الخميس 9 شوّال 1445 - 18 ابريل 2024
العربية

حكم العمل في تكنولوجيا المعلومات مع استعمال برامج منسوخة

333073

تاريخ النشر : 26-11-2020

المشاهدات : 4222

السؤال

أنا أعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات منذ 20 عاماً، نقوم بوضع برنامج التشغيل الأساسي على الكمبيوتر، والذي لا يعمل إلا به مثل Windows و windows server، وكذلك بعض البرامج المساعدة مثل برنامج (Office)، وبرامج أخرى حسب طبيعة عمل كل شركة مثل (AutoCAD)، و(3D MAX)، وغيرها . كافة هذه البرامج غير مجانية، ويجب شراؤها، والشركة المستخدمة لهذه البرامج بدون شراء تقع تحت المسائلة القانونية، وتغرم مبلغا من المال، أو تشتري البرامج أو كلاهما. وبناءً على طلب صاحب العمل ومعرفته أقوم بتشغيل كافة هذه البرامج عن طريق فك الحماية الموضوعة عليها، واستخدامها في العمل. ويقوم أصحاب الشركات بذلك بسبب ارتفاع أسعار البرامج بشكل مبالغ فيه، مما يؤدي إلى ارتفاع التكاليف، وعدم قدرة الشركة على المنافسة والربحية ،إذا قامت بشراء هذه البرامج، وأحياناً أقوم بوضع برامج إضافية لا يطلبها مني صاحب العمل لتسهيل وحفظ بيانات الشركة وتطوير الأداء، وعند طلب الشراء من صاحب العمل بعضهم يرفض، وبعضهم يشتري جزءً فقط . فهل راتبي حلال أم حرام، جزئياً أم كلياً ؟ وإذا كان حراما فماذا أصنع عن الفترة السابقة؟ وماذا أصنع في عملي الحالي الذي لا أتقن غيره؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا كانت هذه البرامج يمنع أصحابها نسخها نسخا عاما أو خاصا، فالأصل هو الوفاء لهم بهذا الشرط؛ لقوله صلى الله عليه وسلم :  الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ  رواه أبو داود (3594) وصححه الألباني في "الإرواء" (1303) .

ولأن حقوق الاختراع محفوظة لأصحابها لا يجوز الاعتداء عليها.

وقد صدر عن "مجمع الفقه الإسلامي" قرار بخصوص الحقوق المعنوية ، جاء فيه :

" أولاً : الاسم التجاري ، والعنوان التجاري ، والعلامة التجارية ، والتأليف والاختراع أو الابتكار ، هي حقوق خاصة لأصحابها ، أصبح لها في العُرف المعاصر قيمة مالية معتبرة، لتموّل الناس لها ، وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً ، فلا يجوز الاعتداء عليها ...

ثالثاً : حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعاً ، ولأصحابها حق التصرف فيها ، ولا يجوز الاعتداء عليها " انتهى باختصار .

وسئل علماء " اللجنة الدائمة " ( 13 / 188 ) ما يلي :

أعمل في مجال الحاسب الآلي ، ومنذ أن بدأت العمل في هذا المجال أقوم بنسخ البرامج للعمل عليها ، ويتم ذلك دون أن أشتري النسخ الأصلية لهذه البرامج ، علمًا بأنه توجد على هذه البرامج عبارات تحذيرية من النسخ ، مؤداها : أن حقوق النسخ محفوظة ، تشبه عبارة ( حقوق الطبع محفوظة ) الموجودة على بعض الكتب ، وقد يكون صاحب البرنامج مسلمًا أو كافرًا ، وسؤالي هو : هل يجوز النسخ بهذه الطريقة أم لا ؟ .

فأجابوا :

" لا يجوز نسخ البرامج التي يمنع أصحابها نسخها ، إلا بإذنهم ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( المسلمون على شروطهم ) ؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه ) ؛ وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من سبق إلى مباح فهو أحق به ) ، سواء كان صاحب هذه البرامج مسلماً أو كافراً غير حربي ؛ لأن حق الكافر غير الحربي محترم كحق المسلم ، وبالله التوفيق " انتهى .

وبناء عليه فلا يجوز "فك الحماية" لأنه عدوان واضح، وكذا لا يجوز شراء النسخ المقلدة؛ لأنه إعانة على التربح المحرم.

وبقي ما إذا وجد نسخة مجانية على الإنترنت، أو عند صديق ونحوه، وكان سيستعملها استعمالا شخصيا، لا يبيعها ولا يتجر فيها، فهذا قد يرخص فيه عند غلاء النسخة الأصلية.

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن حرمة نسخ البرامج تتقيد بما إذا كان ذلك بقصد التجارة، وأما من اقتنى نسخة لنفسه : فالأمر جائز، وهو قول وسط بين المانعين بالكلية ، والمبيحين بالكلية .

وقد سبق في جواب السؤال رقم : (21927) إجابة مختصرة لهذه المسألة عن الشيخ سعد الحميِّد ، فيها هذا التفصيل.

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" هل يجوز نسخ برامج الحاسب الآلي مع أن الشركات تمنع ذلك والنظام ؟ وهل يعتبر ذلك احتكاراً وهي تباع بأسعار غالية ، وإذا نسخت تباع بأسعار رخيصة ؟ .

فأجاب :

القرآن ؟ .

السائل : برامج الحاسب الآلي عموماً .

الشيخ : القرآن ؟ .

السائل : القرآن ، وغير القرآن ، والحديث ، وبرامج أخرى كثيرة .

الشيخ : يعني : ما سجل فيه ؟ .

السائل : ما سجل في الأقراص .

الشيخ : أما إذا كانت الدولة مانعة : فهذا لا يجوز ؛ لأن الله أمر بطاعة ولاة الأمور ، إلا في معصية الله ، والامتناع من تسجيلها ليس من معصية الله .

وأما من جهة الشركات : فالذي أرى أن الإنسان إذا نسخها لنفسه فقط : فلا بأس .

وأما إذا نسخها للتجارة : فهذا لا يجوز ؛ لأن فيه ضرراً على الآخرين ، يشبه البيع على بيع المسلم ؛ لأنهم إذا صاروا يبيعونه بمائة ، ونسختَه أنت وبعته بخمسين : هذا بيع على بيع أخيك .

السائل : وهل يجوز أن أشتريها بخمسين من أصحاب المحلات وهو منسوخ .

الشيخ : لا يجوز ، إلا إذا قدم لك أنه مأذون له ، وأما إذا لم يقدم : فهذا تشجيع على الإثم والعدوان .

السائل : إذا لم يؤذن له هو - جزاك الله خيراً - ؟ .

الشيخ : وإذا كنت أيضاً لا تدري ، أحياناً الإنسان لا يدري يقف على هذا المعرض ويشتري وهو لا يدري ، هذا لا بأس به ، الذي لا يدري ليس عليه شيء" انتهى من " لقاء الباب المفتوح " (178 / 19).

ثانيا:

ينبغي نصح صاحب الشركة بشراء نسخ أصلية من البرامج، فهذا أحوط وأبرأ للذمة، لا سيما أن الشركة تربح من وراء هذه البرامج، وشراء البرامج إنما يكون مرة واحدة.

فإذا لم تستجب الشركة لذلك، واقتصرت على أخذ برامج مجانية سبق نسخها ونشرها، فنرجو ألا حرج عليك.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب