0 / 0
37521/ذو القعدة/1446 الموافق 19/مايو/2025

هل قتلة الحسين من هذه الأمة كما في حديث (أمتي ستقتل ابني هذا)؟

السؤال: 523458

في حديث: (أتاني جبريلُ عليه الصلاةُ والسلامُ، فأخبرَني أنَّ أُمَّتي ستَقتُلُ ابني هذا يعني الحسَينَ، فقلتُ: هذا؟ فقال: نعم، وأتاني بتُربةٍ من تُربتِه حمَراءَ) أخرجه الحاكم (4818).
لماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتلة الحسين أنهم من أمته؟

ملخص الجواب

الحديث لا تخلو طرقه وأسانيده من ضعف، وقتلة الحسين رضي الله عنه من هذه الأمة لكنهم فجرة ظلمة معتدون قتلوه بغير وجه حق.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

هذا الخبر بلفظ أن الحسين رضي الله عنه سيكون قاتله من هذه الأمة، ورد بأسانيد عدة، لا تخلو من ضعف ومقال.

منها:

1-ما ورد من حديث أم الفضل رضي الله عنها:

رواه الحاكم في "المستدرك" (3 / 176 - 177)، ومن طريقه البيهقي في"دلائل النبوة" (6 / 468 - 469): عن مُحَمَّد بْن مُصْعَبٍ، حدثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ أَبِي عَمَّارٍ شَدَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ: " أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي رَأَيْتُ حُلْمًا مُنْكَرًا اللَّيْلَةَ، قَالَ: (وَمَا هُوَ؟) قَالَتْ: إِنَّهُ شَدِيدٌ، قَالَ: (ومَا هُوَ؟) قَالَتْ: رَأَيْتُ كَأَنَّ قِطْعَةً مِنْ جَسَدِكَ قُطِعَتْ وَوُضِعَتْ فِي حِجْرِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (رَأَيْتِ خَيْرًا، تَلِدُ فَاطِمَةُ إِنْ شَاءَ اللهُ غُلَامًا، فَيَكُونُ فِي حِجْرِكِ)، فَوَلَدَتْ فَاطِمَةُ الْحُسَيْنَ، فَكَانَ فِي حِجْرِي كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَخَلْتُ يَوْمًا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعْتُهُ فِي حِجْرِهِ، ثُمَّ حَانَتْ مِنِّي الْتِفَاتَةٌ، فَإِذَا عَيْنَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تُهْرِيقَانِ الدُّمُوعَ. قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، مَا لَكَ؟ قَالَ: (أَتَانِي جِبْرِيلُ عليه السلام، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ أُمَّتِي ‌سَتَقْتُلُ ‌ابْنِي هَذَا. فَقُلْتُ: هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. وَأتَانِي بِتُرْبَةٍ مِنْ تُرْبَتِهِ حَمْرَاءَ).

وقال الحاكم: " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ".

لكن تعقبه الذهبي بقوله:

" بل منقطع ضعيف؛ فإن شدادا لم يدرك أم الفضل، ومحمد بن مصعب ضعيف" انتهى.
 

2- وورد من حديث أم سلمة رضي الله عنها:

وورد بطرق عدة عنها:

ورد من طريق سعيد بن أبي هند: وبلفظ أن الأمة ستقتله هو عند عبد بن حميد "المنتخب من مسند عبد بن حميد" (2/384): أخبرنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخبرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: " كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَائِمًا فِي بَيْتِي، فَجَاءَ حُسَيْنٌ يَدْرُجُ، قَالَتْ: فَقَعَدْتُ عَلَى الْبَابِ، فَأَمْسَكْتُهُ مَخَافَةَ أَنْ يَدْخُلَ فَيُوقِظَهُ. قَالَتْ: ثُمَّ غَفَلْتُ فِي شَيْءٍ، فَدَبَّ، فَدَخَلَ فَقَعَدَ عَلَى بَطْنِهِ، قَالَتْ: فَسَمِعْتُ نَحِيبَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجِئْتُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللهِ مَا عَلِمْتُ بِهِ. فَقَالَ: (إِنمَا جَاءَنِي جِبْرِيلُ عليه السلام وَهُوَ عَلَى بَطْنِي قَاعِدٌ، فَقَالَ لِي: أَتُحِبُّهُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: إِنَّ ‌أُمَّتَكَ ‌سَتَقْتُلُهُ، أَلَا أُرِيكَ التُّرْبَةَ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا؟ قَالَ: فَقُلْتُ: بَلَى. قَالَ: فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ، فَأَتَانِي بِهَذِهِ التُّرْبَةِ" قَالَتْ: فَإِذَا فِي يَدِهِ تُرْبَةٌ حَمْرَاءُ وَهُوَ يَبْكِي وَيَقُولُ: "يَا لَيْتَ شِعْرِي؛ مَنْ يَقْتُلُكَ بَعْدِي؟!).

لكن سعيد بن أبي هند لا يعرف له سماع من أم سلمة رضي الله عنها، وكان يرسل عن بعض الصحابة.

قال العلائي رحمه الله تعالى:

" سعيد بن ‌أبي ‌هند: قال أبو حاتم: لم يلق أبا موسى الأشعري ولا أبا هريرة. وسئل أبو زرعة عن سعيد بن ‌أبي ‌هند عن علي رضي الله عنه؟ فقال: هو مرسل " انتهى. "جامع التحصيل" (ص185).

ومن طريق شهر:

رواه القطيعي في "زوائده على فضائل الصحابة للإمام أحمد "الفضائل" (2 / 782)، وابن سعد في "الطبقات" (6 / 419): عن حَمَّاد بن سلمة، عَنْ أَبَانَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: ( كَانَ جِبْرِيلُ عليه السلام عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْحُسَيْنُ مَعِي فَبَكَى، فَتَرَكْتُهُ، فَدَنَا مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ جِبْرِيلُ أَتُحِبُّهُ يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ:"نَعَمْ". فَقَالَ: إِنَّ ‌أُمَّتَكَ ‌سَتَقْتُلُهُ، وَإِنْ شِئْتُ أُرِيتُكَ مِنْ تُرْبَةِ الْأَرْضِ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا، فَأَرَاهُ إِيَّاهُ فَإِذَا الْأَرْضُ يُقَالُ لَهَا كَرْبَلَاءُ ).

وفي إسناده شهر بن حوشب، وهو متكلّم في ضبطه.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" شهر بن حوشب الأشعري الشامي، مولى أسماء بنت يزيد ابن السكن: صدوق كثير الإرسال والأوهام " انتهى. "تقريب التهذيب" (ص 269).

ومن طريق صالح بن أربد:

رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (21 / 284)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1 / 309)، والطبراني في "المعجم الكبير" (3 / 115): عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيٍّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَرْبَدَ النَّخَعِيِّ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: ( دَخَلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ... فَقَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام أَتَانِي بِتُرْبَتِهِ الَّتِي يُقْتَلُ عَلَيْهَا، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ أُمَّتِي يَقْتُلُونَهُ ).

لكنه منقطع، كما قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى:

"‌ صالح ‌بن ‌أربد النخعي، روى عنه موسى الجهني، منقطع " انتهى. "التاريخ الكبير" (4/ 273).

ومن طريق أبي وائل:

رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/114): عَنْ عَمْرو بْن ثَابِتٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: ( كَانَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ رضي الله عنهما يَلْعَبَانِ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ ‌أُمَّتَكَ ‌تَقْتُلُ ابْنَكَ هَذَا مِنْ بَعْدِكَ. فَأَوْمأَ بِيَدِهِ إِلَى الْحُسَيْنِ …).

لكن عمرو بن ثابت متروك الحديث.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

" عمرو ‌بن ‌ثابت بن أبي المقدام: متروك. وقال أبو داود: رافضي " انتهى. "المغني في الضعفاء" (2/482).

ومن طريق عبد الله بن وهب بن زمعة:

رواه ابن طهمان "مشيخة ابن طهمان" (ص55): عَنْ عَبَّادِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: ( دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْتِيَ فَقَالَ: "لَا يَدْخُلُ عَلَيَّ أَحَدٌ. فَسَمِعْتُ صَوْتًا، فَدَخَلْتُ، فَإِذَا عِنْدَهُ حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَإِذَا هُوَ حَزِينٌ، أَوْ قَالَتْ: يَبْكِي، فَقُلْتُ: مَا لَكَ تَبْكِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ أَنَّ ‌أُمَّتِي ‌تَقْتُلُ هَذَا بَعْدِي ... ).

وفي إسناده عباد بن إسحاق، وهو: ‌عبد ‌الرحمن ‌بن ‌إسحاق المدني. وهو مُتكلَّم فيه.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

"عبد ‌الرحمن ‌بن ‌إسحاق المدني، عباد.

قال أحمد: صالح الحديث. روى عن أبي الزناد مناكير.

وقال أبو داود: ثقة، إلا أنه قدري.

وقال الدارقطني: ضعيف.

وقال القطان: سألت عنه بالمدينة، فلم أرهم يحمدونه.

وروى عباس عن يحيى: ثقة. وقال في موضع آخر: صالح الحديث. وروى عثمان عن يحيى: ثقة ....

وقال عبد الحق: لا يحتج به " انتهى. "ميزان الاعتدال" (2/ 484 - 485).

ورواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1/310)، والطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 116)، والحاكم في "المستدرك" (4/398) من طريق مُوسَى بْن يَعْقُوبَ، عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ رضي الله عنها. لكن ليس فيه لفظ أن الأمة هي التي تقتله، وإنما فيه فقط أنه رضي الله عنه يقتل بالعراق.

ومن طريق المطّلب بن عبد الله بن حنطب:

رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/115)، وفي (23/289)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (2/666): عن يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيّ، حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْطَبٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: ( كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسًا ذَاتَ يَوْمٍ فِي بَيْتِي … فَقَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام كَانَ مَعَنَا فِي الْبَيْتِ ... قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُ هَذَا بِأَرْضٍ يُقَالُ لَهَا كَرْبَلَاءُ … ).

وفي إسناده يحيى الحماني، وقد ضُعّف، وكثير بن زيد وقد تُكلّم فيه.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

" يحيى بن عبد الحميد ‌الحماني: حافظ منكر الحديث، وقد وثقه ابن معين وغيره، وقال أحمد بن حنبل: كان يكذب جهارا، وقال النسائي ضعيف" انتهى. "المغني في الضعفاء" (2/739).

وقال رحمه الله تعالى:

" ‌كثير ‌بن ‌زيد الأسلمي المدني عن المقبري: قال أبو زرعة: صدوق فيه لين. وقال النسائي: ضعيف " انتهى. "المغني في الضعفاء" (2/530).

والمطلب بن عبد الله بن ‌حنطب: يرسل عن الصحابة، ولا يعرف له سماع من أم سلمة رضي الله عنها.

قال العلائي رحمه الله تعالى:

"المطلب بن عبد الله بن ‌حنطب: ... قال البخاري: لا أعرف للمطلب بن ‌حنطب عن أحد من الصحابة سماعا، إلا قوله: حدثني من شهد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم.

قال الترمذي: وسمعت عبد الله بن عبد الرحمن، يعني الدارمي، يقول مثله. قال عبد الله: وأنكر علي بن المديني أن يكون المطلب سمع من أنس بن مالك.

وقال أبو حاتم: المطلب بن ‌حنطب: عامة أحاديثه مراسيل، لم يدرك أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا سهل بن سعد وأنسا وسلمة بن الأكوع، أو من كان قريبا منهم … " انتهى. "جامع التحصيل" (ص281).

3-ومن حديث عائشة رضي الله عنها:

وورد عنها من طريق أبي سلمة:

رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (6 / 249)، قال: حَدَّثَنَا الصَّائِغُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْعَلَّافُ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْلَسَ حُسَيْنًا عَلَى فَخِذِهِ، فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام، فَقَالَ: هَذَا ابْنُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: ‌أُمَّتُكَ ‌سَتَقْتُلُهُ بَعْدَكَ ... ).

قال الهيثمي رحمه الله تعالى:

"رواه الطبراني في الكبير والأوسط باختصار كثير، وأوله: ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجلس حسينا على فخذه، فجاءه جبريل ). وفي إسناد الكبير: ابن لهيعة، وفي إسناد الأوسط: من لم أعرفه " انتهى. "مجمع الزوائد" (9 / 188).

والراوي المجهول الذي لم يعرفه: يقصد به أحمد بن عمر العلّاف، كما نص على هذا في (7 / 242).

لكن قد ورد أنه من رواية أحمد بن عمر الجلّاب الوكيعي، وهو حافظ ثقة، وهو عند الدارقطني.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

" أحمد ‌بن ‌عمر بن حفص الوكيعي أبو جعفر: وكان حافظا ثبتا " انتهى. "الكاشف" (1 / 200).

وقد وقع في إسناد هذا الخبر اضطراب، وصحح الدارقطني أنه من رواية سعيد بن عمارة الأنصاريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَائِشَةَ.

ومحمد بن إبراهيم: روايته عن عائشة رضي الله عنها منقطعة.

قال العلائي رحمه الله تعالى:

" محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي:

قال أبو حاتم: لم يسمع من جابر ولا من أبي سعيد ولا من عائشة ...

وذكر في "التهذيب" أنه أرسل أيضا عن أسامة بن زيد وأسيد بن حضير، ولم يسمع منهما، وحديثه عن عائشة في الترمذي والنسائي، وعن أبي سعيد في الترمذي وابن ماجة، وعن جابر في ابن ماجة، وليس في شيء من ذلك تصريح بالسماع … " انتهى. "جامع التحصيل" (ص261).

وقد سُئل الدارقطني رحمه الله تعالى:

" عن حديث محمّد بن إبراهيم بن الحارث التّيميّ، عن عائشة؛ في قتل الحسين.

فقال: يرويه زيد بن الحباب، واختلف عنه؛ فرواه أحمد بن عمر الوكيعي عنه، وقال: عن سعيد بن عمارة بن غزية الأنصاري، عن أبيه، عن محمد بن إبراهيم، عن عائشة.

وخالفه أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، فرواه عن زيد، عن سعيد بن عمارة الأنصاري، ولا ينسبه، ولا يقول فيه: عن أبيه، وهو الصحيح.

حدثنا جعفر بن محمد بن أحمد الواسطي، قال: حدثنا إبراهيم بن أحمد بن عمر الوكيعي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو الحسين العكلي، قال: حدثنا سعيد بن عمارة بن غزية الأنصاري، عن أبيه، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ عائشة ...

حدثناه الحسين بن إسماعيل، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قال: حدثنا زيد بن الحباب أبو الحسين، قال: حدثنا سعيد بن عمارة الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَائِشَةَ.

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، نحوه، ولم يقل: عن أبيه " انتهى. "علل الدارقطني" (14 / 347).

ومن طريق عروة:

رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (3 / 113)، قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ رِشْدِينَ الْمِصْرِيُّ، ثنا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: ( دَخَلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُوحَى إِلَيْهِ، فَنَزَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُنْكَبٌّ، وَلَعِبَ عَلَى ظَهْرِهِ، فَقَالَ جِبْرِيلُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَتُحِبُّهُ يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ:"يَا جِبْرِيلُ، وَمَا لِي لَا أُحِبُّ ابْنِي" . قَالَ: فَإِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ مِنْ بَعْدِكَ … ).

وفيه إسناده ابن لهيعة، والكلام في سوء حفظه مشهور، وكذا ابن رشدين متكلم فيه.

قال ابن عدي رحمه الله تعالى:

" وابن رشدين هذا صاحب حديث كثير، يحدث عن الحفاظ بحديث مصر، أنكرت عليه أشياء مما رواه، وهو ممن يكتب حديثه مع ضعفه " انتهى. "الكامل" (1 / 327).

ومن حديث أنس رضي الله عنه:

رواه الإمام أحمد في "المسند" (21 / 172)،  والبزار "المسند" (13 / 306 — 307)، وأبو يعلى "المسند" (5 / 177)، وابن حبان "الإحسان" (15 / 142)، وغيرهم: عن عُمَارَة بْن زَاذَانَ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: ( أَنَّ مَلَكَ الْمَطَرِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ أَنْ يَأْتِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَذِنَ لَهُ، فَقَالَ لِأُمِّ سَلَمَةَ: امْلِكِي عَلَيْنَا الْبَابَ، لَا يَدْخُلْ عَلَيْنَا أَحَدٌ. قَالَ: وَجَاءَ الْحُسَيْنُ لِيَدْخُلَ، فَمَنَعَتْهُ، فَوَثَبَ، فَدَخَلَ، فَجَعَلَ يَقْعُدُ عَلَى ظَهَرِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَعَلَى مَنْكِبِهِ، وَعَلَى عَاتِقِهِ، قَالَ: فَقَالَ الْمَلَكُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (أَتُحِبُّهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَمَا إِنَّ ‌أُمَّتَكَ ‌سَتَقْتُلُهُ … ).

وفي إسناده عمارة بن زاذان، وقد ضعِّف.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

" عمارة ‌بن ‌زاذان عن ثابت: ضعفه الدارقطني وغيره، وله مناكير " انتهى. "المغني" (2 / 461).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" عمارة ‌ابن ‌زاذان الصيدلاني، أبو سلمة البصري: صدوق كثير الخطأ " انتهى. "تقريب التهذيب" (ص409).

والحديث: صححه الشيخ الألباني بمجموع هذه الطرق، وغيرها، فقال رحمه الله تعالى:

" وبالجملة فالحديث ... صحيح بمجموع هذه الطرق، وإن كانت مفرداتها لا تخلو من ضعف، ولكنه ضعف يسير، لا سيّما وبعضها قد حسَّنه الهيثمي " انتهى. "السلسلة الصحيحة" (3 / 162).

وضعفه محققو المسند في تعليقهم على "مسند أحمد" (21 / 173)، فقالوا:

" قلنا: ولا يخلو إسناد واحد من هذه الشواهد من مقال، فالحديث ضعيف " انتهى.

ثمّ عادوا فحسّنوه، فقالوا في تعليقهم على "المسند" (44 / 144):

" حديث حسن بطرقه وشاهده " انتهى.

وكذا حسّنه الشيخ شعيب في تعليقه على "الاحسان" (15 / 142).

فالحاصل: أن الحديث لا تخلو طرقه وأسانيده من مقال، مع اضطراب في جملة من ألفاظه، لكن كثرة هذه الطرق، مع تنوع مخارجها، وشهرته: تدل على أن له أصلا.

ثانيا:

قوله صلى الله عليه وسلم : "فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا": معناه أنه يقتل على يد بعض المسلمين، وقد حصل، ومعلوم أن من يقتل مسلما عمدا، فهو متوعد بالوعيد الشديد، لكنه مسلم، ما لم يستحل القتل.

قال تعالى: ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) النساء/93.

وقتلة الحسين رضي الله عنه مسلمون، فجرة ظلمة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

" والحسين رضي الله عنه قُتِل مظلومًا شهِيدًا، وقتَلَتُه ظالمون متعدُّون" انتهى من "المسائل والأجوبة" (ص 77).

وقال: " وأما جواز الدعاء للرجل، وعليه: فبسط هذه المسألة في الجنائز، فإن موتى المسلمين يصلَّى عليهم، برهم وفاجرهم، وإن لُعن الفاجر مع ذلك، بعينه، أو بنوعه.

لكن الحال الأول: أوسط، وأعدل؛ وبذلك أجبتُ مقدم المغل بولاي؛ لما قدموا دمشق في الفتنة الكبيرة، وجرت بيني وبينه وبين غيره مخاطبات؛ فسألني فيما سألني: ما تقولون في يزيد؟ فقلت: لا نسبُّه، ولا نحبه؛ فإنه لم يكن رجلا صالحا فنحبَّه، ونحن لا نسب أحدا من المسلمين بعينه. فقال: أفلا تلعنونه؟ أما كان ظالما؟ أما قتل الحسين؟

فقلت له: نحن إذا ذكر الظالمون كالحجاج بن يوسف وأمثاله، نقول كما قال الله في القرآن: ألا لعنة الله على الظالمين، ولا نحب أن نلعن أحدا بعينه؛ وقد لعنه قوم من العلماء؛ وهذا مذهب يسوغ فيه الاجتهاد؛ لكن ذلك القول أحب إلينا، وأحسن.

وأما من قتل "الحسين" أو أعان على قتله، أو رضي بذلك، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا" انتهى من "مجموع الفتاوى" (4/ 487).

وقال الذهبي رحمه الله في ترجمة شمر بن ذي الجوشن من "ميزان الاعتدال" (2/ 280):

"ليس بأهل للرواية؛ فإنه أحد قتلة الحسين رضي الله عنه " انتهى.

وقال في ترجمة عمر بن سعد ابن أبي وقاص:

" هو في نفسه غير متهم، لكنه باشر قتال الحسين وفعل الأفاعيل...

وقال أحمد بن زهير: سألت ابن معين: أعمر بن سعد ثقة؟

فقال: كيف يكون من قتل الحسين ثقة؟!" انتهى من "ميزان الاعتدال" (3/ 198).

وقال في ترجمة عبيد الله بن زياد في "سير أعلام النبلاء" (3/ 549):

" الشيعيُّ: لا يطيب عيشه حتى يلعن هذا ودونه. ونحن نبغضهم في الله، ونبرأ منهم، ولا نلعنهم، وأمرهم إلى الله " انتهى.

الخلاصة:

هذا الخبر كل أسانيده فيها مقال وضعف، لكن شهرته وكثرة طرقه تشير إلى أنه له أصلا.

وقتلة الحسين رضي الله عنه مسلمون، من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهو مصداق ما في الحديث: (فأخبرَني أنَّ أُمَّتي ستَقتُلُ ابني هذا يعني الحسَينَ)، لكن هؤلاء القتلة ظلمة معتدون، قتلوه بغير وجه حق.

فهم من الأمة، وليس المقصود أن عامة الأمة ستفعل ذلك، فإن هذا لم يقله أحد، ولم يقع، بل أكثر الأمة على تولي الحسين ومحبته، والبراءة من قتلته.

والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
هل قتلة الحسين من هذه الأمة كما في حديث (أمتي ستقتل ابني هذا)؟ - الإسلام سؤال وجواب