لا يصح الاستدلال بنهي النبي صلى الله عليه وسلم المرأة المحرمة أن تلبس النقاب على  أن وجه المرأة ليس عورة . 
 وبيان ذلك : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر المرأة المحرمة بكشف وجهها ،  وإنما نهاها عن لبس النقاب ، وفرق بين الأمرين ، فإنها لا تلبس النقاب ولكن تستر  وجهها بغير النقاب ، كالسدال أو الطرحة . 
 وهذا ، كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل المحرم أن يلبس القميص ، فليس معناه  أن يمشي عارياً ، بل يستر بدنه بغير القميص ، كالإزار والرداء . 
 ولهذا كانت النساء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يغطين وجوههن في الإحرام بغير  النقاب ، إذا كُنَّ قريبات من الرجال . 
 فعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : ( كنا نغطي وجوهنا من الرجال في  الإحرام ) رواه الحاكم ، وقال : حديث صحيح على شرط الشيخين ، ووافقه الذهبي ، قال  الألباني : " إنما هو على شرط مسلم وحده "  انتهى .
"حجاب المرأة المسلمة" (ص108) .  
 وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ  مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمَاتٌ ، فَإِذَا  حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا ،  فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ ) رواه  أحمد (23501) وأبو داود (1833) ،  قال الألباني : " سنده حسن من الشواهد ، ومن شواهده حديث أسماء المتقدم "  انتهى .
"حجاب المرأة المسلمة" (ص107) .  
 ولهذا قال من قال من العلماء : إن وجه المرأة كبدن الرجل ، أي أنها تستره ولكن بغير  النقاب .
 قال ابن القيم رحمه الله في "بدائع الفوائد" (3/664) : " وأما المرأة المحرمة فإن  النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لها كشف الوجه في الإحرام ولا غيره ، وإنما جاء  النص بالنهي عن النقاب خاصة ، كما جاء بالنهي عن القفازين ، وجاء النهي عن لبس  القميص والسراويل ، ومعلوم أن نهيه عن لبس هذه الأشياء لم يُرِدْ أنها تكون مكشوفة  لا تستر البتة ، بل قد أجمع الناس على أن المحرمة تستر بدنها بقميصها ودرعها ، وأن  الرجل يستر بدنه بالرداء ، وأسافله بالإزار ، مع أن مخرج النهي عن النقاب والقفازين  والقميص والسراويل واحد ، وكيف يزاد على موجب النص ويفهم منه أنه شرع لها كشف وجهها  بين الملأ جهاراً ، فأي نص اقتضى هذا أو مفهوم أو عموم أو قياس أو مصلحة ! بل وجه  المرأة كبدن الرجل يحرم ستره بالمُفَصَّل على قَدْرِه كالنقاب والبرقع ، بل  وكيَدِها يحرم سترها بالمُفَصَّل على قَدْرِ اليد كالقفاز ، وأما سترها بالكم وستر  الوجه بالملاءة والخمار والثوب فلم ينه عنه البته .
 ومن قال : إن وجهها كرأس المحرم ، فليس معه بذلك نص ولا عموم ، ولا يصح قياسه على  رأس المحرم ، لما جعل الله بينهما من الفرق .
 وقول من قال من السلف : إحرام المرأة في وجهها ، إنما أراد به هذا المعنى ، أي : لا  يلزمها اجتناب اللباس كما يلزم الرجل ، بل يلزمها اجتناب النقاب فيكون وجهها كبدن  الرَّجل ، ولو قُدِّر أنه أراد وجوب كشفه فقوله ليس بحجة ، ما لم يثبت عن صاحب  الشرع أنه قال ذلك وأراد به وجوب كشف الوجه ، ولا سبيل إلى واحد من الأمرين " انتهى .  
 وقال أيضاً في حاشيته على مختصر سنن أبي داود : 
 "وأما نهيه صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر المرأة أن تنتقب ، وأن تلبس  القفازين ، فهو دليل على أن وجه المرأة كبدن الرجل لا كرأسه ، فيحرم عليها فيه ما  وضع وفُصَّل على قَدْر الوجه ، كالنقاب والبرقع ، ولا يحرم عليها سترة بالمقنعة  والجلباب ونحوهما ، وهذا أصح القولين .
 فإن النبي صلى الله عليه وسلم سَوَّى بين وجهها ويديها ، ومنعها من القفازين  والنقاب ، ومعلوم أنه لا يحرم عليها ستر يديها ، وأنهما كبدن المحرم ، يحرم سترهما  بالمُفَصِّل على قَدْرِهما ، وهما القفازان ، فهكذا الوجه ، إنما يحرم ستره بالنقاب  ونحوه ، وليس عن النبي صلى الله عليه وسلم حرف واحد في وجوب كشف المرأة وجهها عند  الإحرام ، إلا النهي عن النقاب ، وهو كالنهي عن القفازين ، فنسبة النقاب إلى الوجه  كنسبة القفازين إلى اليد سواء وهذا واضح بحمد الله .
 وقد ثبت عن أسماء أنها كانت تغطي وجهها وهي محرمة ، وقالت عائشة كانت الركبان يمرون  بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا  جلبابها على وجهها فإذا جاوزونا كشفنا ذكره أبو داود "  انتهى .
 وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم نهي  المرأة [المحرمة] عن تغطية وجهها ، وإنما ورد النهي عن النقاب ، والنقاب أخص من  تغطية الوجه ، لكون النقاب لباس الوجه ، فكأن المرأة نهيت عن لباس الوجه ، كما نهي  الرجل عن لباس الجسم " انتهى .
"الشرح الممتع" (7/165) .  
 وبهذا يظهر أن القول بأن المرأة المحرمة أُمرت بكشف وجهها ، غير صحيح . 
 وعليه ؛ فالاستدلال بذلك على أن وجه المرأة ليس عورة غير صحيح أيضاً . 
 والله أعلم .