عاهد الله تعالى على الصدقة بجزء من الراتب، فلمن يدفعه؟

السؤال: 397353

اني قد عاهدت الله على ان اخرج جزء ثابت من الراتب الشهري لله عز وجل

السؤال هنا : هل يجوز هذا الجزء للاقارب مثل الاخوات وابناء العمومة وهل تجوز لهم في العيد ك "عيدية مثلا"
وما الافضل أن أخرج المبلغ كاملا يوم القبض أم أن أخرجه لله على مدار الشهر وهل الأفضل أن يكون للمستشفيات الخيرية ام للفقراء الذين يقابلونا في الشارع؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

معاهدة الله تعالى على فعل أمر من أمور البر، هو نوع من النذر واليمين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" والعهود والعقود متقاربة المعنى أو متفقة ، فإذا قال : أعاهد الله أني أحج العام ، فهو نذر وعهد ويمين، وإن قال : لا أكلم زيدا ، فيمين وعهد لا نذر، فالأيمان تضمنت معنى النذر ، وهو أن يلتزم لله قربة لزمه الوفاء، وهي عقد وعهد ومعاهدة لله ، لأنه التزم لله ما يطلبه الله منه " انتهى. "الفتاوى الكبرى" (5 / 552).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" النذر لغة: الإيجاب. يقال: نذرت هذا على نفسي، أي: أوجبت.

أما في الشرع: فهو إيجاب خاص، وهو إلزام المكلف نفسه شيئا يملكه غير محال.

وينعقد بالقول، وليس له صيغة معينة، بل كل ما دل على الالتزام فهو نذر، سواء قال: لله علي عهد، أو لله علي نذر، أو ما أشبه ذلك مما يدل على الالتزام، مثل: لله علي أن أفعل كذا، وإن لم يقل: نذر، أو عهد " انتهى. "الشرح الممتع" (15 / 207).

ثانيا:

الأيمان والنذور هي عقود متعلقة بمقاصد عاقديها.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" الاعتبار بالمعاني والمقاصد في الأقوال والأفعال، فإن الألفاظ إذا اختلفت عباراتها أو مواضعها بالتقدم والتأخر والمعنى واحد؛ كان حكمها واحدا، ولو اتفقت ألفاظها واختلفت معانيها كان حكمها مختلفا، وكذلك الأعمال، ومن تأمل الشريعة حق التأمل علم صحة هذا بالاضطرار " انتهى. "أعلام الموقعين" (4 / 552).

والمعاهدة على إخراج مال لله عز وجل ، يرجع في ذلك إلى النية .

لقول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) رواه البخاري (1) ومسلم (1907).

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" النية تؤثر في اليمين تخصيصا وتعميما وإطلاقا وتقييدا ، والسبب يقوم مقامها عند عدمها ويدل عليها فيؤثر ما يؤثره، وهذا هو الذي يتعين الإفتاء به، ولا يحمل الناس على ما يقطع أنهم لم يريدوه بأيمانهم، فكيف إذا علم قطعا أنهم أرادوا خلافه؟ واللَّه أعلم " انتهى. "أعلام الموقعين" (5 / 534 – 535).

فإن قصدت مصرفا محددا ، وجب عليك الاقتصار عليه ، كما لو قصدت الفقراء والمساكين ، وفي هذه الحالة إذا كان من أقاربك من هو فقير جاز أن تعطيه من هذا المال ، بل هو أولى ممن ليس من الأقارب .

وإن لم تكن قصدت مصرفا معينا –وهذا هو الظاهر من سؤالك- ، فلك أن تنفق هذا المال في أي وجه من وجوه الخير والبر ، كالإعطاء للأقارب ،  سواء كانت صدقة أم هدية ، وكالإعطاء للفقراء ، أو تعمير المساجد ، أو المستشفيات الخيرية ، وما أشبه ذلك .

ثالثا:

أما المعاهدة على اخراج مال في سبيل الله تعالى كل شهر، فسبيل الله تعالى: يتناول شرعا وعرفا كل صدقة يحبها الله تعالى ورغّب فيها، ويتقرب بها إلى الله تعالى.

قال ابن الأثير رحمه الله تعالى:

" قد تكرر في الحديث ذكر "سبيل الله، وابن السبيل". فالسبيل: في الأصل الطريق ويذكر ويؤنث، والتأنيث فيها أغلب.

وسبيل الله: عام يقع على كل عمل خالص سلك به طريق التقرب إلى الله تعالى بأداء الفرائض والنوافل وأنواع التطوعات، وإذا أطلق فهو في الغالب واقع على الجهاد، حتى صار لكثرة الاستعمال كأنه مقصور عليه " انتهى. "النهاية" (2 / 338 – 339).

فإذا كنت قصدت بعبارة في "سبيل الله تعالى" بابا خاصا؛ كإعانة الفقراء دون غيرهم مثلا.

ففي هذه الحال عليك أن تخرج الصدقة في هذا الباب دون غيره؛ لأن الأعمال بالنيات.

لقول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) رواه البخاري (1) ومسلم (1907).

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" النية تؤثر في اليمين تخصيصا وتعميما وإطلاقا وتقييدا والسبب يقوم مقامها عند عدمها ويدل عليها فيؤثر ما يؤثره، وهذا هو الذي يتعين الإفتاء به، ولا يحمل الناس على ما يقطع أنهم لم يريدوه بأيمانهم، فكيف إذا علم قطعا أنهم أرادوا خلافه؟ واللَّه أعلم " انتهى. "اعلام الموقعين" (5 / 534 – 535).

وأما إذا أطلقت القصد، وكنت تريد كل باب من أبواب البر تصلح فيه الصدقة.

ففي هذه الحال يكفيك اخراجك المال إلى أي جهة تصلح الصدقة عليها، سواء من الأقارب المحتاجين، أو الفقراء الأباعد.

وأما الهدايا كـ "العيدية" فهي هدية وليست من أبواب التطوعات المالية التي يتقرب بها إلى الله تعالى، فلا يتناولها وصف "في سبيل الله تعالى" عند اطلاق الناس لهذه العبارة.

رابعا:

وأما أفضل جهة يعطى لها هذا المال، فهذا ينظر فيه إلى مقدار النفع والمصلحة؛ فالأفضل أن يعطى المال إلى الجهة التي النفع والمصلحة فيها أكثر.

والأقارب أحق من غيرهم ، لأنهم أولى الناس ببرك ، ولما في ذلك من صلة الرحم ، والترابط بين العائلة الذي حث عليه الشرع .

كما أنه من الأفضل أيضا أن تقوم بنفسك بتوزيع هذا المال ، حتى تتأكد أنه وصل إلى المصرف الذي تريده ، وتقدم أهل الطاعة على غيرهم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"ولا ينبغي أن تعطى الزكاة لمن لا يستعين بها على طاعة الله ، فإن الله تعالى فرضها معونة على طاعته لمن يحتاج إليها من المؤمنين ، كالفقراء والغارمين ، أو لمن يعاون المؤمنين . فمن لا يصلي من أهل الحاجات لا يُعطى شيئاً حتى يتوب ، ويلتزم أداء الصلاة في أوقاتها" . انتهى من "الاختيارات" ص 154 .

والأفضل أن تبادر إلى إخراج هذه الصدقة بمجرد قبضك للراتب؛ لأن الشرع حث على المسارعة إلى أعمال الخير.

كما في قول الله تعالى:

( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) آل عمران (133).

ولأن هذا هو الأبرأ للذمة، لأن التأخير قد يؤدي إلى التفريط.

وطالع لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم (250633).

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android