لا ينبغي للمسلم أن يعتقد ضررا في قراءة بعض سور القرآن ، ففي هذا الظن مخالفة لقول  الله سبحانه وتعالى : ( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ )  فصلت/44 ، ولا يعرف في كتب الفقهاء والعلماء ولا في آثار السلف  الصالحين من كان يحذر المرأة الحامل من قراءة سورة الزلزلة ، بل ما زال حفاظ القرآن  الكريم من الرجال والنساء يحرصون على ختم القرآن في مدة وردهم من غير استثناء شيء  منه ، والذي يجرؤ على التحذير من قراءة سورة معينة – ولو في حالة مخصوصة – فقد تجرأ  على أمر عظيم .
 نعم ، لا ينكر أن تكون هذه السورة أو غيرها مما له نفع في التيسير على الحامل أن  تضع حملها إذا ثبتت بذلك التجربة ، ولكن ذلك لا يستلزم العكس بإسقاط الحامل في أول  حملها ، وذلك لأن كلام الله عز وجل لا يكون فيه شر أو أذى بحال من الأحوال . 
 يقول ابن القيم رحمه الله :
 " كتاب لعسر الولادة : قال الخلال ، حدثني عبد الله بن أحمد قال : رأيت أبي يكتب  للمرأة إذا عسر عليها ولادتها في جام أبيض ، أو شيء نظيف ، يكتب حديث ابن عباس رضي  الله عنه : لا إله إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله رب العرش العظيم ، الحمد  لله رب العالمين ، ( كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ ) الأحقاف/35، ( كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها  ) النازعات/46 . 
 قال الخلال : أنبأنا أبو بكر المروزي ، أن أبا عبد الله جاءه رجل فقال : يا أبا عبد  الله ! تكتب لامرأة قد عسر عليها ولدها منذ يومين ؟ 
 فقال : قل له : يجيء بجام واسع ، وزعفران ، ورأيته يكتب لغير واحد ، ويذكر عن عكرمة  عن ابن عباس قال : مر عيسى صلى الله على نبينا وعليه وسلم على بقرة قد اعترض ولدها  في بطنها ، فقالت : يا كلمة الله ! ادع الله لي أن يخلصني مما أنا فيه .
 فقال : يا خالق النفس من النفس ، ويا مخلص النفس من النفس ، ويا مخرج النفس من  النفس ، خلصها . قال : فرمت بولدها فإذا هي قائمة تشمه . قال : فإذا عسر على المرأة  ولدها فاكتبه لها . وكل ما تقدم من الرقى فإن كتابته نافعة " انتهى. 
"زاد المعاد" (4/326)
 وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله السؤال الآتي :
 " هل هناك آيات واردة تقرأ بغرض تسهيل الولادة بالنسبة للمرأة ؟
 فأجاب رحمه الله تعالى : 
 لا أعلم في ذلك شيئاً من السنة ، لكن إذا قرأ الإنسان على الحامل التي أخذها الطلق  ما يدل على التيسير ، مثل : ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ  بِكُمُ الْعُسْرَ ) ويتحدث عن الحمل والوضع ، كقوله تعالى :( وَمَا تَحْمِلُ مِنْ  أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِه ) ، ومثل قوله تعالى : ( إِذَا زُلْزِلَتِ  الأَرْضُ زِلْزَالَهَا . وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا ) 
 فإن هذا نافع ومجرب بإذن الله ، والقرآن كله شفاء ، إذا كان القارئ والمقروء عليه  مؤمنا بأثره وتأثيره ، فإنه لا بد أن يكون له أثر ، لأن الله سبحانه وتعالى يقول :  ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا  يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً ) 
 وهذه الآية عامة : شفاء ورحمة ، يشمل شفاء القلوب من أمراض الشبهات ، وأمراض  الشهوات ، وشفاء الأجسام من الأمراض المستصعبات " انتهى.
"فتاوى نور على الدرب" (فتاوى العقيدة/العبادة) (شريط رقم/257، وجه أ )
 ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
 " وأما التجربة فإن كان المجرَّب له أصل فإن التجربة تكون تصديقاً له ، وإن لم يكن  له أصل فإن كانت هذه التجربة في أمور محسوسة فلا شك أنها عمدة ، وإن كانت في أمور  شرعية فلا ، القرآن الكريم الاستشفاء به له أصل ، قال الله تعالى : ( وَنُنَزِّلُ  مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) الإسراء/82  فله أصل ، فإذا جربت آيات من القرآن لمرض من الأمراض ونفعت صار هذا النفع تصديقاً  لما جاء في القرآن من أنه شفاء للناس .
 أما غير الأمور التعبدية فهذه خاضعة للتجربة بلا شك ، فلو أن إنساناً مثلاً له  بصيرة فيما يخرج من الأرض من الأعشاب ونحوها خرج إلى البر ، وجمَّع ما يرى أن فيه  مصلحة ، وجرب ، فإنه يثبت الحكم به " انتهى.
"اللقاء الشهري" (لقاء رقم/37، سؤال رقم/26) 
 والحاصل أن سور القرآن كلها لا تضر حاملا ولا مرضعا ولا غيرهما ، بل هي خير ونفع  وبركة على قارئها ومستمعها بإذن الله تعالى .
 والله أعلم .