الجمعة 17 شوّال 1445 - 26 ابريل 2024
العربية

الشرط الجزائي في عقد المقاولة والإنشاء

107208

تاريخ النشر : 23-05-2011

المشاهدات : 29047

السؤال

وقــَّعت عقدا مع شركة إنشاءات كي تبني لي بيتا ، من ضمن بنود العقد اشتراط عقوبة مالية على الشركة إن لم ينته البناء في مدة محددة ، هذه العقوبة محسوبة بالنسبة المئوية من قيمة العقد بصفة شهرية ، فهل يجوز قبول هذه العقوبة المالية أم أنها تعتبر ربا ؟

الجواب

الحمد لله.


الشرط الجزائي المأخوذ على المقاول والصانع ، بحيث يغرم في حال التأخير شرط صحيح جائز.
وإنما يكون الشرط ربا إذا كان الالتزام في الأصل دَيْناً ، كاشتراط غرامة التأخير على المشتري بالتقسيط ، أو على الشخص المستصنِع [مثلك أنت في هذا المثال] إذا تأخر في دفع ما عليه ؛ لأن ما عليهما هو من قبيل الدَّيْن ، فلا يجوز الزيادة عليه .
وقد جاء هذا مبينا في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثانية عشر بالرياض في المملكة العربية السعودية من 25 جمادى الآخرة 1421 هـ إلى غرة رجب 1421 هـ ( 23 – 28 سبتمبر 2000 م ) .
وفيه :
" أولا : الشرط الجزائي في القانون هو اتفاق بين المتعاقدين على تقدير التعويض الذي يستحقه من شرط له عن الضرر الذي يلحقه إذا لم ينفذ الطرف الآخر ما التزم به ، أو تأخر في تنفيذه .
ثانيًّا : يؤكد المجلس قراراته السابقة بالنسبة للشرط الجزائي الواردة في قراره في السَّلَم رقم 85 ( 2 / 9 ) ، ونصه : ( لا يجوز الشرط الجزائي عن التأخير في تسليم المسلم فيه ؛ لأنه عبارة عن دَيْن ، ولا يجوز اشتراط الزيادة في الدين عند التأخير) ، وقراره في الاستصناع رقم 65 (3/7) . ونصه : (يجوز أن يتضمن عقد الاستصناع شرطًا جزائيًّا بمقتضى ما اتفق عليه العاقدان ما لم تكن هناك ظروف قاهرة) ، وقراره في البيع بالتقسيط رقم 51 (2 / 6) ونصه : (إذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط بعد الموعد المحدد فلا يجوز إلزامه أي زيادة على الدين بشرط سابق أو بدون شرط ، لأن ذلك ربا محرم) .
ثالثًا : يجوز أن يكون الشرط الجزائي مقترنًا بالعقد الأصلي ، كما يجوز أن يكون في اتفاق لاحق قبل حدوث الضرر .
رابعًا : يجوز أن يشترط الشرط الجزائي في جميع العقود المالية ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دينًا ؛ فإن هذا من الربا الصريح .
وبناء على هذا ، فيجوز هذا الشرط – مثلا في عقود المقاولات بالنسبة للمقاول ، وعقد التوريد بالنسبة للمورد ، وعقد الاستصناع بالنسبة للصانع إذا لم ينفذ ما التزم به أو تأخر في تنفيذه .
ولا يجوز – مثلا – في البيع بالتقسيط بسبب تأخر المدين عن سداد الأقساط المتبقية سواء كان بسبب الإعسار ، أو المماطلة ، ولا يجوز في عقد الاستصناع بالنسبة للمستصِنع إذا تأخر في أداء ما عليه .
خامسًا : الضرر الذي يجوز التعويض عنه يشمل الضرر المالي الفعلي ، وما لحق المضرور من خسارة حقيقية ، وما فاته من كسب مؤكد ، ولا يشمل الضرر الأدبي أو المعنوي .
سادسًا : لا يعمل بالشرط الجزائي إذا أثبت من شرط عليه أن إخلاله بالعقد كان بسبب خارج عن إرادته ، أو أثبت أن من شرط له لم يلحقه أي ضرر من الإخلال بالعقد .
سابعًا : يجوز للمحكمة بناء على طلب أحد الطرفين أن تعدل في مقدار التعويض إذا وجدت مبررًا لذلك ، أو كان مبالغًا فيه " انتهى من "مجلة مجمع الفقه" عدد 12 مجلد 2 ص 303

ومنه يُعلم أن الغرامة إنما تكون على الضرر الفعلي ، وأن شركة المقاولة إذا أثبتت عدم لحوق الضرر بك ، أو أثبتت أن تأخيرها كان بأمر خارج عنها ، أنه لا يلزمها التعويض .

وأما تقدير العقوبة بنسبة مئوية من قيمة العقد بصفة شهرية ، فإذا كان هذا مساويا للضرر الفعلي المتوقع فلا بأس ، وإن كان أكثر من ذلك لم يجز لك - في حال وقوع التأخير - مطالبة الشركة بالقدر الزائد .

وقد جاء في قرار هيئة كبار العلماء في هذا الخصوص : " وإذا كان الشرط الجزائي كثيراً عرفاً بحيث يراد به التهديد المالي، ويكون بعيداً عن مقتضى القواعد الشرعية، فيجب الرجوع في ذلك إلى العدل والإنصاف على حسب ما فات من منفعة أو لحق من مضرة، ويرجع تقدير ذلك عند الاختلاف إلى الحاكم الشرعي عن طريق أهل الخبرة والنظر " انتهى من "فقه النوازل" (3/75).

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب