الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

حكم البيع عن طريق الانترنت بعرض السلعة وإخفاء سعرها

152507

تاريخ النشر : 13-11-2010

المشاهدات : 31418

السؤال

انتشر في الآونة الأخيرة البيع عن طريق النت ويكون البيع بعرض البضاعة ومواصفاتها وإخفاء سعرها ومن يريد معرفة السعر يتم التحادث معه عن طريق الخاص واتضح مؤخراً أن كثيراً ممن يقوم بهذه الطريقة يقومون بالتلاعب بالسعر فإذا وجد إقبالا على بضاعته رفع سعرها وان لم يجد خفض السعر ..هل هذه الطريقة جائزة ؟؟

الجواب

الحمد لله.


يشترط لصحة البيع أن يكون الثمن معلوماً لكل من البائع والمشتري .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (9/100) :
" مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْبَيْعِ : أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ مَعْلُومَيْنِ عِلْمًا يَمْنَعُ مِنَ الْمُنَازَعَةِ ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَجْهُولاً جَهَالَةً مُفْضِيَةً إِلَى الْمُنَازَعَةِ فَسَدَ البَيع " انتهى .
وإذا كان البائع سيخفي السعر حتى يتم الاتصال به ، ثم لا يشتري المشتري السلعة حتى يعلم بالسعر ويرضى به ، فهذا لا حرج فيه ، ولا يعتبر غشاً ولا خداعاً .
أما اختلاف الثمن باختلاف قوة الطلب على السلعة فهذا هو الأمر الطبيعي ، وهو الذي يحقق العدل بين البائع والمشتري ، أن يتحدد الثمن بناء على كثرة العرض والطلب .
وإنما يدخل الغش في ذلك والخداع بإيهام المشتري أن السلعة ثمنها كذا وسيكون عليها تخفيض كذا ، ويكون ثمن السلعة في السوق أقل مما قاله البائع .
فيتم خداع المشتري بذلك ، أو توصف له السلعة ويبالغ في أوصافها وهي ليست كذلك في الحقيقة .
وقد روى مسلم (102) عن أبي هريرة رضي الله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ : ( مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي ) . رواه مسلم (102) .
وروى الحاكم (8795) عن أنس رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ :
( المكر والخديعة والخيانة في النار ) وصححه الألباني في "الصحيحة" (1057) .

