هل يجوز له تنفيذ الوصية بالصدقة مع رفض أبناء الموصي؟

السؤال: 607782

لدي عم، قبل ١٥ سنة، سجل أرضا من أملاكه باسمي أنا، وقبل عام طلب مني أن أبيع قطعة الأرض، وأتصدق بثمنها عنه، ولكن أبناءه عندما علموا بالأمر طلبوا مني أن أعطيهم المبلغ بدل التصدق كما طلب مني عمي، وإنه عندما طلب عمي مني التصدق بالمبلغ لم يكن بشكل كتابي، أو شهود من أبناءه، وكان هناك فقط شخصان، ولكن دون سن البلوغ، مع العلم إن عمي عندما سجل الأرض باسمي فعلها بكامل إرادته، وأبناؤه يعلمون ذلك، الآن هل أتصدق بثمن الأرض، أم أرجع المبلغ إلي أبناءه؟

ملخص الجواب

إن كان عمك قد مات، وكان أوصاك أن تتصدق بثمن الأرض في حياته، فلم تفعل: فإن الأرض تعود للورثة، وإن كان أوصاك أن تتصدق بثمنها بعد موته، فإن الوصية تنفذ في حدود ثلث التركة.

موضوعات ذات صلة

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

قد ذكرت أن عمك وصاك قبل عام ببيع الأرض والتصدق بها عنه، ولم تذكر حاله الآن، هل هو حي أو ميت، أو هو حي ممنوع من التصرف، ففي المسألة تفصيل:

1-فإن كان حيا جائز التصرف، وهو العاقل الرشيد، فيمكنك الرجوع إليه لمنع النزاع بينك وبين أبنائه، ولك التصرف بمقتضى الوكالة دون الرجوع إليه.

والوكالة الشفهية كالمكتوبة، ولست بحاجة إلى شهود؛ لأن الأرض باسمك فلا يملك أبناء عمك مقاضاتك حتى تحتاج إلى بينة.

2-وإن كان عمك قد توفي، وقد أمرك أن تبيع الأرض وتتصدق بثمنها في حياته، فلم تفعل في حينه، وكان التقصير منك: فإن هذه الأرض تدخل في تركته، وتقسم على أولاده؛ لأن ملك الأرض باق لعمك ما لم ينتقل المال للفقراء.

وينظر: جواب السؤال رقم: (219759).

3-وإن طلب منك أن تتصدق بها بعد وفاته، فهذه وصية تنفذ في ثلث التركة فقط، وما زاد على الثلث فإنه يتوقف على إجازة الورثة.

فينظر في مجموع أملاكه، وفي هذه الأرض، فإن كانت الأرض لا تزيد عن ثلث أملاكه، لزمك إنفاذ الوصية وعدم الالتفات إلى رغبة أولاده؛ فإن الوصية يجب تنفيذها، ويحرم تغييرها أو تبديلها، وهي مقدم على الإرث بالإجماع.

قال تعالى في قسمة المواريث: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ) النساء/11

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (2/ 201) " الدين مقدم على الوصية، وبعده الوصية، ثم الميراث، وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء " انتهى.

وقال القرطبي في تفسيره (5/ 61) " ولا ميراث إلا بعد أداء الدين والوصية، فإذا مات المتوفى أخرج من تركته الحقوق المعينات، ثم ما يلزم من تكفينه وتقبيره، ثم الديون على مراتبها، ثم يخرج من الثلث الوصايا، وما كان في معناها، على مراتبها أيضاً، ويكون الباقي ميراثاً بين الورثة " انتهى.

وقال سبحانه: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ * فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة/180، 181

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (1/ 495):

"وقوله: فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه يقول تعالى: فمن بدل الوصية وحرفها، فغير حكمها وزاد فيها أو نقص -ويدخل في ذلك الكتمان لها بطريق الأولى.

فإنما إثمه على الذين يبدلونه: قال ابن عباس وغير واحد: وقد وقع أجر الميت على الله، وتعلق الإثم بالذين بدلوا ذلك.

إن الله سميع عليم أي: قد اطلع على ما أوصى به الميت، وهو عليم بذلك، وبما بدله الموصى إليهم" انتهى.

4-وإن كان عمك حيا ممنوعا من التصرف، لفقد عقله، وأراد منك التصدق في حياته، فإن الأرض تبقى ملكا له، ولا يجوز التصرف فيها، ولا في شيء من ماله؛ إلا في مصلحته، والإنفاق على من تلزمه نفقته.

وينظر: جواب السؤال رقم: (524069).

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android