شرح سنن أبي داود" (169 / 22 بترقيم الشاملة).

ثانيًا:

تعددت أقوال أهل العلم في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم: (كَفَتَاهُ). قال المنذري رحمه الله تعالى:

" (‌كفتاه): أي أجزأتاه عن قيام تلك الليلة. وقيل: ‌كفتاه ما يكون من الآفات تلك الليلة. وقيل: ‌كفتاه من كل شيطانٍ، فلا يقربُه ليلته. وقيل: معناه حسبه بهما فضلًا وأجرًا " انتهى "الترغيب والترهيب" (ص 650).

والوجه الأول المذكور في معنى ( كَفَتَاهُ )؛ أي: عن قيام الليل، جاء مفسرا في بعض الروايات. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" والوجه الأوّل ورد صريحا من طريق عَاصِمٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رَفَعَهُ: ( مَنْ قَرَأَ خَاتِمَةَ الْبَقَرَةِ أَجْزَأَتْ عَنْهُ قِيَامَ لَيْلَةٍ )" انتهى "فتح الباري" (9/56).

وهذه الرواية هي عند ابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص86)، قال:أَخْبَرَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ: أَنَّ أَبَا مَسْعُودٍ الْبَدْرِيَّ، قَالَ: ( مَنْ قَرَأَ خَاتِمَةَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ أَجْزَأَتْ عَنْهُ قِيَامَ لَيْلَةٍ ).

لكنْ في عاصم كلام من جهة ضبطه، والرواية الثابتة من حديث أبي مسعود كما سبق عند البخاري ومسلم أنها بلفظ ( كَفَتَاهُ ) من غير تقييد.

فعلى تقدير أن يكون ذلك هو المراد من (كفتاه)؛ ويكون (عن قيام ليلة) مبينا لإجمال المراد بـ(كفتاه)= يشبه أن تكون تلاوة هاتين الآيتين في صلاة النافلة، من ليلته.

وقد روى عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 349): عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: ( كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَرْكَعُوا بَعْدَ الْمَغْرِبِ: بِـ قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، وَبَعْدَ الْعِشَاءِ فِي رَكْعَتَيْنِ ‌بِآخِرِ ‌سُورَةِ ‌الْبَقَرَةِ ءَامَنَ الرَّسُولُ وَبِـ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، وَقَبْلَ الْفَجْرِ بِـ قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ).

وبوّب ابن خزيمة في "الصحيح" (1/566)، وابن المنذر في "الأوسط" (5/139) على حديث أبي مسعود هذا بقولهما:

" بَابُ ذِكْرِ أَقَلِّ مَا يُجْزِئُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ" انتهى.

والقول بأن المعنى كفتاه من أذى الشيطان، جاء مصرحاً به، أيضا، في بعض الروايات.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعال:

"ويؤيّد الرّابع [كفتاه شرّ الشّيطان] حديث النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَفَعَهُ: (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا، وَأَنْزَلَ مِنْهُ آيَتَيْنِ خَتَمَ بِهِمَا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، لَا يُقْرَآنِ فِي دَارٍ فَيَقْرَبُهَا الشَّيْطَانُ ثَلَاثَ لَيَالٍ) أخرجه الحاكم وصحّحه.

وفي حديث معاذ لمّا أمسك الجنّيّ وآية ذلك: (لَا يَقْرَأُ أَحَدٌ مِنْكُمْ خَاتِمَةَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَيَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْهَا بَيْتَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ). أخرجه الحاكم أيضا " انتهى "فتح الباري" (9/56).

وحديث النعمان المذكور: رواه أيضًا: الترمذي (2882). وقال: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. والإمام أحمد في "المسند" (30 / 363) وحسنه محققو المسند.

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى:

"الصحيح أن معناها: كفتاه من شر ما يؤذيه" انتهى. "الوابل الصيب" (ص249).

وعلى هذا القول يحسن أن يبادر إليهما المسلم بمجرد دخول الليل بغروب الشمس ولا ينتظر بهما صلاة.

قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:

" في أول الليل، من قالها في أول الليل كفتاه، آيتان من آخر سورة البقرة من قالها في ليلة كفتاه، يقولها في أول الليل، أو في أثناء الليل، جاءت في أول الليل، أحسن في أول الليل.

س: قبل النوم، أحسن الله إليك؟

ج: في أول الليل، قبل النوم، في أول الليل، كونه يبادر بها أوَّل " انتهى. من " فتاوى الدروس – موقع الشيخ".

الخلاصة:

جاء الحديث مطلقا ولم يحدد حالا معينا لتلاوة هاتين الآيتين.

لكن قد تعددت الأقوال في توجيه معنى (كَفَتَاهُ)، فمن حملها على معنى الوقاية من الآفات وأذى الشيطان، فيحسن على هذا أن يبادر المسلم إلى تلاوتهما بعد دخول الليل بغروب الشمس ولا ينتظر صلاة لتلاوتهما.

ومن قال معناها تكفيه عن قيام ليلة، فيناسب هذا القول أن يتلوهما المسلم في صلاة كنافلة العشاء.

ولكن مع عدم وجود ما يقطع بمعنى (كَفَتَاهُ) واحتمال اشتمالها لجميع المعاني المذكورة في تفسيرها، كما قال الشوكاني رحمه الله تعالى:

" ولا مانع من إرادة هذه الأمور جميعها، ويؤيد ذلك ما تقرر في علم المعاني والبيان من أن حذف المتعلق مشعر بالتعميم … " انتهى "تحفة الذاكرين" (ص 105).

فيعمل بالحديث على إطلاقه فيتلوهما المسلم متى شاء من الليل سواء في صلاة أو خارجها.

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android