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
" الأصل في الأثمان عدم التحديد سواء أكانت في بيع حالٍ أو مؤجل فتترك لتأثير العرض والطلب ، إلا أنه ينبغي للناس أن يتراحموا فيما بينهم ، وأن تسود بينهم السماحة في البيع والشراء ، وألا ينتهزوا الفرص لإدخال بعضهم الضيق في المعاملات على بعض . قال صلى الله عليه وسلم : ( رحم الله رجلا سمحاً إذا باع وإذا اشترى ) . فإذا انتهز إنسان فرصة الضيق وشدة حاجة أخيه إلى ما بيده وهو لا يجده عند غيره أو يجده ولكن تواطأ من في السوق من التجار على رفع الأسعار طمعاً في زيادة الكسب وغلواً فيه : حَرُمَ على من بيده السلعة أن يبيعها على من اشتدت حاجته إليها بأكثر من ثمن مثلها حالاًّ في البيع الحال ، وثمن مثله مؤجلاً في المؤجل ، وعلى من حضر ذلك أن يساعد على العدل ، ويمنع من الظلم ، كلٌ على قدر حاله وفي درجته التي تليق به من درجات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . والحال الراهنة وقت البيع والشراء هي التي تحدد ثمن المثل ، فلكل سوق سعره ، ولكل وقت سعره ، ولكل حال من كثرة العرض وقلته وقلة الطلب وكثرته سعرها " انتهى .
"فتاوى إسلامية" (2 /739) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : أنا أبيع ساعات وغيرها ، فإذا كان مثلاً سعر الساعة مائة وخمسين ريالاً فيأتيني رجل فأبيع عليه بمائة وخمسة وأربعين ريالاً ، ويأتيني آخر فأبيعها بمائة وخمسة وثلاثين ريالاً نقداً ، ويأتيني صديق ، وبحكم الصداقة أعطيها له بمائة وخمسة وعشرين ريالاً ، فهل هذا البيع جائز وفقكم الله ؟
فأجاب :
" الواجب على المؤمن ألا يخدع الناس ، بل يتحرى السعر المناسب الذي لا يضر الناس ، فإذا كان سعر الساعات مائة وخمسين مثل ما يبيع الناس أمثالها ، ولكنه تنازل إلى بعض الناس إذا ألح ، أو لكونه صديقاً أو قريباً ، لا حرج في ذلك ، كونه يتنازل لبعض الأصدقاء ويبيع بأقل من السعر المعتاد لا حرج في ذلك .
أما كونه يغش الناس ، فإذا رأى الضعيف الجاهل زاد عليه ، وإذا رأى الحاذق البصير أعطاه السعر المعتاد ، هذا لا يجوز له ، بل يجب عليه أن يلاحظ الجاهل كما يلاحظ الآخر ، فيبيع بالسعر المعقول للجميع ، لا يغش به أحداً ، ولا يخون به أحداً ، بل يبيع بالسعر المعروف الذي يبيع به الناس ، حتى لا يخدع الناس ، وإذا ترك لبعض المحبين أو بعض الأصحاب أو بعض الأقارب شيئاً أو أعطاه هدية بدون ثمن فلا بأس ، هذا إليه .
ولكن لا يتحرى أن يظلم الجهال والذين لا يعرفون الأسعار فيبيع عليهم بأسعار زائدة ، بل يجب عليه أن يكون سعره مطرداً مثل ما يبيع الناس مع الحاذق ومع غير الحاذق ، هذا هو الواجب عليه ، أما كونه يتنازل لبعض الناس فهذا لا بأس به " انتهى .
"فتاوى نور على الدرب" (3/1432) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
ما الحكم في تاجر يبيع الأشياء بأسعار مختلفة للناس ولو كانت السلعة هي نفسها ، فيبيعها لواحد مثلا بعشرة ريالات وللآخر بعشرين ولثالث بخمسة ؟ وهل مثل هذا يجوز أم لا ؟
فأجاب رحمه الله تعالى : " إذا كان هذا الاختلاف بسبب اختلاف السوق وأن هذه السلعة تزداد يوما وتنقص يوما فهذا لا بأس به أن يبيع بسعر السوق وليس في ذلك محظور .
وأما إذا كان هذا الخلاف فيما يبيع به إنما هو من أجل شطارة المشتري وكونه جيداً في المماكسة أو غير جيد ، فإذا رأى أنه غير جيد غلبه وإذا رأى أنه جيد نزل له ، فإن هذا لا يجوز لأنه من الغش وخلاف النصيحة ، وقد ثبت أن النبي عليه الصلاة والسلام من حديث تميم الداري أنه قال : ( الدين النصيحة ، لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) وكما أنه لا يرضى أن يفعل به أحد مثل ذلك فكيف يرضى لنفسه أن يفعله في إخوانه المسلمين ؟ ! فالواجب أن يكون بحسب ما تقتضيه الأسعار في المكان الذي هو فيه ، وألا يجعل لهذا سعراً ولهذا سعراً بسبب غباوة المشتري . أما كونه يحابي بعض أصحابه وبعض أصدقائه في التنزيل من الثمن فهذا لا بأس به ولا حرج عليه ، أو كونه يبيع السلعة بما تساوي في الأسواق ثم يأتي رجل يلح عليه في المماكسة والتنزيل حتى ينزل له فإن هذا لا يضره ؛ لأنه ما خرج عن السعر المعتاد " انتهى .
"فتاوى نور على الدرب" (254 /6) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب