ما حكم سؤال السمسار عن تفاصيل العقار، ثم إعطاء هذه التفاصيل لسمسار آخر؟

السؤال: 602375

في المدينة التي نحن فيها، ببحث عن شقة على الجروبات الخاص بالمدينة، لو لقيت سمسار عرض شقة على الإنترنت، بأخذ صور الشقة التي هو عارضها، وابعتها لسمسار تبعي، وبأساله لو معه الشقة هذه يروح يفرجنا عليها، فهل هذا جائز؟ أم لا لابد أني أتعامل مع السمسار إن هو عارضها على الإنترنت، مع العلم إنني ساعات أسأل السمسار الذي على النت عن التفاصيل الشقة، ويبعثها لي، بس لا أتعامل معه.

ملخص الجواب

لا يجوز سؤال السمسار عن تفاصيل الشقة، ثم إعطاء هذه التفاصيل لسمسار آخر.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

إذا عرض سمسار شقة على الإنترنت، فلا حرج في أخذ بياناتها، وعرضها على سمسار آخر وسؤاله: هل هذه الشقة عنده أم لا؟

وليس في هذا اعتداء على حق الأول؛ لأن عادة السماسرة جارية بأن السمسار الثاني والثالث لا بد أن يرجع إلى الأول، وأن تتم الصفقة عن طريق الأول وبعلمه، ويأخذ الثاني جزءا من العمولة، وهو جزء متعارف عليه كذلك.

ومعلوم أن السمسار لا يضع في الإعلان العام كثيرا من التفاصيل، كهاتف صاحب العقار، وموقع الشقة، حتى لا يتجاوزه الزبائن، أو بعض السمسارة الذين لا يراعون العرف المهني.

والجاري في عرف السماسرة التحذير من الوسيط الذي يتجاوز السمسار الأول، ويجري الصفقة دون الرجوع إليه، وهذا عرف صحيح لما فيه من حفظ حق السمسار وجهده وتعبه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وإذا كان هناك عرف معروف أن الدلال يسلم السلعة إلى من يأتمنه، كان العرف المعروف كالشرط المشروط، ولهذا ذهب جمهور أئمة المسلمين: كمالك وأبي حنيفة وأحمد وغيرهم إلى جواز " شركة الأبدان "، كما قال ابن مسعود: اشتركت أنا وسعد بن أبي وقاص وعمار يوم بدر، فجاء سعد بأسيرين ولم أجئ أنا وعمار بشيء" انتهى من "مجموع الفتاوى" (30/ 98).

وقال رحمه الله: "كشركة الدلالين، وقد نص أحمد على جوازها، فقال في رواية أبي داود، وقد سئل عن الرجل يأخذ الثوب ليبيعه، فيدفعه إلى الآخر يبيعه، ويناصفه فيما يأخذ من الكراء؟ قال: الكراء للذي باعه؛ إلا أن يكون يشتركان فيما أصابا.

ووجه صحتها: أن بيع الدلال وشراءه بمنزلة خياطة الخياط، ونجارة النجار وسائر الأجراء المشتركين، ولكل منهم أن يستنيب، وإن لم يكن للوكيل أن يوكل" انتهى من الاختيارات الفقهية ضمن "الفتاوى الكبرى" (5/ 404).

ثانيا:

ما تعارف عليه السماسرة من كون السمسار الأول له النصيب الأكبر من العمولة، عرف صحيح يعمل به، سواء صرحوا به شرطا، أو لا؛ لأن شركة الدلالين داخلة في شركة الأبدان، والأصل في الشركة أن الربح بحسب الاتفاق، والمعروف عرفا كالمشروط شرطا.

قال ابن قدامة في "المغني" (5/ 6): " والربح، في شركة الأبدان على ما اتفقوا عليه، من مساواة أو تفاضل؛ لأن العمل يستحق به الربح، ويجوز تفاضلهما في العمل، فجاز تفاضلهما في الربح الحاصل به" انتهى.

وقال المرداوي في "الإنصاف" (5/ 463) نقلا عن الرعاية: "وإن اشتركا ابتداء في النداء على شيء معين، أو على ما يأخذانه، أو على ما يأخذه أحدهما من متاع الناس، أو في بيعه: صح. والأجرة لهما على ما شرطاه، وإلا استويا فيها" انتهى.

والمعروف عرفا كالمشروط شرطا.

ثالثا:

إذا سألتِ السمسار عن تفاصيل خاصة بالشقة، لم يعرضها على الإنترنت، فأفادك بها، فلا يجوز إعطاء هذه التفاصيل لسمسار آخر؛ لما في ذلك من خديعة السمسار الأول؛ لأنه لا يعطي التفاصيل إلا لزبون صادق في الشراء عن طريقه، ولاحتمال أن يتجاوز السمسار الثاني الأول، ويضيع عليه حقه، فتكونين قد أعنت على أكل الحق.

وقد قال صلى الله عليه وسلم: المكر والخديعة في النار رواه البيهقي في شعب الإيمان، وصححه الألباني في صحيح الجامع، ورواه البخاري في صحيحه معلقا بلفظ: الخديعة في النار، ومن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد .

وقال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ المائدة/2

رابعا:

لا يحل للسمسار الثاني أن يتجاوز الأول الذي أعلن عن بيع العقار، بل يجب إعطاؤه نصيبه من العمولة، وإذا جرى العرف أنه لا يباشر البيع إلا عن طريق الأول، لزمه التقيد بالعرف.

قال الدكتور عبد الله السيف حفظه الله في "الوساطة العقارية وتطبيقاتها القضائية" ص199:

"لو علم شخص برغبة المالك بالبيع عن طريق وسيط آخر؛ فتواصل مع المالك مباشرة، ليكون وسيطًا مباشرًا، بغية إسقاط حق الوسيط الأول من عوض الوساطة، مع أنه ما علم بنية المالك بالبيع إلا عن طريق هذا الوسيط، فالراجح أن الوسيط الأول مستحقّ شرعًا لجزء من عوض الوساطة؛ لأنه اشترك في العمل بإخباره الوسيط الثاني، والإخبار عمل، وله حق مطالبة المستفيد إذا علم بالحال" انتهى مختصرا.

فعلى السمسار أن يتقي الله تعالى، وأن يحذر الظلم وأكل المال بالباطل.

والحاصل:

أنَّ لك سؤالَ السمسار الذي في منطقتك، إن كانت الشقة عنده أو لا، وليس لك أخذ التفاصيل من سمسار وإعطائها لآخر.

والله أعلم

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android