قولك: إن فاز فريقي فزوجتي حلال وإلا فلا، هو من باب تعليق تحريم الزوجة على شرط.
وتحريم الزوجة محل خلاف بين الفقهاء، وأرجح الأقوال فيه : أنه إن نوى الطلاق أو الظهار أو اليمين ، فالأمر على ما نواه ، وهذا مذهب الشافعي رحمه الله ، وهو رواية عن أحمد .
وإن لم ينو شيئا لزمه: كفارة يمين، وهذا ما ذهب إليه أبو حنيفة والشافعي.
ويدل على وجوب الكفارة ما في الصحيحين عن ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ : "إِذَا حَرَّمَ الرَّجُلُ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ فَهِيَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا وَقَالَ : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)" البخاري (4911)، ومسلم (1473).
ولا فرق بين أن يكون التحريم منجزا، أو معلقا على شيء وحصل الحنث؛ فتلزم كفارة يمين فيهما.
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : " وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِيمَا إِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَام. فَمَذْهَب الشَّافِعِيّ: أَنَّهُ إِنْ نَوَى طَلَاقهَا كَانَ طَلَاقًا، وَإِنْ نَوَى الظِّهَار كَانَ ظِهَارًا، وَإِنْ نَوَى تَحْرِيم عَيْنهَا بِغَيْرِ طَلَاق وَلَا ظِهَار، لَزِمَهُ بِنَفْسِ اللَّفْظ كَفَّارَة يَمِين، وَلَا يَكُون ذَلِكَ يَمِينًا .
وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَفِيهِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ: أَصَحّهمَا : يَلْزَمهُ كَفَّارَة يَمِين ، وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَغْو لَا شَيْء فِيهِ، وَلَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ شَيْء مِنْ الْأَحْكَام ، هَذَا مَذْهَبنَا .
وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاض فِي الْمَسْأَلَة أَرْبَعَة عَشَر مَذْهَبًا :
أَحَدهَا : الْمَشْهُور مِنْ مَذْهَب مَالِك أَنَّهُ يَقَع بِهِ ثَلَاث طَلْقَات، سَوَاء كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا ، لَكِنْ لَوْ نَوَى أَقَلّ مِنْ الثَّلَاث قُبِلَ فِي غَيْر الْمَدْخُول بِهَا خَاصَّة ، قَالَ : وَبِهَذَا الْمَذْهَب قَالَ أَيْضًا عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَزَيْد وَالْحَسَن وَالْحَكَم...
وَالتَّاسِع : مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَسَبَقَ إِيضَاحه ، وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْر وَعُمَر وَغَيْرهمَا مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ .
وَالْعَاشِر: إِنْ نَوَى الطَّلَاق وَقَعَتْ طَلْقَة بَائِنَة ، وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا وَقَعَ الثَّلَاث، وَإِنْ نَوَى اِثْنَتَيْنِ وَقَعَتْ وَاحِده ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَيَمِين ، وَإِنْ نَوَى الْكَذِب فَلَغْو ، قَالَهُ أَبُو حَنِيفَة وَأَصْحَابه ..." انتهى.
ومذهب الحنابلة : أنه ظهار ، سواء نوى الطلاق ، أو لم ينو شيئا .
وعن أحمد رحمه الله رواية: أن التحريم يمين. قال الزركشي: " فعند الإطلاق ينصرف إليه . وإن نوى الطلاق أو الظهار: انصرف إلى ذلك ". "الإنصاف" للمرداوي (8/486- 490).
وعلى القول الذي رجحناه، تلزمك كفارة يمين.
وكفارة اليمين: هي ما بينه الله بقوله: (لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (المائدة/89).
وينظر جواب السؤال رقم: (45676).
وقد أخطأت بإقدامك على هذا التحريم، وتعليقه على أمر تافه لا ينبغي متابعته، فضلا عن أن يهدم بيت بسببه.
والله أعلم.