الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

علق طلاق زوجته على ركوب المواصلات العامة وكان قصده مجرد التهديد

215136

تاريخ النشر : 11-06-2014

المشاهدات : 23628

السؤال


كان قد حدث خلاف بيني وبين زوجتي ، ومحور الخلاف يدور حول أن زوجتي تريد أن تزور أهلها ولا تريدني أن أوصلها بسيارتي ؛ لأنها غضبانة مني ، ولوجود خصومة بيننا ، فلذلك هي تريد أن تذهب إلى أهلها بالمواصلات العامة بدلاً من سيارتي . فقلت لها :( إياكي أن تركبي المواصلات العامة ، لأنكي إذا ذهبتي بالمواصلات العامة فأنتي طالق ) قاصداً بذلك أمرين : الأول : التهديد والمنع من ركوب المواصلات العامة وليس الطلاق في حد ذاته . الثاني : تعليقي لهذا الطلاق على ركوبها المواصلات كان بناءً على سبب في الأصل وهو:( عدم الانصياع لأوامري ومخالفتها رغبتي في أن أوصلها بسيارتي ) ، وإلا فمجرد ركوبها المواصلات العامة ليس هو السبب الأساسي في تعليقي للطلاق .

السؤال:

ما هو الراجح من أقوال أهل العلم المحققين وبالدليل في هذا الطلاق ، هل يقع ؟

وهل يمكن التراجع منه خاصة أن الشرط لم يكن محضاً ولكن الشرط نفسه كان بناءً على سبب آخر وهو " مخالفة أوامري" ، ولأني في مجمل قصدي أردت "منعها وتهديدها" ، ولم أقصد أن نفسي قد طابت منها إن خرجت بالمواصلات العامة ؟ وفقط من باب العلم : زوجتي حتي هذه اللحظة لم تخرج بالمواصلات العامة .

الجواب

الحمد لله.


أولا :
الطلاق المعلق على شرط ، كقولك لزوجتك : ( إن ركبت المواصلات العامة فأنت طالق ) فيه خلاف بين أهل العلم :
فجمهور الفقهاء على وقوع الطلاق عند حصول الأمر المعلق عليه .
وذهب بعض أهل العلم وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره - وهو المفتى به في الموقع - إلى أن هذا التعليق فيه تفصيل يُرجع فيه إلى نية الحالف ؛ فإن قصد بهذا التعليق ما يُقصد باليمين من الحث على فعل شيء ، أو المنع منه ، أو الزجر عنه ، ولم يكن يقصد إيقاع الطلاق , فإن هذا حكمه حكم اليمين ، فلا يقع به طلاق عند حصول الأمر المعلق عليه ، ولكن يلزم الحالفَ كفارة يمين عند الحنث .
أما إن كان يقصد بذلك وقوع الطلاق ، فحينئذ تطلق منه زوجته عند حصول الشرط ، وأمر نيته يعلمه الله الذي لا تخفى عليه خافية ، فليحذر المسلم من التحايل على ربه ، ومن خداع نفسه ، ويراجع المزيد حول هذه المسألة في الفتوى رقم : (106232) .
وعلى ذلك : فما دمت لم تكن تقصد من هذا التعليق إلا مجرد منع امرأتك من استخدام المواصلات العامة ، ولم تكن تقصد إيقاع الطلاق عليها إذا فعلت ذلك , فهذا – على المفتى به عندنا - حكمه حكم اليمين , فإن خالَفَت زوجك واستخدمت المواصلات العامة في تنقلها فقد حصل الحنث , فيلزمك التكفير عن يمينك , وقد سبق بيان كفارة اليمين في الفتوى رقم : (45676) .
ولو أرادت زوجك أن تمتنع من استخدام المواصلات العامة مستقبلا أيضا ، حتى تحتاط لأمر دينها ونكاحها ، وتخرج من خلاف الجمهور القائلين بوقوع الطلاق المعلق عند حصول المعلق عليه مطلقا , فهذا أولى وأحسن ؛ فإن الخروج من الخلاف في مثل هذه الأحوال مستحب , خصوصا وأنها لم تركبها من وقت الحلف كما ذكرت في سؤالك .
ثانيا :
أما ما تسأل عنه من مسألة حل تعليق الطلاق والتراجع عنه : فالراجح من كلام أهل العلم وهو الذي عليه جمهورهم عدم جواز حل التعليق , بل يعتبرونه بمجرد صدوره من الزوج لازما ، لا يسعه التراجع عنه , جاء في " الشرح الممتع على زاد المستقنع " (13 / 127) : " إذا علق طلاق امرأته على شرط ، فهل له أن ينقضه قبل وقوع الشرط أو لا ؟ مثاله : أن يقول لزوجته: إن ذهبتِ إلى بيت أهلك فأنت طالق ، يريد الطلاق لا اليمين ، ثم بدا له أن يتنازل عن هذا، فهل له أن يتنازل أو لا ؟ الجمهور يقولون : لا يمكن أن يتنازل ؛ لأنه أخرج الطلاق مِنْ فِيهِ على هذا الشرط ، فلزم كما لو كان الطلاق منجزاً " انتهى .
والنصيحة لك أيها السائل أن تتجنب استعمال ألفاظ الطلاق في جميع الأحوال ، فإن الطلاق لم يشرع للتهديد والتخويف ، ولا ينبغي للعاقل أن يتكلم بكلمة تملكه وتأسره ، وتعرض أسرته للتفكك والتمزق , ثم قد يندم عليها في وقت لا ينفعه فيه الندم , نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب