الأربعاء 15 شوّال 1445 - 24 ابريل 2024
العربية

هل يأخذ حقه دون علم من ظلمه ؟

السؤال

أحرص دائماً أن أتبع الحلال وأجتنب الحرام ، أعمل في محل تجاري يملكه يهودي منافق ، لديه العديد من المحلات وقد أغلقها فجأة ليطلب الأموال من الحكومة ، وفصل الناس من العمل دون أن يعطيهم رواتبهم وأبقى 5 أشخاص - ( أنا منهم ) - وفتح محلاً جديداً ، لم يدفع الرواتب المتأخرة ، ودفع مبلغاً بسيطاً أقل بكثير من مستحقاتنا ، المحل الآن ناجح ولكنه لا يدفع لنا ، ودائماً يقول لا يوجد لدي مال ، نواجه الآن مشكلة دون دفع رواتبنا ، وهذا هو الدخل الوحيد لنا ، قال أحد زملائي في العمل بأن نأخذ رواتبنا اليومية من دخل المحل وإذا دفع لنا في آخر الشهر نعيد له ماله في الخزنة وبدأ بفعل هذا ، ولكنني أخشى الحرام ، وأواجه الآن مشاكل مالية ، وقد سمعت بأنه سيفصلنا من العمل دون أن يدفع رواتبنا ، أرجو أن توضح لنا هذه المسألة وتنصحنا .  مرة أخرى ، أنا أعمل بإخلاص وأمانة ولكنه يهودي منافق .

الجواب

الحمد لله.

هذه المسألة تسمَّى عند العلماء " مسألة الظَفَر " ، وفيها خلاف بين العلماء ، فمنهم من منع من أخذ الحق من الظالم ، ومنهم من أجازه بشرط أن لا يزيد على حقه وأن يأمن الفضيحة والعقوبة ، وهو الصواب من القولين .

قال الشنقيطي رحمه الله :

إنْ ظلمك إنسانٌ بأنْ أخذَ شيئاً مِن مالِك بغير الوجه الشرعي ، ولم يمكن لك إثباتُه ، وقدرتَ له على مثل ما ظلمك به على علو وجهٍ تأمن معه الفضيحة والعقوبة ، فهل لك أنْ تأخذَ قدرِ حقِّك أو لا ؟

أصحُّ القولين ، وأجراهما على ظواهر النصوص وعلى القياس : أنْ تأخذَ قدرَ حقِّك مِن غيرِ زيادةٍ ؛ لقوله تعالى في هذه الآية : ( فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ…) الآية ، وقوله : ( فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُم ) ، وممن قال بِهذا القول : ابن سيرين ، وإبراهيم النخعي ، وسفيان ، ومجاهد ، وغيرهم .

وقالت طائفة من العلماء - منهم مالك - : لا يجوز ذلك ، وعليه دَرَج خليل بن إسحاق المالكي في " مختصره " بقوله في الوديعة : وليس له الأخذ منها لمن ظلمه بمثلها ، واحتج من قال بِهذا القول بحديث : " أَدِّ الأمَانَةَ إِلى مَنِ ائْتَمَنَكَ ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ " ا.هـ.

وهذا الحديث – على فرض صحته - لا ينهض الاستدلال به ؛ لأنَّ مَن أخذَ قدرَ حقِّه ولم يزد عليه لم يخن مَن خانه ، وإنما أنصف نفسه ممن ظلمه . " أضواء البيان " ( 3 / 353 ) .

وهو قول البخاري ، والشافعي ، كما نقله أبو زرعة العراقي في " طرح التثريب " ( 8 / 226 ) ، ونقل الترمذي أنه قول بعض التابعين ، وسمَّى منهم سفيان الثوري .

والحديث الذي استدل به المانعون هو حديث أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك " رواه الترمذي ( 1264 ) وأبو داود ( 3535 ) . وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 423 )

فلك أن تأخذ حقَّك من هذا اليهودي صاحب العمل على أن لا تزيد على حقك ، وأن تأمن من أن يُكتشف أمرك خشية الفضيحة والإساءة للإسلام لأنك لا تستطيع إثبات حقك أمام الناس ، فإن أعطاك حقك بعدها أو شيئاً منه : فعليك أن تُرجع ما أخذته مما هو زائد على حقك .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب