الثلاثاء 14 شوّال 1445 - 23 ابريل 2024
العربية

إذا كان للزوجة مال وزوجها يرعاه ويتصرف فيه بإذنها فمن سيحاسب عليه يوم القيامة ؟

266200

تاريخ النشر : 19-04-2017

المشاهدات : 4496

السؤال

أنا عمل طبيبة وأعتبر العائل الرئيسي لعائلتي حيث أن راتبي أضعاف راتب وذلك باختياره حيث أن فرصتي في العمل والسفر أفضل وأكثر راحة للاسرة ككل وبالمقابل رضي هو أن يعمل عملا بأجر قليل لا يتوافق مع وظيفته حتي يوفر احتياجات الأسرة وكي لا يتغيب عنا فترة طويلة تجعلنا في حاجة لسائق أو نحو ذلك ،، زوجي شخص دين ملتزم أحسبه كذلك والله حسيبه ،، لكني تركت أمر الإنفاق كله له ،، والمال كله بيده وهو يؤدي زكاته ويعلمني ولا ينفق شيئا بغير إذني . لكنه هو القيم والولي ولا أتصرف في شيء من المال إلا بإذنه حيث إن المال كله بيده ،، وما نرسله إلى بلادنا نشتري به عقارا يكتب باسمي بغية أن نشتري شقة لنا في غير منزل أهله بحثا مني عن شيء من الخصوصية ، كي لا يكون منزلي عرضة لأن يدخله أي شخص في غيابي بغير إذن أو حتي علم مني ،، السؤال : هل هذا المال سأحاسب عليه أنا في الآخرة أم هو ؟ وهل له حق في المال لأنه اغترب معي وترك وظيفته الأصلية وسعى على شؤوني وأوراقي ، فيجب أن يكون له نصيب موثق من هذا المال ، خاصة أني أحب أن أتوسع في الصدقة بينما زوجي يقيم حسابا للظروف المالية وحالة الأسرة ؟ وهل وضعي هذا سليم في الشرع ؟ أم الأفضل لي أن أجلس في البيت ويتولي زوجي العمل كاملا ؟ لا أريد ان تنتهي حياتي وأكون من الذين كانوا يحسبون أنهم يحسنون صنعا وهم خاسرون في الآخرة ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

صاحب المال يسأل عن ماله، من أين اكتسبه وفيم أنفقه، كما روى الترمذي (2416) عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ : عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ ؟ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ ؟ وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ ؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ؟ وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ ؟) وصححه الألباني في " صحيح الترغيب

والترهيب " ( 126 ) .

وإذا كنت تملكين المال وتعطيين لزوجك التصرف، ولا ينفق شيئا إلا بإذنك، فأنت مسئولة عن هذا المال .

ويُسْأل هو أيضا من جهتين:

الأولى: عن أمانته ، واستقامته في تصرفه في مالك.

والثانية: عن إعانته لك على وجوه الصرف، فإن الدال على الخير كفاعله، والإعانة على المعصية محرمة، قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2.

عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ الْخَازِنَ الْمُسْلِمَ الْأَمِينَ الَّذِي يُنْفِذُ- وَرُبَّمَا قَالَ يُعْطِي- مَا أُمِرَ بِهِ، فَيُعْطِيهِ كَامِلًا مُوَفَّرًا، طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهُ، فَيَدْفَعُهُ إِلَى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ - أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ . رواه البخاري (1438) ومسلم (1023) .

ثانيا:

الأصل أن ما تكسبينه من وظيفتك هو مالك، لا حق لزوجك فيه، إلا أن يكون قد سمح لك بالعمل مقابل شيء من راتبك .

فإن لم يكن قد اشترط عليك ذلك، صراحة : فلا حق له في المال.

وينظر : جواب السؤال رقم (126316) .

والأصل أن ما يقوم به من السعي على شؤونك وأوراقك : أنه تبرع منه وإحسان، ما لم تتفقا على كونه بمقابل.

ومن ذلك أيضا : رضاه بأن يتغرب معك ، ويقبل بعمل راتبه أقل .

ثم إنك أيضا تتحملين عبء الإنفاق على الأسرة ، أو تشاركين فيه بنصيب ، وهو واجب عليه ، في ماله هو .

لكن : إن طابت نفسك بإعطاء شيء لزوجك، أو تسجيل عقار باسمكما معا : فذلك إحسان ومعروف، ومن شأنه أن يطيب قلبه ، ويزيد المحبة بينكما . وقد قال تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا) النساء/4

وقال صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1459).

ثالثا:

إذا كان عملك خاليا من المحاذير الشرعية كالاختلاط بالرجال، وكان لا يؤدي إلى التقصير في عبادتك، ولا في حق زوجك وأولادك، وتستفيدين منه مالاً تعينين به زوجك، وأسرتك ، وتتصدقين منه : فالظاهر أن استمرارك فيه خير.

وإن كان يترتب عليه محاذير شرعية، وكان بإمكان زوجك أن يعولك وأولادك : فالأولى لك تركه، والقرار في بيتك، فإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وصيانة المرء في دينه، وقيامه بواجباته، مقدم على الصدقة .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب