الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

الجمع بين القرض والإجارة

267637

تاريخ النشر : 11-11-2017

المشاهدات : 9586

السؤال

رجل يقرض أشخاصا مالا ، وفي أغلب الأحيان يقرضهم في صورة شراء طعام لهم ، وهو يملك سيارة فيذهب لكي يشتري لهم بذلك المال الذي أقرضهم طعاما ، فيحسب عليهم زيادة على ما أقرضهم إيجار سيارته مع علمهم بذلك ، فما الحكم في المسألة ؟

الجواب

الحمد لله.

لا يجوز الجمع بين القرض والإجارة ، لأنه إما حيلة على ارتكاب الربا ، وإما ذريعة للوقوع في الربا ، والشرع يحرم طرق الاحتيال على ارتكاب الحرام ، ويحرم الذرائع الموصلة إليه .

ووجه الحيلة أو الذريعة هنا : أن أجرة السيارة قد تكون خمسين ، فتجعلها أنت ستين ، ويرضى بذلك المقترض من أجل القرض ، فتكون هذه العشرة زيادة من أجل القرض ، وهذا هو الربا .

وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يحل سلف وبيع ) . رواه أبو داود (3504) والترمذى (1234) وحسنه الألباني في " إرواء الغليل " (1307) .

قال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (5/18) : " ومعلوم أنه لو أفرد أحدَهما عن الآخر صح ، وإنما ذاك لأن اقتران أحدهما بالآخر ذريعة إلى أن يُقْرِضه ألفًا ويبيعه سلعة تساوي ثمانمئة بألف أخرى ؛ فيكون قد أعطاه ألفًا وسلعة بثمانمئة ليأخذ منه ألفين، وهذا هو معنى الربا " انتهى .

والجمع بين القرض والإجارة داخل تحت هذا النهي ؛ لأن الإجارة في معنى البيع .

قال الحطاب في "مواهب الجليل" (6/146) : " كل عقد معاوضة لا يجوز أن يقارنه السلف " .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " فإذا جمع بين سلف وإجارة : فهو جمع بين سلف وبيع ، أو مثله ، وكل تبرع يجمعه إلى البيع والإجارة - مثل الهبة والعارية والعرية والمحاباة في المساقاة والمزارعة وغير ذلك - هي مثل القرض .

فجماع معنى الحديث : أن لا يجمع بين معاوضة وتبرع ؛ لأن ذلك التبرع إنما كان لأجل المعاوضة ، لا تبرعا مطلقا ، فيصير جزءا من العوض ، فإذا اتفقا على أنه ليس بعوض ، جمعا بين أمرين متنافيين .

فإن من أقرض رجلا ألف درهم ، وباعه سلعة تساوي خمسمائة بألف = لم يرض بالإقراض إلا بالثمن الزائد للسلعة ، والمشتري لم يرض ببذل ذلك الثمن الزائد إلا لأجل الألف التي اقترضها ، فلا هذا باع بيعا بألف ، ولا هذا أقرض قرضا محضا ، بل الحقيقة: أنه أعطاه الألف والسلعة بألفين " انتهى ، من " مجموع الفتاوى " (29/62).

وقال أيضا : " وقد اتفق العلماء على أن المقرض ، متى اشترط زيادة على قرضه : كان ذلك حراما ، وكذلك إذا تواطآ على ذلك في أصح قولي العلماء ..

وحرم النبي صلى الله عليه وسلم الجمع بين السلف والبيع؛ لأنه إذا أقرضه وباعه: حاباه في البيع لأجل القرض ، وكذلك إذا آجره " انتهى ، من " مجموع الفتاوى " (29/334).

قال ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" (5/184): " فإن الشارع لمْ يشرع القَرْضَ إلا لمن قصد أن يسترجع مثل قرضه، ولم يشرعه لمن قصد أن يأخذ أكثر منه ، لا بحيلةٍ ولا بغيرها " انتهى .

وجاء في " المعايير الشرعية " ص 523 : " لا يجوز اشتراط عقد البيع والإجارة ونحوهما في عقد القرض " .

وجاء فيها أيضا ص 660  في ضوابط جواز الجمع بين العقود : ألا يكون ذلك محل نهي في نص شرعي ، كالنهي عن البيع والسلف .. وألا يكون ذريعة إلى الربا ، مثل الجمع بين القرض والمعاوضة .. " انتهى .
وقال الدكتور عبد الله بن محمد العمراني :

" يتبين أن مجرد اشتراط عقد البيع ونحوه من عقود المعاوضات في عقد القرض : محرم ؛ لورود النص به بسبب كونه ذريعة إلى القرض الربوي ، مع أن المنفعة احتمالية ، ومتوقعة ، وذلك أنه ربما يزاد في الثمن، وقد لا يزاد ، ولكن الغالب أن يزاد ، وهذا مما يكثر القصد إليه عند من يتعاقد بهذه الصفة .

أما لو اتفق المقرض مع المقترض على أن يؤجره داره مثلا بأقل من أجرتها ، أو على أن يستأجر المقترض دار المقرض بأكثر من أجرتها : فهو أبلغ في التحريم " .

بحث "أحكام القرض وتطبيقاته" ضمن "دراسات المعايير الشرعية" (2/1140).

والله أعلم .
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب