الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

يصلي مع قوم لا يجهرون بالتأمين بعد الفاتحة

222387

تاريخ النشر : 09-09-2014

المشاهدات : 50249

السؤال


معظم المساجد في منطقتنا لا ترى التأمين بعد الفاتحة ، وقد ذهبت إلى أحد الأئمة ، فسألته ، فقال أن الجهر بالتأمين ضعيف ، والأفضل الإسرار ، فهل هذا صحيح ؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً :
الذي دلت عليه الأحاديث ، أن الإمام والمأموم ، يسن في حقهما ، الجهر بالتأمين في الصلاة الجهرية .
فقد روى البخاري (780) ، ومسلم (410) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ ، فَأَمِّنُوا ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) ، وقال ابن شهاب : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : آمين .

وروى البخاري (782) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إِذَا قَالَ الْإِمَامُ : ( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ) ، فَقُولُوا : آمِينَ ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) .

وروى أبو داود (932) عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا قرأ ( وَلَا الضَّالِّينَ ) ، قال : آمين ، ورفع بها صوته ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح سنن أبي داود " .

قال ابن قدامه رحمه الله في " المغني " (1/291) :
" ( فَإِذَا قَالَ : وَلَا الضَّالِّينَ , قَالَ : آمِينَ ) ، وَجُمْلَتُهُ : أَنَّ التَّأْمِينَ عِنْدَ فَرَاغِ الْفَاتِحَةِ : سُنَّةٌ لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ ........ ، وَيُسَنُّ أَنْ يَجْهَرَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ ، فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ بِالْقِرَاءَةِ ، وَإِخْفَاؤُهَا فِيمَا يُخْفِي فِيهِ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَمَالِكٌ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ : يُسَنُّ إخْفَاؤُهَا ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ ، فَاسْتُحِبَّ إخْفَاؤُهُ كَالتَّشَهُّدِ .
وَلَنَا : ( أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : آمِينَ . وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ ) ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِالتَّأْمِينِ عِنْدَ تَأْمِينِ الْإِمَامِ ، فَلَوْ لَمْ يَجْهَرْ بِهِ ، لَمْ يُعَلِّقْ عَلَيْهِ ، كَحَالَةِ الْإِخْفَاءِ . وَمَا ذَكَرُوهُ يَبْطُلُ بِآخِرِ الْفَاتِحَةِ ، فَإِنَّهُ دُعَاءٌ وَيُجْهَرُ بِهِ . وَدُعَاءُ التَّشَهُّدِ تَابِعٌ لَهُ . فَيَتْبَعُهُ فِي الْإِخْفَاءِ ، وَهَذَا تَابِعٌ لِلْقِرَاءَةِ فَيَتْبَعُهَا فِي الْجَهْرِ " انتهى .

ثانياً :
إذا كان الشخص يصلي مع قوم لا يرون سنية الجهر بالتأمين ، وكان يترتب على جهره بالتأمين مفسدة ، فإنه لا يجهر بالتأمين في هذه الحال ؛ فتركه للتأمين ترك للسنة ، والشرع والحكمة يقتضيان : أن لا يفعل الإنسان السنن التي تفضي إلى النزاع والشقاق .

فقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
" هل يجوز ترك الجهر بالتأمين في الصلاة ، وعدم رفع اليدين ؟

فأجاب رحمه الله : نعم ، إذا كان بين أناس لا يرفعون ، ولا يجهرون بالتأمين ، فالأولى أن لا يفعل ؛ تأليفا لقلوبهم ، حتى يدعوهم إلى الخير ، وحتى يعلمهم ويرشدهم ، وحتى يتمكن من الإصلاح بينهم ، فإنه متى خالفهم استنكروا هذا ؛ لأنهم يرون أن هذا هو الدين ، يرون أن عدم رفع اليدين ، فيما عدا تكبيرة الإحرام ، يرون أنه هو الدين ، وعاشوا عليه مع علمائهم .
وهكذا عدم الجهر بالتأمين ، وهو خلاف مشهور بين أهل العلم ، منهم من قال يجهر ، ومنهم من قال : لا يجهر بالتأمين ، وقد جاء في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم رفع صوته ، وفي بعضها أنه خفض صوته .
وإن كان الصواب أنه يستحب الجهر بالتأمين ، وهو شيء مستحب ، ويكون ترك أمرا مستحبا ، فلا يفعل مؤمن مستحبا يفضي إلى انشقاق وخلاف وفتنة ، بل يترك المؤمن المستحب ، والداعي إلى الله عز وجل ، إذا كان يترتب على تركه مصالح أعظم ، من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك هدم الكعبة ، وبناءها على قواعد إبراهيم ، قال : لأن قريشا حديثو عهد بكفر ، ولهذا تركها على حالها ، ولم يغير عليه الصلاة والسلام للمصلحة العامة ". انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (29/275) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب