23

ما حكم أخذ البنك عمولة عند نقص الرصيد عن حد معين؟

السؤال: 607847

لديَّ حسابٌ مصرفيٌّ، في حال عدم الحفاظ على الحد الأدنى للرصيد وقدره ١٠٠٠ روبية، فإن البنك يفرض غرامة شهرية مقدارها ٢٥٠ روبية، وقد ترتبت عليَّ بسبب ذلك غرامةٌ بلغ مجموعها ٣٢٢٠ روبية.
فهل يجوز لي شرعًا أن آخذ من مال الربا الذي يحصل عليه صديقي من البنك نفسه لسداد هذه الغرامة؟ وجديرٌ بالذكر أنه لا توجد مصارف إسلامية في بلدي.

ملخص الجواب

يجوز أن تأخذ من صاحبك الفائدة الربوية لتسدد غرامات البنك، وأخذ البنك عمولة عند نقص الرصيد عن حد معين، فيه خلاف فقهي معتبر.

موضوعات ذات صلة

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

الإيداع في الحساب الجاري يكيف على أنه قرض من العميل للبنك.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم: 86 (3/ 9) بشأن الودائع المصرفية (حسابات المصارف): "بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع الودائع المصرفية (حسابات المصارف)، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله:

الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية)، سواء أكانت لدى البنوك الإسلامية أو البنوك الربوية: هي قروض بالمنظور الفقهي، حيث إن المصرف المتسلم لهذه الودائع: يده يد ضمان لها، وهو ملزم شرعاً بالرد عند الطلب. ولا يؤثر على حكم القرض كون البنك (المقترض) مليئاً " انتهى.

ثانيا:

اختلف المعاصرون في أخذ البنك مبلغا عند نقص الرصيد فيه، على قولين:

الأول: الجواز، وبه أخذت الهيئة الشرعية للراجحي، ونص قرارها على أنه "لا مانع من أن تأخذ الشركة رسما معلوما، من أصحاب الحسابات الجارية، كلهم أو بعضهم، مقابل الخدمات المتاحة، مما يتعلق بالسحب والإيداع، وعلى الشركة أن تبين ذلك للعملاء قبل العمل به" انتهى من "قرار الهيئة الشرعية ملصرف الراجحي" رقم (664)، في 28/ 02/1426 ه.

والثاني: المنع، وإليه ذهب بعض المعاصرين، منهم الدكتور أحمد سير مباركي، والشيخ عبد الله بن خنين، والدكتور سامي السويلم.

ويمكن الوقوف على أدلة الفريقين ومناقشتها، في: "العمولات المصرفية" للدكتور عبد الكريم بن محمد السماعيل، ص 224 - 235

ومن حجة من أجاز: أن للبنك أخذ أجرة على الخدمات التي يقدمها لعملاء الحساب الجاري، فله أن يخص بعض العملاء، وهم من نقص رصيدهم عن حد معين بأجرة زائدة.

ومن حجة من منع ذلك: أن العميل مقرض، والبنك منتفع بقرضه، والخراج بالضمان، فكما يستفيد البنك عند وجود الرصيد الكبير، فعليه أن يتحمل الكلفة عند قلة الرصيد، ولأن فرض هذه العمولة يخرج القرض عن كونه تبرعاً، إلى كونه معاوضة، وفي هذه الحالة يجب تطبيق أحكام عقد الصرف عليه من التقابض والمساواة؛ لأنه نقد بنقد.
ومن أوجه المنع: أن العميل سيسعى لتفادي هذه العمولة بزيادة الرصيد، أي بإقراض البنك، فيكون القرض جر نفعا له، وذلك ربا، فيحرم ما يؤدي إلى ذلك.

وهذا الخلاف إنما يتوجَّه ابتداءً إلى الجهة المصرفية، فهي المطالبة بتحقيق سلامة التكييف الشرعي لخدماتها، والالتزام بما تقرره هيئاتها الشرعية.

وأما صاحب الحساب الذي دخل في هذه المعاملة وهو على علمٍ مسبقٍ بهذا الشرط، فلا حرج عليه في سداد هذا المبلغ؛ لكونه مبنيًّا على اجتهاد فقهي معتبر قال به جمع من أهل العلم المعاصرين.

وعلى تقدير القول بعدم الجواز، فإن جهة المؤاخذة إنما تتوجه إلى المصرف الذي قرر هذا الشرط والتزم به في نظامه، لا إلى العميل الذي قبله تبعًا ولم يُنشئه ابتداءً.

غير أن الأولى، والأحوط للذمة، أن تعمل المصارف على اجتناب مثل هذه الشروط، وأن تفصل بوضوح بين الرسوم التي تُؤخذ مقابل خدمات مصرفية حقيقية، وبين ما قد يفضي – في صورته أو مآله – إلى شبهة الغرامة المشروطة على القرض.

ثالثا:

إذا ترتب عليك غرامات من هذه العمولة، وأراد من يتخلص من الربا إعطاءك قدرا هذه الغرامات، وكنت معسِرًا: فلا حرج عليك.

والفائدة مال خبيث حرام على كاسبه فقط، ولا يحرم على من أخذه منه بوجه مباح.

قال النووي رحمه الله في "المجموع" (9/ 428): " قال الغزالي: إذا كان معه مال حرام وأراد التوبة والبراءة منه: فإن كان له مالك معين وجب صرفه إليه أو إلى وكيله , فإن كان ميتا وجب دفعه إلى وارثه , وإن كان لمالكٍ لا يعرفه، ويئس من معرفته، فينبغي أن يصرفه في مصالح المسلمين العامة , كالقناطر والربط والمساجد ومصالح طريق مكة , ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه , وإلا فيتصدق به على فقير أو فقراء , وينبغي أن يتولى ذلك القاضي إن كان عفيفا، فإن لم يكن عفيفا لم يجز التسليم إليه , ... وإذا دفعه إلى الفقير لا يكون حراما على الفقير , بل يكون حلالا طيبا " انتهى.

وأما إن كان عندك مال؛ فليس لك أن تحمي مالك بالأخذ من هذه الفوائد؛ فهي مال خبيث، وإنما هي أوساخ الناس؛ فإن لم تكن مستحقا لها، فليس لك أن تستشرف إليها.

وانظر جواب السؤال رقم: (221424).

وعليك نصح صديقك أن يتوب من التعامل بالربا، وأن يقتصر على وضع المال في الحساب الجاري.

وينظر للفائدة جواب السؤال (226729)

والله أعلم

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android