هل يبطل صوم المرأة إذا احتشت بقطنة قبل الفجر وبقيت طوال اليوم؟

السؤال: 601858

إذا أدخلت المرأة قطنة في فرجها قبل الفجر، وبقيت طوال اليوم في الباطن هل يبطل صيامها ؟ أنا اتبع قول بطلان الصيام إذا أدخلتها بعد الفجر، لكن ماذا لو قبل الفجر وبقيت طوال اليوم؟

ملخص الجواب

احتشاء المرأة بقطنة في الليل، لا يفسد صومها، ما دامت القطنة باقية فيها، لم تنزعها بنفسها، حتى على مذهب الشافعية. بل أفتى بعض محققيهم: أنها لا تفطر، وإن نزعتها في النهار.

موضوعات ذات صلة

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

المشهور من المذاهب الأربعة أنه لا يبطل صومها. ويبدو أن السائلة شافعية فلا يبطل عندهم صومها أيضا؛ لأنها أدخلت القطن قبل الفجر، ولم تنزعه أثناء الصوم، فالصوم صحيح.

أما إذا أدخلته أثناء الصوم فإن صومها يفسد عند الشافعية.

ففي "المجموع شرح المهذب للنووي" (2/ 11):

"لَوْ ابْتَلَعَ ‌خَيْطًا ‌فِي ‌لَيْلَةٍ ‌مِنْ ‌رَمَضَانَ فَأَصْبَحَ صَائِمًا وَبَعْضُ الخيط خارج مِنْ فَمِهِ وَبَعْضُهُ دَاخِلٌ فِي جَوْفِه:

  1. فإن نَزَعَ الْخَيْطَ غَيْرُهُ فِي نَوْمِهِ أَوْ مُكْرِهًا لَهُ لَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهُ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ.
  2.  وَإِنْ بَقِيَ الْخَيْطُ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ لِاتِّصَالِهِ بِالنَّجَاسَةِ وَيَصِحُّ صَوْمُهُ.
  3. وَإِنْ نَزَعَهُ أَوْ ابْتَلَعَهُ بَطَلَ صَوْمُهُ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ" انتهى.

ففي الحالة الثانية يصح صومُهُ مع كون الخيط بعضُهُ داخل جوفه وبعضُهُ خارج فمه، فمن باب أولى لو كان جميع الخيط داخل جوفه، كما في مسألتنا.

أما لو أدخلت القطن في أثناء صومها  فسد صومها.

ومن أوسع المذاهب في المفطرات الشافعية؛ وهم يرون أن فرج المرأة الظاهر والباطن من الجوف، ودخول أي شيء في الفرج أثناء الصوم يفسده .

ومن المفطرات عندهم:

وصول عين إلى الجوف من منفذ مفتوح:

والمقصود بالعين: أي شيء تراه العين. والجوف: هو الدماغ أو ما وراء الحلق إلى المعدة والأمعاء.

والمنفذ المفتوح: هو الفم والأذن والقبل والدبر من الذكر والأنثى.

انظر: "منهاج الطالبين" (ص: 75)، "منهج الطلاب" (ص: 39)، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (2/84).

والمختار في مذهب الحنفية أنه لا يفسد الصوم إدخال المرأة شيئا في فرجها، إلا إذا كان مبتلاًّ بالماء والدهن.

جاء في "الفتاوى الهندية الحنفية" (1/ 204):

"ولو أدخل أصبعه في استه، أو المرأة في فرجها: لا يفسد، وهو المختار إلا إذا كانت مبتلة بالماء أو الدهن، فحينئذ يفسد لوصول الماء أو الدهن هكذا في الظهيرية" انتهى.

وفي "البحر الرائق" لابن نجيم الحنفي (2/300): «... أو أدخلت المرأة في فرجها هو المختار، إلّا إذا كانت الإصبع مبتلة بالماء أو الدهن: فحينئذ يفسد؛ لوصول الماء أو الدهن.

وقيل: إنّ المرأة إذا حشت الفرج الداخل فسد صومها» .

وفي "تبيين الحقائق" الحنفي (1/322) : «لو أدخلت الصائمة إصبعها في فرجها أو دبرها لا يفسد على المختار، إلا أن تكون مبلولة بماء أو دهن ...

واختلفوا في الإقطار في قُبُلِها، والصحيح الفطر».

ومثلهم المالكية في المشهور عندهم فلا يفسد الصوم إلا بإدخال مائع ولا يفسد بإدخال جامد.

جاء في "حاشية الدسوقي" المالكي (1/ 533): وحقنة من إحليل - أي لا تفطر -؛ لأنها لا تصل لمعدته، وأما من الدبر، أو فرج المرأة فتوجب القضاء، إذا كانت بمائع، لا بجامد انتهى.

وأما الحنابلة، فعندهم: لا يفسد صومها مطلقا، لو أولجت في فرجها شيئا، لأن الفرج في حكم الظاهر كالفم.

