الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

هل يجوز وصف الشيعة بأنهم " أبناء زنا "؟

217843

تاريخ النشر : 02-07-2014

المشاهدات : 26373

السؤال


هل يجوز القول أن الشيعة أبناء زنا ، أو أبناء متعة ؟ ، وهل يجوز أن يقال على المرأة الشيعية زانية ؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً :
المسلم عَفُّ اللِّسان ، طيِّب القول ، لا يشتُمُّ ولا يسُبُّ ولا يطعَن ولا يخوض في الأعراض ؛ قال الله تعالى : ( وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) الإسراء/ 54 ، وفي الحديث : ( لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ ، وَلا اللَّعَّانِ ، وَلا الْفَاحِشِ ، وَلا الْبَذِيءِ ) رواه الترمذي (1977) ، وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (320) .
والمسلم له أسوة حُسنة برسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذي قال عنه أنسٌ رضي الله عنه : " لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا ، وَلاَ لَعَّانًا ، وَلاَ سَبَّابًا " رواه البخاري (6046).

ثانيًا :
لا يُحكَم على شخص بأنَّه ابن زِنا إلا إذا جاءَ من طريقٍ غيرِ شرعيٍّ محرَّمٍ تحريمًا محضًا - كزِنا أو اغتصابٍ - .
أما مَن جاء بنكاحٍ صحيحٍ مُباحٍ - وهو الزواج الشرعي - ، أو نكاحٍ فيه شُبهة - كالنِّكاح الفاسد ( كمَن تزوَّج بغير وليّ ) ، أو كمَن جامعَ امرأة يظنُّها زوجتَه –؛ فلا يُعَدُّ هذا ابنَ زِنا ولا يُسَمَّى بهذا.
ونكاح المُتعة الذي يستحلُّه الشِّيعة الروافِض - وإنِ استقرَّ إجماعُ العلماء على تحريمه ، وأنَّه نكاحٌ باطلٌ - ، لكنَّه من جهة أخرى نكاحٌ فيه شُبهة العَقْد ، وليس هو زِنا محضًا ؛ ولذا قال العلماء بلحوق النسب فيه ، وأوجبَ جمهورهم تعزيرَ فاعِله - إن كان يعلم التحريمَ - ولم يُوجِبوا فيه حَدَّ الزِّنا .
جاء في "الموسوعة الفقهية " (41/341) :
" اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ جَاءَتِ الْمَرْأَةُ بِوَلَدٍ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ لَحِقَ نَسَبُهُ بِالْوَاطِئِ ، سَوَاءٌ اعْتَقَدَهُ نِكَاحًا صَحِيحًا أَوْ لَمْ يَعْتَقِدْهُ ، لأِنَّ لَهُ شُبْهَةُ الْعَقْدِ وَالْمَرْأَةُ تَصِيرُ بِهِ فِرَاشًا.
وذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالْمَالِكِيَّةُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى الصَّحِيحِ إِلَى أَنَّهُ لاَ حَدَّ عَلَى مَنْ تَعَاطَى نِكَاحَ الْمُتْعَةِ ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُل أَوِ الْمَرْأَةِ ؛ لأِنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ ، وَالشُّبْهَةُ هُنَا هِيَ شُبْهَةُ الْخِلاَفِ ، بَل يُعَزَّرُ إِنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ لاِرْتِكَابِهِ مَعْصِيَةً لاَ حَدَّ فِيهَا وَلاَ كَفَّارَةَ " انتهى .
قال الإمام النووي : " وَإِذَا وَطِئَ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ جَاهِلًا بِفَسَادِهِ : فَلَا حَدَّ ، وَإِنْ عَلِمَ : فَلَا حَدَّ أَيْضًا عَلَى الْمَذْهَبِ ، وَحَيْثُ لَا حَدَّ: يَجِبُ الْمَهْرُ ، وَالْعِدَّةُ ، وَيَثْبُتُ النَّسَبُ " .
انتهى من " روضة الطالبين " (7/42) .
وقال البُهُوتي : " وَمَنْ تَعَاطَاهُ عَالِمًا تَحْرِيمَهُ ؛ عُزِّرَ ؛ لِارْتِكَابِهِ مَعْصِيَةً لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ ، وَيَلْحَقُ فِيهِ النَّسَبُ إذَا وَطِئَ يَعْتَقِدهُ نِكَاحًا.
قُلْتُ: أَوْ لَمْ يَعْتَقِدْهُ نِكَاحًا ؛ لِأَنَّ لَهُ شُبْهَةُ الْعَقْدِ " انتهى من " كشاف القناع " (5/97) .
وبما أن النسب يلحق فيه للواطئ : فلا يُسَمَّى مَن جاءَ من هذا النِّكاح ابنَ زِنا ، ولا يجوز للمرأة التي نُكِحَت نكاحَ متعة أنْ يُقال عنها زانية ؛ إلا إذا ثبتَ أنَّها استحلَّت الزِّنا المحضَ الحرام ، ووقعَت فيه ، وأنَّى لنا أن نُثبِت هذا بغير إقرارٍ منها بذلك أو بشهادة أربعة شهود ؟!!

ثالثًا :
ليس كلُّ نساءِ الشِّيعة الروافض يُمارِسْنَ نِكاح المُتعة ، فبعضُهنَّ - مع فساد العقيدة وانتحالِ هذا المذهبِ الباطلِ الشنيعِ - عفيفات ، وهذا كبعض نساء أهلِ الكتاب التي قال الله تعالى فيهنَّ : ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) المائدة/ 5 ، والمقصود بـ ( المُحصنات ) : العفيفات ، ينظر: " تفسير البغوي " (3/19) ، و" تـفسير ابن كثير" (3/42).
وعلى هذا فلا يجوز إطلاق القول بأنَّ كل امرأة شيعيَّة تُمارِس نكاح المُتعة ، فضلاً عن وصف كل واحدة منهن بالزانية ، أو إطلاق القول بأنَّ الشِّيعة أبناء مُتعة أو أبناء زنا ؛ بلا بُرهان ولا تثبُّت .
وهذا من الإنصاف والعَدْل والقِسْط الذي أمرَنا الله تعالى به ؛ كما في قوله تعالى: ( وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا ) الأنعام/152، وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) المائدة/ 8 .
وقد سألنا شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى ، عن إطلاق القول بأن الرافضة أبناء متعة ، هل في ذلك ظلم لهم . فقال: " إذا كان على سبيل التعميم فنعم فيه ظلم ، فالعدل ولزوم القسط واجب مع كل أحد ".
ونسأل الله تعالى أن يوفِّقنا لما يحبُّه ويرضاه ، وأن يرزقنا السداد في القول والعمل .
وينظر جواب السؤال : (20738) ، (139687).
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب