شبَّه الله عمل الإنسان بالطائر، لأن العرب كانوا يربطون نتائج أفعالهم بحركة الطير، فيتفاءلون ويتشاءمون بها، حتى صار "الطائر" عندهم اسماً لما يلازم الإنسان من خير أو شر، فجاء التعبير القرآني على ما ألفوه.
ما وجه تشبيه العمل بالطائر في القرآن؟
السؤال: 500504
(وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) [الإسراء/ 13]، ما سبب تشبيه العمل بالطائر؟
ملخص الجواب
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
شبّه الله تعالى عمل الإنسان بالطائر لأن العرب اعتادوا ربط أعمالهم وأحكامهم على الخير والشر بما يرونه من حركة الطير؛ يتفاءلون بيمينها ويتشاءمون بيسارها.
ولكثرة استعمالهم للطير في الدلالة على العواقب، سمّوا نفس الخير والشر "طائراً"؛ أي ما يلازم الإنسان من عمل وعاقبة.
فالآية جاءت على أسلوب مألوف للعرب في تسمية العمل بالطائر ، ليُفهم من خلالها أن عمل الإنسان هو الذي يجرّ له الخير أو الشر.
"قال ابن عباس رضي الله عنهما ، (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) [الإسراء/ 13] : الطائر: عمله، قال: والطائر في أشياء كثيرة، فمنه التشاؤم الذي يتشاءم به الناس، بعضهم من بعض". "تفسير الطبري" (14/ 519).
قال ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره (14/ 518):
"وإنما قوله (أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ) مثل لما كانت العرب تتفاءل به أو تتشاءم من سوانح الطير وبوارحها، فأعلمهم جل ثناؤه أن كل إنسان منهم قد ألزمه ربه طائره في عنقه نحسا كان ذلك الذي ألزمه من الطائر، وشقاء يورده سعيرا، أو كان سعدا يورده جنات عدن" انتهى.
وقال أبو حيان رحمه الله في "البحر المحيط" (7/ 21):
"وخاطب الله العرب في هذه الآية بما تعرف ؛ إذ كان من عادتها التيمن والتشاؤم بالطير في كونها سانحة وبارحة، وكثر ذلك حتى فعلته بالظباء، وحيوان الفلاة، وسمي ذلك كله تطيرا. وكانت تعتقد أن تلك الطيرة قاضية بما يلقى الإنسان من خير وشر" انتهى.
وجاء في "إعراب القرآن وبيانه" للدرويش (5/ 401):
"قوله: (أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ)... تعبير مسوق على عادة العرب، حيث كانوا لا يباشرون عملا من الأعمال الهامة إلا إذا اعتبروا أحوال الطير؛ ليتبينوا إذا كانت مغبة العمل خيرا أم شرا، فإذا طارت الطير بنفسها، أو بإزعاج من أحد متيامنة: تفاءلوا، وأقدموا على عملهم، وإذا طارت متياسرة: تشاءموا وأحجموا عن عملهم، ولما كثر منهم ذلك سموا نفس الخير والشر بالطائر؛ تسمية للشيء باسم لازمه " انتهى.
ويُنظر: "تفسير ابن عطية" (3/442).
والله أعلم
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