جاء في "شرح المنتهى" للبهوتي الحنبلي (1/ 482):

"(ولا) يفسد صوم (بفصد)... (أو دخل في قبل) كإحليل، (ولو) كان القبل (لأنثى)، أي: فرجها، (غيرَ ذكرٍ أصلي)، كأصبع وعود ... = لم يفسد صومها؛ لأن مسلك الذكر من فرجها في حكم الظاهر، كالفم لوجوب غسل نجاسة" انتهى.

وفي "كشاف القناع" الحنبلي (2/ 325) : "لو أولج أصبعه في قبلها: فإنه لا يفسد صومها" انتهى.

والحاصل:

أنه في صورة السؤال: لم يفسد الصوم، حتى على مذهب الشافعية؛ لأنها لم تخرج القطنة أثناء الصوم.

بل أفتى بعض فقهاء الشافعية، ومحققي المتأخرين: أنها لا تفطر، ولو أخرجت القطنة التي أدخلتها من الليل.

وقد سئل أبو عمرو ابن الصلاح، رحمه الله:

«مَسْأَلَة: امْرَأَة ظهر لَهَا انْقِطَاع الْحيض بِاللَّيْلِ فِي شهر رَمَضَان ثمَّ انها تحملت ‌قطنة احْتِيَاطًا ونوت الصَّوْم وأخرجت ‌القطنة بعد طُلُوع الْفجْر وَلم تَرَ أثرا فَهَل يضر هَذَا الاستخراج فِي الصَّوْم وَكَذَا اذا أدخلت أصبعها الى بَاطِن ‌الْفرج عِنْد الِاسْتِنْجَاء هَل يكون ذَلِك كوصول شَيْء من الإحليل أم لَا؟".

أجَاب رضي الله عنه: يَنْبَغِي أَن يكون مخرجا على الْخلاف فِي أَن اقتلاع النخامة من الْبَاطِن؛ هَل يلْتَحق بالقيء، والإفطار.

وَالْأولَى: أَن لَا ‌يفْطر.

وَإِدْخَال إصبعها الى بَاطِن ‌الْفرج ‌مفطر كَمَا فِي مثله فِي المقعدة وَالله أعلم». انتهى، من "فتاوى ابن الصلاح" (1/ 268).

وقرره الفقيه ابن حجر الهيتمي، رحمه الله، في فتوى طويلة له، جاء فيها:

" (وسئل) رضي الله عنه عن شخص أدخل في الليل من رمضان ‌قطنة في إحليله احتياطا للبول ثم نزعها بعد أن أصبح فهل هذه كمسألة الخيط أو بينهما فرق؟

"(فأجاب) بقوله أفتى بعض المتأخرين بأنه لا ‌يفطر بنزعها قال وليست هذه كمسألة الخيط؛ لأن إخراجه عمدا استقاءة ..".

ثم نقل في آخر كلامه فتوى ابن الصلاح، ثم قال:

"ووجه تردده وإن صحح ما يوافق ما مر استلزام إخراج ‌القطنة من المرأة لإدخال أصبعها غالبا، وتخريجه على ما ذكره وجهه أن الحاجة تدعو إلى كل منهما فاحتمل أن يقال إن المنافي يغتفر فيهما لأجل ذلك". انتهى، من "الفتاوى الكبرى الفقهية" (2/ 73).

ثانيا:

الراجح، والله أعلم، في مثل هذه الصورة: أنها ليست أكلاً، ولا شرباً، ولا بمعنى الأكل والشرب، والشارع إنما حرم علينا الأكل والشرب، أو ما كان بمعناه.

ثم هي أيضاً لا يصل إلى المعدة محل الطعام والشراب، والطب الحديث قد أثبت أن فرج المرأة لا يتصل بالجهاز الهضمي البتة ، ولذلك لا يعد ما يدخل فرج المرأة مفطراً .

"مجموع فتاوى العُثيمين" (19/205)، "الشرح الممتع" (6/ 371)، إجابة رقم: (22927)، (234124).

وقد سئلت اللجنة الدائمة برقم (9881):

إذا أدخلت المرأة أصبعها للاستنجاء في الفرج، أو لإدخال مرهم أو قرص لعلاج أو بعد كشف أمراض النساء حيث تدخل الطبيبة يدها أو جهاز الكشف، هل يجب على المرأة الغسل؟ وإن كان هذا في نهار رمضان هل تفطر ويجب عليها القضاء؟

فأجابت: "إذا حصل ما ذكر فلا يجب غسل جنابة،  ولا يفسد به الصوم" انتهى.

وجاء في "قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي" قرار رقم: 93 (1/10) أن التقطير في فرج المرأة غير مفسد للصيام، وكذلك التحاميل المهبلية وضخ صبغة الأشعة، وهو ما قرره مجمع الفقه الإسلامي. فقد أثبت الطب الحديث أنه لا منفذ بين الجهاز التناسلي للمرأة، وبين الجهاز الهضمي.  انظر: "مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (رقم: 10).

والحاصل:

أن احتشاء المرأة بقطنة في الليل، لا يفسد صومها، ما دامت القطنة باقية فيها، لم تنزعها بنفسها، حتى على مذهب الشافعية. بل أفتى بعض محققيهم: أنها لا تفطر، وإن نزعتها في النهار.

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android