الخميس 16 شوّال 1445 - 25 ابريل 2024
العربية

هل يجوز الجمع في النكاح بين المرأة وعمتها من الرضاعة؟

408398

تاريخ النشر : 16-03-2023

المشاهدات : 2875

السؤال

رجل متزوج بامرأة، ثم طلقها، ثم تزوج أخرى، ثم طلقها، ثم أراد أن يتزوج الأولى مرة أخرى، فتبين أن والد الأولى أخو للثانية من الرضاعة. ما حكم الزوج بالثانية، وكذا الرجوع إلى الأولى؟ والإ شكال هنا: أن المرأة الثانية عمة الأولى من الرضاعة، وقد تزوج الثانية، ودخل بها قبل انقضاء عدة الأولى، نرجوا الإجابة في أسرع وقت، هي مسألة واقعية، فهناك من أفتى بأنه لا بد أن ينتظر الثانية حتى تنقضي عدتها ليتزوج الأولى، كما يوجد من قال: لا يجب عليه أن يتظرها حتى تخرج العدة ليتزوج الأولى؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يحرم الجمع بين المرأة وعمتها من الرضاع، في قول جمهور الفقهاء؛ لحديث أبي هُريرةَ رضي الله عنه قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لا تُنكَحُ المرأةُ على عَمَّتِها، ولا على خالتِها أخرجه البخاري (5109)، ومسلم (1408) واللفظ له.

ولحديث جابرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهما قال: نهى رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن تُنكَحَ المرأةُ على عَمَّتِها أو خالتِها أخرجه البخاري (5108).

وما حرم من النسب، حرم مثله من الرضاع؛  لقول النبي صلى الله عليه وسلم: يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ رواه البخاري (2645)، ومسلم (1445) .

وفي لفظ لهما (إن الرضاعة تُحرِّم ما تُحرِّم الولادة).

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وهل الجمع بين الأختين من رضاع، وبين المرأة وعمتها، أو خالتها من رضاع يحرم، أو لا يحرم؟

الصحيح بلا شك أنه يحرم الجمع بينهن، وهو قول الجمهور، ولا إشكال فيه؛ لأن الدليل فيه واضح يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، فكما حرم الجمع بين هاتين المرأتين بالنسب، فكذلك يحرم الجمع بينهما بالرضاع.

وخالف في هذا شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ فقال: يجوز أن تجمع بين الأختين من الرضاع، وبين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها.

لكن قوله ضعيف، والحق أحق أن يتبع، والحديث واضح: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)؛ سواء كان معنًى أو عيناً، فما يحرم من النسب بعينه من النساء، يحرم من الرضاع، وما يحرم لمعنى فيه يحرم كذلك من الرضاع.

وعلى هذا فلا يجمع بين الأختين من الرضاع، ولا بين امرأة وعمتها، ولا بين امرأة وخالتها من الرضاع" انتهى من "الشرح الممتع" (12/132).

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " شخص يريد أن يتزوج ابنة أخي زوجته من الرضاع، فما الحكم؟

فأجاب: ليس له ذلك حتى يطلق زوجته وتخرج من العدة؛ لأنه لا يجوز الجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أنه نهى أن يجمع الرجل بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها، والرضاع حكمه حكم النسب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب متفق على صحته" انتهى من "فتاوى ابن باز" (21/8).

ثانيا:

إذا حرم الجمع بين امرأتين، فإنه إن طلق إحداهما، لم يجز الزواج من الأخرى حتى تنتهي عدة الأولى؛ لأن المعتدة في حكم الزوجة.

جاء في "الموسوعة الفقهية" (29/306): " ذهب الفقهاء إلى أن العدة لا تجب على الرجل، حيث يجوز له بعد فراق زوجته أن يتزوج غيرها دون انتظار مضي مدة عدتها؛ إلا إذا كان هناك مانع يمنعه من ذلك، كما لو أراد الزواج بعمتها أو خالتها أو أختها أو غيرها ممن لا يحل له الجمع بينهما، أو طلق رابعة ويريد الزواج بأخرى، فيجب عليه الانتظار في عدة الطلاق الرجعي بالاتفاق، أو البائن عند الحنفية [والحنابلة]، خلافا لجمهور الفقهاء، فإنه لا يجب عليه الانتظار.

ومنع الرجل من الزواج هنا لا يطلق عليه عدة، لا بالمعنى اللغوي ولا بالمعنى الاصطلاحي، وإن كان يحمل معنى العدة، قال النفراوي: المراد من حقيقة العدة منع المرأة ، لأن مدة منع مَنْ طلق رابعة من نكاح غيرها لا يقال له عدة، لا لغة، ولا شرعا، لأنه لا يُمَكَّنُ من النكاح في مواطن كثيرة، كزمن الإحرام أو المرض، ولا يقال فيه : إنه معتد" انتهى.

وجاء فيها (36/323): "وذهب الحنفية والحنابلة إلى أنه: كما لا يصح أن يتزوج المسلم أخت زوجته التي في عصمته، كذلك لا يجوز أن يتزوج أخت زوجته التي طلقها طلاقا رجعيا، أو طلاقا بائنا بينونة صغرى، أو كبرى ما دامت في العدة، لأنها زوجة حكما.

وذهب المالكية والشافعية إلى أن تحريم الجمع بين مَن ذُكرن إنما يكون حال قيام الزوجية حقيقة، أو في عدة الطلاق الرجعي، أما لو كان الطلاق بائنا بينونة صغرى أو كبرى، فقد انقطعت الزوجية، فإن تزوج أخت مطلقته طلاقا بائنا في عدتها، فلا يكون ذلك جمعا بين محرمين" انتهى.

وعليه؛ فلا يجوز الجمع بين المرأتين، بل يختار إحداهما، ونسأل الله أن يعفو عن المسئول عنه لجهله الحكم.

فإذا أراد أن يتزوج الأولى، وجب أن ينتظر إلى انتهاء عدة الثانية.

وإذا أراد أن يتزوج الثانية- بعد انتهاء عدة الأولى-، فليعقد عليها عقدا جديدا، ولا يكتف بإرجاعها؛ لأن عقدها الأول لم يصح.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب